ما زالت زيارة وفد ديني درزي سوري إلى إسرائيل، تثير جدلًا على وسائل التواصل الاجتماعي بين السوريين، خصوصًا وأنّ توقيتها تزامن مع التصعيد في الساحل من جهة ومحاولات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لاستمالة الطائفة الدرزية جنوب سوريا من جهة أخرى، وحديثه عن حمايتها من جهة ثالثة.زيارة الدروز إلى إسرائيلوقام بالزيارة نحو 100 رجل دين درزي من محافظة القنيطرة في جنوب سوريا عبر الحدود، من دون تنسيق مع دمشق أو الحصول على موافقة الحكومة. واعتبرت هذه الزيارة تاريخية كونها غير مسبوقة منذ 5 عقود، وعلى الرغم من التبريرات وأنّ الغرض منها كان دينيًا وأنها كانت تلبية لدعوة وجهها الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل الشيخ موفق طريف، لأنها لم تكن مقنعة لكثيرين وأحدثت انقسامًا داخل البيت الدرزي. أهداف دينيةوقال المدير العام للمجلس الديني الدرزي الأعلى رائد شنان، إنّ الشيخ موفق طريف أكد من اليوم الأول أنّ هذه الزيارة دينية إنسانية بحتة لا علاقة لها بالأمور السياسية. وأضاف شنان في حديثه لبرنامج "المشهد الليلة" مع الإعلامية آسيا هشام، أنّ الظروف في الأشهر الأخيرة بعد الأحداث في سوريا حالت دون أن تتم هذه الزيارة وهذا ما حصل مؤخرًا.وأكد أن هذا مطلب تطالب به الطائفة الدرزية منذ عشرات الأعوام ليس فقط في هذا الظرف، و"حدث في القرن الماضي بعد الحرب الأهلية في لبنان عندما حكمت إسرائيل الجنوب اللبناني على مدار عقدين من الزمن، كانت هناك زيارات متبادلة. هذا شيء طبيعي". تسييس الزيارة وتابع شنان، "لا أدري ما هي غاية أولئك الأشخاص الذين دائمًا ما يحاولون تسييس الأمور. يبدو أنّ من يعارض الزيارة هو من يسيّس الأمور". واعتبر أنّ الغاية من الزيارة هي دينية فقط، وأنّ المقام المقدس للطائفة الدرزية في العالم هو مقام النبي شعيب عليه السلام في حبطين، وهو أقدس مكان لها. وأكد أنّ كل درزي موحد في العالم، عيونه ترنو إلى هذا المقام مثل المسلمين الذين يؤدون الحج إلى مكة المكرمة، والمسيحيين الذين يزورون بيت لحم، واليهود الذين يزورون حائط المبكى. وقال شنان إنّ الشروعات السموية تشرّع هذا الأمر، مضيفًا، "للأسف السياسات بين الدول هي التي قطّعت أواصر العلاقات بين أبناء طائفة الموحدين الدروز إن كانت في إسرائيل أو سوريا أو لبنان". ولفت إلى أنّ هناك لقاءات في الزيارة جمعت أقارب من الدرجة الأولى بين بعضهم البعض بعد أكثر من 50 عامًا من الفراق.ازدواجية المعاييرمن جهته، قال الأكاديمي والباحث السياسي الدكتور مهيب صالحة، إنه منذ سقوط النظام السوري السابق في 8 ديسمبر، وسوريا تعيش مخاضًا عسيرًا ومرحلة انتقالية معقدة ومركبة يتدخل فيها الداخل والخارج وتعلو فيها النبرة الطائفية مع إعلان دستوري حوله خلافات كثيرة. وأكد أنّ العلاقة بين سوريا وإسرائيل لا تزال علاقة عداء، معتبرًا أنّ توجّه وفد من السوريين الدروز إلى إسرائيل تحت أيّ ذريعة سواء كانت دينية أو غير ذلك، له أبعاد سياسية خطيرة. وأضاف صالحة أنه بالحديث عن إعادة ترتيب الشرق الأوسط "علينا أن ننتظر ربما يعيد رئيس الولايات المتحدة طرح صفقة القرن، لنرى إذا كان هناك عملية السلام عادلة في المنطقة تأخذ سوريا وغيرها من الدول العربية لحالة من السلام". ولفت إلى أنه قبل تطبيق اتفاقية السلام بين البلدين، فإنّ أيّ زيارة هي "تطبيع قبل السلام وهذا خطير جدًا". وشدد صالحة على أنّ سوريا تمرّ الآن في مرحلة انتقال سياسي في وإعادة بناء للدولة، وإلى أن تتاح الفرص لإعادة بنائها، فإنّ الإدارة الجديدة سوف تتفهم مسألة إعادة ترتيب منطقة الشرق الأوسط من الناحيتين السياسية والاقتصادية ومن ناحية السلام. وأشار إلى أنّ التوجه العام من قبل الإدارة السياسية السورية هي نحو السلام.درعا أيضاوبيّن شنان أنّ الجنوب السوري يشمل أيضًا محافظة درعا، متسائلًا "لماذا يركّز الإعلام فقط على طائفة الموحدين الدروز، في حين أنّ درعا يوجد لها علاقة أخرى مع إسرائيل". وطالب أبناء طائفة الموحدين الدروز في إسرائيل زيارة الأماكن المقدسة في لبنان وفي سوريا، مؤكدًا أنّ "هذا حق شرعي وطبيعي لكل إنسان وفق ديانته". وأشار شنان إلى أنه بالنسبة للشيخ موفق طريف، فهو لا يتعاطى السياسة وهو شيخ روحي "ولكنه قالها بالحرف الواحد عند استقبال الوافد، أنه يقوم بواجبه تجاه أبناء طائفته أينما كانوا". وأوضح أنه كرجل دين، له واجبات وعليه العمل بكل ما أوتي من قوة وقدرات محليًا وإقليميًا ودوليًا لمساندة الدروز على الأصعدة كافة. خلاف درزي درزي وقال صالحة إنّ الوضع حاليًا حرج جدًا والنبرة الطائفية هي التي تعلو فوق النبرات الوطنية، لافتًا إلى أنّ الزيارة من هذا النوع الآن ستُحدث انشقاقًا داخل الطائفة من جهة، وأيضًا داخل المنطقة التي خرجوا منها. وأشار إلى أنّ سكان منطقة حضر، أصدروا بيان إدانة لهذه الزيارة وتوقيتها، لأنها لا تخدم الطائفة الدرزية ولا تخدم الحالة الوطنية في مسألة بناء الدولة. وتابع، "إسرائيل دائمًا لا تدعو للسلام.. إذا أرادت أن تصنع سلامًا مستدامًا في المنطقة، عليها أن تقابل هذه الفرص وأن تدعو إلى السلام العادل، عندئذ تصبح الزيارات معقولة ومشروعة سواء زيارات دينية أو رجال أعمال أو من قبل سياسيين أو مثقفين". وقال صالحة، "نحن ندعو إلى عملية سلام عادلة في منطقة الشرق الأوسط في إطار إعادة ترتيب هذه المنطقة". (المشهد)