تواجه الحكومة اللبنانية الجديدة اختبار الثقة في البرلمان وسط تجاذبات سياسية. البيان الوزاري يركز على الإصلاحات، لكنه يُسقط لأول مرة منذ 25 عامًا بند "المقاومة"، وبهذا تكون الحكومة العتيدة قد أسقطت ثلاثية "جيش وشعب ومقاومة"، التي بحسب المراقبين لم يكن الهدف منها سوى تبرير وجود فصائل مسلحة كـ"حزب الله"، وتبرير التدخل الإيراني في الشأن اللبناني وفي سياسات الحكومة اللبنانية.إلى ذلك، يشكك محللون في إمكانية تنفيذ الإصلاحات الموعودة، فيما تبقى التعيينات الإدارية ملفًا شائكًا بسبب الحسابات الطائفية والسياسية. أما الرئيس جوزيف عون، فينتظر منح الثقة للبدء بجولته الخارجية لحشد الدعم للبنان. الدولة اللبنانية ستحتكر حمل السلاحولمناقشة هذه التطورات الحساسة على الساحة اللبنانية، قال نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني الدكتور طارق متري للإعلامية آسيا هشام في برنامج "المشهد الليلة" الذي يُعرض على قناة ومنصة "المشهد": "البيان الوزاري أُقرّ في الحكومة مجتمعة ولم يعارضه أحد وتم الاتفاق عليه بالإجماع، وبعد إجراء بعض التعديلات على مسوّدته الأولى وقبل تأليف الحكومة، كان فخامة رئيس الجمهورية قد ألقى خطاب القسم وقال فيه إنه من حق الدولة أن تحتكر حمل السلاح".وتابع قائلًا: "الرئيس عون تحدث عن أهمية بسط سلطة الدولة اللبنانية على كل أراضيها وفق ما جاء في القرارات الأممية وأبرزها القرار 1701، والبيان الوزاري يستعيد الكثير من لغة رئيس الجمهورية في خطاب القسم، الذي لاقى تأييدًا بين اللبنانيين لم نشهد له مثيلًا منذ سنوات طويلة".تحديات ضخمةواستطرد قائلًا: "التحديات أمام تطبيق القرار الأممي 1701 ضخمة وأهمها:وضع حد نهائي للاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، حيث لا تزال إسرائيل تحتل بعض الأراضي في لبنان وتتمركز في خمسة مواقع، ولا تزال تخرق السيادة اللبنانية عن طريق الجو والبر، بالتالي تخرق اتفاق 1701 والترتيبات التي تم التوافق عليها في تاريخ 27 نوفمبر من العام المنصرم.للدولة حق أن تقوم بكامل دورها في تحرير كل الأراضي اللبنانية المحتلة، وهذا هو المبدأ الأول الذي تعتمده السلطات اللبنانية للحفاظ على سيادتها، لأنه يمهد لبسط سيطرة الأخيرة بشكل كامل على أراضيها. بسط سيادة الدولة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية في جنوب الليطاني وشماله، وهي عملية باشرت بها السلطات اللبنانية، فالجيش اللبناني أصبح إلى درجة كبيرة هو الجهة الوحيدة التي تشرف على الأمن وتحفظ سلام الجنوب بوجه إسرائيل، وذلك لأول مرة منذ عقود.عنف أهليوأردف بالقول: "عملية تأكيد سيادة الدولة على أراضيها مستمرة وستكون موضوع اتفاق بين اللبنانيين، فلا أحد في لبنان يرغب في أن نعود إلى أيّ شكل من أشكال العنف الأهلي، كما أننا نريد أن تستعيد الدولة عافيتها وقدراتها وسيادتها بقبول أكثرية اللبنانيين إن لم يكن جميعهم، ولا نحبذ أن يكون ملف سيادة الدولة سببًا لخلاف يعمق الانقسامات ويهدد السلم الأهلي اللبناني".وأضاف: "الصدامات في الشارع اللبناني لن تغيب كليًا، ولكنّ التدابير الأمنية التي شاهدناها في الأسبوع الماضي أظهرت أمرين مهمين: الأمر الأول: السلطة اللبنانية الشرعية والجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي حازمة جميعها في فرض الأمن، فهي لم تتساهل في قطع طريق المطار وفي الإساءة إلى قوات حفظ السلام الدولية وإلى اللبنانيين من مسافرين وسواهم.الأمر الثاني: القوى السياسية المعنية بالصفة الخاصة وأقصد "حزب الله" و"حركة أمل"، لم تكن مؤيدة لكل ما جرى، بل قالت إنه مجرد تعبير عن غضب بعض الناس، وإنّ تحركهم في الشارع لم يكن بأمر من قيادة أحزابهم.وختم قائلًا: "إنّ أمن جميع اللبنانيين هو شأن وطني، والسلطة اللبنانية ستكون حازمة في فرض الأمن على الأراضي اللبنانية كافة، وقد رأينا بالأمس جنازة السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين، كيف كانت سلمية بالكامل والفضل يعود في ذلك لمنظميها الذين حرصوا على أن تكون هذه المناسبة الأليمة فرصة للتعبير عن المشاعر بصورة سلمية، والفضل الثاني يعود أيضًا للقوى الأمنية اللبنانية التي سهرت على أن لا يخرج هذا التعبير الشعبي الواسع عن سلميته، والدليل أنه لم يحصل أيّ حادث أمني، ما يدل على أن لا أحد في لبنان يريد أن يكرر الأحداث المؤسفة التي جرت في الماضي، وأنّ السلطة عازمة على الحؤول من دون تكرار حوادث أمنية تهدد السلم الأهلي".(المشهد)