كجزء من إستراتيجية أوسع لمواجهة إيران، خصوصا "حزب الله" الذي نمت قواته بشكل كبير قرب الحدود الإسرائيلية مع لبنان، يبدو أن المواجهة القادمة للنفوذ الإيراني في سوريا أصبحت حتمية. هذا ما كشفت عنه صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، مُتسائلة عن تأخر تل أبيب في مواجهة هذا النفوذ ومكتفية بتنفيذ غارات جوية على أهداف إيرانية في سوريا. وأوضحت الصحيفة أن تفاصيل الإستراتيجية الإسرائيلية لوقف النفوذ الإيراني في سوريا تغيرت ديناميكيتها خصوصا بعد هجوم 7 أكتوبر على وجه الخصوص. فيما اتخذت إسرائيل موقفا تصعيديا أكبر حينما استهدفت شحنات الأسلحة في الداخل السوري وقامت باغتيال شخصيات قيادية لـ"حزب الله"، بحسب الصحيفة. هذا التحول يمثل بدوره وفق مراقبين ابتعادا عن الإستراتيجيات السابقة التي كانت تتجنب فيها إسرائيل المواجهة المباشرة مع "حزب الله". ومنذ أكتوبر نفذت إسرائيل 180 غارة في سوريا وهي زيادة ملحوظة مقارنة بالسنوات السابقة، حيث تكشف فعالية الحملة الجوية الإسرائيلية نتائج مختلفة، فرغم أنها تمكنت من ضرب مخازن أسلحة ومنع الإمدادات إلا أنها لم تستطع منع بناء البنية العسكرية لـ"حزب الله" الذي يعد أكبر قوة عسكرية غير نظامية في العالم. وقد تشمل هذه الإستراتيجية توسيع الضربات الإسرائيلية لسوريا لتعطيل "حزب الله" بشكل أكبر وبينما يستمر النزاع مع "حماس" في غزة يبقى الموقف الإسرائيلي هش، وفق الصحيفة، للموازنة بين الأهداف العسكرية والأهداف الإستراتيجية الأوسع في المنطقة.استهداف إمدادات الأسلحةوفي التفاصيل قال الخبير العسكري الأردني، العقيد نضال أبو زيد، إن الإرث الأمني الذي خلفته الثورة السورية جعل هناك انكفاءا لأجهزة النظام السوري في الداخل وسمح لأذرع إيران بالانتشار في المناطق السورية المختلفة، خصوصا المنطقة الشرقية. وكشف أبو زيد في مقابلة مع قناة "المشهد" أن هذا الانتشار سمح بخلق مسار بري من إيران إلى لبنان، لافتا إلى زيادة معدلات توريد الأسلحة الإيرانية إلى "حزب الله". وأضاف: "إذا ما تتبعنا خارطة انتشار الميليشيات التابعة لإيران بداية من مناطق البوكمال وحتى مناطق شرق سوريا سنجد أن طهران خلقت مسار طويل لتوصيل الأسلحة لـ (حزب الله)"، لافتا إلى أنه بالنظر إلى الضربات الإسرائيلية على سوريا سنجد أنها استهدفت تلك المناطق. وتطرّق الخبير العسكري الأردني إلى الحديث عن التغير في نوعية الضربات الإسرائيلية على الأهداف الموالية لإيران في سوريا حيث زادت من حيث الكم والكيف.وردًا على سؤال حول ما إذا كانت إستراتيجية إسرائيل قد فشلت في سوريا، رأى أبو زيد أنّ تل أبيب لم يكن لديها إستراتيجية واضحة تجاه سوريا باستثناء عمليات استخبارات لرصد الأوضاع هناك ومتابعة احتمالية نقل الأسلحة عبر الأراضي السورية إلى لبنان. وأشار إلى أنّ إسرائيل كانت تستهدف مخازن الأسلحة وإمدادات وكلاء إيران في المنطقة، لافتا إلى إلى التعامل الإسرائيلي مع الأوضاع في سوريا كان وقتيا. وقال إنّ سوريا منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، نأت بنفسها عن الدخول كطرف في الصراع وبدا ذلك واضحا من الضربات الإسرائيلية على سوريا والتي كانت تستهدف في الأساس المناطق الخاضعة للنفوذ الإيراني وليست أهداف تابعة للجيش السوري. وأوضح أن هناك حرب ظل بين طهران وتل أبيب ففي الوقت الذي تواجه فيه إيران إسرائيل عبر وكلائها ولا تقوم بمواجهات مباشرة، لا ترغب الثانية في دخول في صراع مباشر مع إيران تجنبا للكلفة الكبيرة التي قد تتكبدها تل أبيب جراء هذه المواجهة. ورأى الخبير العسكري الأردني، أنّ إسرائيل تأخرت في التعامل مع القوات الموالية لإيران في سوريا حتى تمدّدت وأصبحت قوة كبيرة في المقابل لن تلجأ إيران إلى الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.(المشهد)