أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، الاثنين، ترخيصا عاما يُجيز المعاملات مع المؤسسات الحكومية السورية، وبعض معاملات الطاقة والتحويلات الشخصية. وقالت الوزارة إن إدارة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية The Office of Foreign Assets Control أو (OFAC)، قد أصدرت ترخيصا يقضي بتوسيع التفويضات للأنشطة والمعاملات في سوريا بعد الـ8 ديسمبر 2024، أي بعد سقوط نظام بشار الأسد، الذي انهار ما بين الـ7و8 ديسمبر الماضي وكان خاضعا للعقوبات الأميركية على سوريا.العقوبات الأميركية على سوريابحسب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية لوزارة الخزانة، فإن الترخيص ساري المفعول لمدة 6 أشهر، تواصل خلاله الحكومة الأميركية مراقبة الوضع وتطوراته بسوريا. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخزانة: "نظرا للظروف الاستثنائية، ودعما للشعب السوري في بناء مستقبل أكثر أملا وأمنا وسلاما، تُصدر الوزارة من خلال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية هذا الأمر التنفيذي للمساعدة في ضمان عدم إعاقة العقوبات الأميركية على سوريا للخدمات الأساسية واستمرارية وظائف الحكم في مختلف أنحاء سوريا". وتشمل تلك الخدمات وفق وزارة الخزامة، توفير الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي، ولكن الفويض لا يؤدي إلى رفع الحظر عن ممتلكات أو مصالح أي شخص محظور بموجب أي من العقوبات المفروضة من قبل واشنطن، كما لا يسمح بأي تحويلات مالية للمحظورين، بما فيهم الرئيس المخلوع بشار الأسد وشركاؤه، وكذلك هيئة تحرير الشام. وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال"، قد ذكرت أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعتزم الإعلان عن تخفيف العقوبات الأميركية على سوريا المفروضة على المساعدات الإنسانية، في خطوة لتسريع تسليم الإمدادات الأساسية، مع الإبقاء على العقوبات التي تقيّد المساعدات الأخرى للحكومة الجديدة في دمشق. وقالت الصحيفة عن مسؤولين لم تكشف عن هويتهم، إن الخطوة التي اتخذتها الإدارة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، تخول لوزارة الخزانة إصدار إعفاءات لمجموعات المساعدات والشركات التي تقدم الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء وإمدادات إنسانية أخرى. أحمد الشرع رهينة شرطين وتعتبر المديرة التنفيذية لإذاعة صوت العرب من أميركا ليلى الحسيني، ترخيص وزارة الخزانة الأميركية، الذي يسمح بالمعاملات مع المؤسسات الحكومية السورية، وبعض معاملات الطاقة والتحويلات الشخصية، تعد ترجمة لتصريحات سابقة أدلى بها الرئيس الحالي جو بايدن عقب سقوط نظام، قال فيها إن واشنطن ستُراقب أفعال القيادة الجديدة وتُحدد ألية التعاون معها. التوجه نحو تذليل القيود على المساعدات الإنسانية، لمدة محدودة، تقول الأميركية من أصول سورية، ليلى الحسيني لـ"المشهد" إنه: يؤشر إلى أن إدارة بايدن أصبحت ترى إمكانية التعامل مع الحكومة السورية الجديدة، وإدارة تصريف الأعمال، بسياسة الخطوات المتباعدة نوعا ما. ما يعني أن المراقبة بحذر لا تزال نهج واشنطن، وعلى ضوء ما نتج عنها يتم رفع بعض العقوبات وتخفيف أخرى، بالنظر إلى الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه الشعب السوري. من جانبه، يصف أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن الدكتور نبيل ميخائيل قرار وزارة لخزانة بالإنفراج المرهون بشرطين: الأول: يتعلق بالشأن الداخلي، ويتلخص في الابتعاد عن التطرف الديني، والالتزام باحترام الأقليات، وخصوصا الأقلية الكردية التي تعتبرها واشنطن حليفا للولايات المتحدة، وتدين لها بجهود سابقة بذلتها إلى جانب القوات الأميركية في محاربة تنظيم "داعش". الثاني: إلى جانب مراقبة تعاطي الحكومة السورية الجديدة مع الوضع الداخلي، يقول الدكتور نبيل مخائيل، لمنصة "المشهد" إن واشنطن ستبقي عينها على سياسة القيادة السورية الجديدة، ورئيس هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، تجاه الدول المجاورة، وفي مقدمتها العلاقة مع إسرائيل، والتعامل مع لبنان وبالأخص "حزب الله"، ففي حال أظهرت القيادة السورية عداء لتل أبيب، واتضح أن هناك تقاربا وتنسيقا بينها وبين الحزب أو إيران، فإن ذلك سيؤدي حتما إلى منع تدفق المساعدات الإنسانية، بحسب رأيه. ماذا سيتغير حين يُنصب ترامب؟ ومع إقرارها بصعوبة التنبؤ بسياسات وقرارات الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وهو الذي وقع أطباء نفس سابقا تقريرا يقول بصعوبة توقع أفعاله وأقواله، تعتقد ليلى الحسيني أن بعض ملامح رؤيته للملف السوري، تكشفت من خلال منشور كتبه تعليقا على سقوط نظام الأسد، في 16 ديسمبر الماضي، حيث قال إن "تركيا هي الطرف الفائز في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، واعتبر أنقرة كمفتاح للأحداث، فتقبل تركيا كمستفيد مما يحدث، وبشكل إيجابي من قبل ترامب، يوحي بأنه يرى في الدور التركي مصلحة لأميركا، ورغبتها في خروج سوريا عن السرب الإيراني، والمليشيات الموالية لطهران". وخلافا للإدارة الحالية بقيادة جو بايدن، تتوقع المديرة التنفيذية لإذاعة صوت العرب من أميركا ليلى الحسيني أن تكون الإدارة المقبلة بقيادة ترامب أقل اهتماما بالشأن السوري، وأن الدور الأميركي قد ينحصر في إطار ما يقتضيه وضع القوات الأميركية الموجودة في مناطق السيطرة على منابع النفط والغاز، وضمان سلامتها. سلامة الأكراد الذين تعتبرهم الولايات المتحدة حلفاء لواشنطن، تعتبره المتحدثة، سببا آخر قد يدفع ترامب للإبقاء على القوات الأميركية في أماكنها الإستراتيجية، وتشير الحسيني إلى قول ترامب مع سقوط الأسد بأن سوريا ليست دولة صديقة، ولا يهم ما يحدث فيها، كسوء تقدير من قبل الرئيس العائد للبيت الأبيض، فتغير القيادة في سوريا وزوال النظام السابق، تعتبره المتحدثة فرصة لعلاقة جديدة بين واشنطن ودمشق، لا تُبنى على التدخل في الشأن السوري، بل تُؤسس على لبنات التعاون الاقتصادي والاستثماري، بما يخدم مصلحة البلدين. يُشار إلى أن الإدارة الجديدة في سوريا، ومنذ وصولها إلى السلطة، تطمح إلى تعزيز علاقاتها الدولية والإقليمية، وتسعى إلى إلغاء العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، على النظام السابق بقيادة بشار الأسد. كما تسعى هيئة تحرير الشام الفاعل الرئيسي الآن في دمشق إلى شطب اسمها من قائمة الإرهاب، خصوصا بعد أن أسقطت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يُساعد في الإدلاء بمعلومات لاعتقال أحمد الشرع، الملقب بـ"أبو محمد الجولاني" قائد الهيئة التي قادت الهجوم الذي أطاح بالأسد.(المشهد)