على وقع تصريحات مسؤولين أميركيين لشبكة "سي إن إن" تخوفوا فيها من مخطط إسرائيلي لشن عملية برية ضد "حزب الله" في لبنان خلال الأشهر المقبلة، يُفتح الباب على مصراعيه بشأن مصير الجبهة الشمالية المشتعلة بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" منذ 8 أكتوبر عقب بدء عملية "طوفان الأقصى". وتعود إلى الواجهة مسألة ترسيم الحدود البرية الجنوبية للبنان مع إسرائيل، حيث يطرح معها مجددا مطلب إسرائيل بأن يبتعد عناصر "حزب الله" 10 كليومترات على الأقل عن الحدود الجنوبية، والسؤال الذي يطرح نفسه أمام هذا السيناريو، من سيستلم أمن منطقة جنوب الليطاني في حال انسحبت قوات "اليونيفيل" منها؟ وهل الجيش بعديده وعتاده قادر على تعبئة الفراغ وضبط الحدود؟.على الرغم من صعوبة التأكد من انسحاب "حزب الله" إلى المسافة التي تطلبها إسرائيل، إلّا أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي صرح هذا الأسبوع أن عناصر "حزب الله" لم تعد على مقربة من الحدود، محذرا الحزب من دفع ثمن باهظ إذا استمرت هجماتها على شمال إسرائيل". لهذا السبب تريد إسرائيل أن ينسحب "حزب الله" فعليا لا يمكن أن تتأكد إسرائيل من انسحاب عناصر "حزب الله" من جنوب الليطاني لأسباب عدة. بحسب العميد المتقاعد في الجيش اللبناني خليل الجميل، (قائد قطاع جنوب الليطاني السابق)، فإن "حزب الله" غير موجود ظاهريا في جنوب الليطاني من خلال مراكز أو نقاط محددة أو حتى نقاط انتشار ظاهرة للمسلحين". ويشرح العميد المتقاعد لماذا لا يمكن التحقق من انسحاب "حزب الله"، إن "الجيش اللبناني و"اليونيفيل" يقومان بواجباتهما في الجنوب، ولكن هناك أمورا بحاجة لقرار سياسي وإجماع وطني بما يتعلق بأي قرار ميداني، أو تسوية عامة أو حتى تطبيق القرارات الدولية". وعن سبب مطالبة إسرائيل بانسحاب عناصر "حزب الله" مسافة 10 كيلومترات، يشرح العميد المتقاعد أن "هدفه أن تتمكن القبة الحديدية من تدمير صواريخ الحزب في حال أطلقت على إسرائيل، لأن الأخيرة لن تتمكن من إسقاط هذه الصواريخ في حال أطلقت من مناطق قريبة على الحدود، بل من مسافة 10 كيلومترات القبة الحديدية تصبح قادرة على ضربها وحماية المنطقة الشمالية". وينص القرار 1701 الذي صدر بعد حرب 2006 على الوقف الفوري للقتال بين إسرائيل و"حزب الله"، وإيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أيّ مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل". ويعتبر العميد الجميل أن ما يطالب به الإسرائيليون لا يمكن أن يحصل على أرض الواقع، لأن معظم الجنوب اللبناني مؤيد له، وانسحاب "حزب الله" من جنوب الليطاني مستبعد، لأنه لا يملك آليات أو دبابات كل شيء مخفي بالسر هناك، لدرجة أن "اليونيفيل" التي مر على وجودها في المنطقة سنوات طويلة غير قادرة في بعض الأحيان من الدخول إلى جميع الأمكنة لأن بعضها أملاك خاصة، ما يصعب عملية مسح المنطقة بشكل كامل". وما يقوله الجميل يتطابق مع الذي يقوله عدد كبير من المتابعين لجبهة الجنوب اللبناني وللوضع في لبنان، فالغالبية تقول إنه لا يمكن أن يتحقق موضوع التراجع عن الحدود من دون قرار سياسي من السلطة السياسية مع "حزب الله"، وذلك لأن جميع السكان في المنطقة هم "حزب الله". الجيش اللبناني قادر على ضبط الحدود الجنوبية ومسألة ضبط الحدود الجنوبية للبنان، لا تحتاج فقط إلى قرار لوجستي عسكري لبناني، بل تحتاج أولا إلى قرار سياسي حاسم يضع حدا لما يجري على الحدود. ويعتبر العميد المتقاعد أن "ضبط الحدود لا يمكن أن ينفذه إلا الجيش اللبناني المتمركز أساسا في منطقة جنوب الليطاني حيث تؤازره قوات "اليونيفيل" الموجودة هناك من خلال الدوريات التي قام بها خلال اليوم من الناقورة إلى نهر الوزاني، المنطقة الخاضعة لقوات اليونيفيل". ويوضح العميد الجميل أن "عناصر الجيش اللبناني المنتشرة على الحدود تبلغ نحو 6000 عنصر، موزعين على لواءين من المشاة وفوج من التدخل، ويضاف إليهم المراكز العسكرية التي تؤمن لهم الأمور اللوجستية، لكن في حال الحرب أو حفظ الأمن عناصر هذه المراكز يتحولون إلى مقاتلين، وينضمون إلى العناصر الأخرى على الأرض في العمق أو في وسط المنطقة أو على الحدود، ويصبح العدد نحو 7000 عنصر". والبعض يسأل أنه في حال حصل ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل على غرار الحدود البحرية، هل الجيش اللبناني قادر أن يستلم المنطقة بمفرده من دون "اليونيفيل"؟ العميد الجميل يجيب قائلا: "في حال تم ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل وتراجعت على خط الهدنة وتطابق الخط الأزرق مع خط الهدنة، وتراجعت عن 13 منطقة تحفظ، وعن 18 منطقة قضمتها من الخط الأزرق، إضافة إلى الانسحاب من مزارع شبعا حتى آخر نقطة في وادي العسل، وتكون انسحبت فعليا من لبنان". ويشدد على أنه "في حال حصل ذلك، الجيش شخصيا قادر أن يستلم الأمن بمفرده وأن يحل مكان "اليونيفيل" ويرفع عدد عناصره لتعبئة الفراغ من المناطق التي ستنسحب منها إسرائيل، وأن يستحدث مراكز عسكرية جديدة، فالجيش لا يحتاج إلى خطة لأنه أساسا موجود في المنطقة، وقادر أن يقوم بخطة انتشار في المناطق المحررة بسرعة، وأجريت العديد من التدريبات المشتركة بين الجيش و"اليونيفيل" تحضيرا لأي انسحاب مفاجئ لها من جنوب الليطاني". (المشهد)