إن خطر الحرب النووية هو الأعلى منذ نهاية الحرب الباردة، بسبب الصراع الروسي الأوكراني وتهديدات موسكو المستمرة، ولكن ليست روسيا وحدها مصدر هذا الخطر، بحسب صحيفة "فورين أفيرز".
وأشارت الصحيفة إلى أن التوترات في الشرق الأوسط، قد تحفز إيران على تسريع سعيها لبرنامج الأسلحة النووية، في الوقت الذي تستمر فيه كوريا الشمالية في تحديث وتوسيع ترسانتها النووية.
وفي حال فوز دونالد ترامب بولاية ثانية، قد تعود الولايات المتحدة إلى إجراء التجارب النووية أيضًا، كما اقترح مستشار الأمن القومي السابق لترامب روبرت أوبراين في مجلة "فورين أفيرز".
المعايير النووية في خطر
إنّ هذه التطورات مجتمعة تمثل تحديا للمؤسسات والقواعد والمحرمات التي منعت استخدام الأسلحة النووية منذ قصف هيروشيما وناغازاكي في عام 1945.
وأوضحت الصحيفة أن معايير منع استخدام الأسلحة النووية في الحروب ليست دائما ملموسة.
وفي دراسة حديثة، كشفت الصحيفة أن هذه المعايير، التي كانت راسخة منذ منتصف القرن العشرين، تتعرض لتحد متزايد من قبل جهات فاعلة عدة.
وأحد نقاط الضعف الخاصة هو الترابط بين المعايير، فإذا تم انتهاك معيار واحد، مثل المعيار ضد التجارب النووية، فإن معايير أخرى، بما في ذلك عدم الاستخدام وعدم الانتشار، يمكن أن تصبح مهددة أيضًا، وبالتالي، فإن رفض معيار نووي واحد قد يحفز رفض النظام النووي بأكمله.
وفي ظل البيئة الأمنية المتدهورة في السنوات الأخيرة، قال زعماء دوليون وخبراء نوويون إن معايير حظر الانتشار النووي تتعرض لمزيد من التحدي، ففي أكتوبر 2022، قدر مجتمع الاستخبارات الأميركي أن خطر الاستخدام النووي في أوكرانيا قد يرتفع إلى 50% - وهو أمر غير متوقع عمليًا.
وعلى الرغم من أن غالبية الدول (187) موقعة على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية وتلتزم بالمعيار ضد التجارب النووية، إلا أن المعاهدة لم تدخل حيز النفاذ بعد لأن بعض الدول القادرة على الأسلحة النووية لم تصدق عليها بعد بسبب المخاوف الإستراتيجية والتكنولوجية، بما في ذلك المخاوف من أن التحقق من الامتثال سيكون صعبًا وأن بعض الموقعين قد لا يلتزمون بشروط المعاهدة.
نتائج إنسانية وبيئية مُدمرة
ولكن إذا استمرت المعايير النووية في الانهيار، فقد يصبح العالم مكانا أكثر خطورة. على سبيل المثال، قد تؤدي التجارب النووية المتكررة إلى نتائج إنسانية وبيئية مدمرة.
إن المجموعة المتزايدة من الجهات الفاعلة التي تنافس النظام الدولي تجعل الحفاظ على المعايير حول الأسلحة النووية أكثر أهمية.
فمنذ عام 2014، أصر الرئيس الصيني شي جين بينغ على أن الصين تحت قيادته تتنافس على مستقبل النظام الدولي، وتتحدى التحالفات والمؤسسات والمبادئ التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة لتشكيل النظام الدولي.
وقبل عقد من الزمان، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضا إلى نظام عالمي جديد يتماشى بشكل أكبر مع مصالح روسيا.
وتعمل الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا بشكل متزايد على تمكين بعضها بعضا في "محور الاضطرابات"، كما زعم أندريا كيندال تايلور وريتشارد فونتين في مجلة الشؤون الخارجية، حيث "يتغذى التعاون المتزايد بين الدول الأربع على معارضتها المشتركة للنظام العالمي الذي يهيمن عليه الغرب".
القوى الأربع عازمة على تحدي المعايير النووية الرئيسية الثلاث.
وهي تعتمد على الأسلحة النووية - وشبح تلك الأسلحة - لتحقيق أهدافها الإقليمية والإستراتيجية. وكلها على استعداد لتقويض النظام النووي للقيام بذلك.
هذه الدول ليست الوحيدة التي تحدت المعايير النووية، فقد خالفت الولايات المتحدة المعايير العالمية عندما فشلت في التصديق على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية في عام 1999، كما فعل المستشارون السياسيون في كوريا الجنوبية عندما اقترحوا على كوريا الجنوبية تطوير برنامج مستقل للأسلحة النووية.
إن النظام النووي في خطر، ولا يمكن لأي دولة أن تحافظ عليه بمفردها. ولذلك ينبغي للولايات المتحدة أن تعطي الأولوية لمجموعتين من الشراكات الدولية القادرة على فرض المعايير النووية:
- أولا، يتعين على واشنطن أن توسع علاقاتها مع بلدان الجنوب العالمي، والتي قد تكون العديد منها شركاء مستعدين لتحدي التعنت والتحدي للمعايير.
- ثانيا، تعزيز الشراكات مع حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي وفي منطقة المحيطين الهندي والهادئ لدعم المعايير النووية القائمة.
(ترجمات)