"أوصي أحفادي بأن لا يذهبوا إلى طريق العمل المباشر والمقاوم"، بهذه العبارات تحدّث عميد الأسرى الفلسطينيين محمد الطوس الذي أُفرج عنه بعد أن قضى 40 عاما في السجون الإسرائيلية بسبب تنفيذه لعمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية.وأضاف الطوس لقناة ومنصة "المشهد" عبر برنامج "توتر عالي" الذي يقدّمه الإعلامي طوني خليفة "لن نقبل بأن يكون ثمن خروجنا من السجن قطرة دم واحدة من قبل الفلسطيني". وفي أولى لقاءاته التلفزيونية وهو خارج السجون، أكد الطوس أنه "على أي قائد سواء كان فلسطينيا أو غير فلسطيني عندما يفكر في القيام بعمل كبير، عليه أن يعرف ما هو الثمن الذي يريد دفعه مقابل الهدف المراد الوصول إليه". وحول قرار إبعاده إلى مصر، لفت إلى أنه فوجئ بالقرار وعندما سأل عن سبب الإبعاد قالوا له في إسرائيل إنه "قاتل".وأشار الطوس إلى أنه حين تعرّض للاعتقال ومن ثم السجن في عام 1985، كان عمر ابنه شادي، لا يزيد عن 3 أشهر. وبين أنه عانق ابنه لأول مرة في حياته، بعد أن بات رجلا وأباً. وتحدّث الطوس عن أن السنوات الطويلة في السجن تؤثر حتى على المشاعر "لأن الظروف التي عشناها كانت قاسية جدا. كان لها تأثير على مشاعر الأسير لكنها لم تسلبه المشاعر التي كانت دائماً في خياله وذهنه وقلبه ليحتضن أبنائه الذين تركهم وهم أطفالا وأصبحوا رجالاً وأباءاً". وأشار الطوس إلى أنه كان مؤمنا طوال الأعوام الماضية، أنه سيأتي يوم ويعانق الحرية، مضيفا "لم تكن هذه السنوات ثقيلة علي لأن إيماني بالله وبعدالة قضيتي، كانت تعطيني القوة أمام كل التحديات". وقال الطوس الذي كان يبلغ 31 عاما لدى اعتقاله "أرى أن الثمن كان باهظا جداً لأننا في البداية كنا مشاريع شهادة في سبيل حرية أطفالنا ومستقبلهم ولم نكن في يوم من الأيام نقبل بأن يكون جرح الطفل الفلسطيني مقابل حريتنا ولو خُيّرنا بأن يكون ثمن حريتنا إصابة طفل فلسطيني أو امرأة فلسطينية بجراح لما قبلنا هذا الاختيار".صفقة الإفراجقال الطوس إنه يعتبر نفسه فلسطينيا على الرغم من أنه يعتزّ بكونه من أنصار حركة "فتح".وأضاف أن أبناء حركة "حماس" هم بالنسبة له "إخوة في الوطن وفي المصير المشترك وفي المستقبل وبالتالي لا أرى أي غضاضة في علاقتي معهم".نبأ مقتل السنوار قال الطوس إنه لم يلتقي الزعيم السابق لحركة "حماس" يحيى السنوار سوى مرات قليلة في سجن نفحة، قبل أن يتم نقله إلى سجن "هدريم".وأضاف "لم ألتقيه (السنوار) منذ ذلك الوقت أي قبل خروجه من السجن في عام 2011".وحول تلقيه خبر مقتل زعيم "حماس"، أكد الطوس أن يحيى السنوار عندما اختار هذه الطريق "كان يعلم جيداً أنه إمّا شهيداً وإمّا أسيراً وبالتالي كانت الشهادة وهي الأفضل".وعن مقتله، قال إن جهاز الشاباك الإسرائيلي أعلم بعض الأسرى من حركة "حماس" أن السنوار قُتل، مبينا "لم نتأثر بذلك".اغتيال هنية ونصر الله وعن وقع أنباء مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية خبر واغتيال أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله، قال الطوس "لم يكن لدينا ردة فعل سوى الترحم على أرواحهما".وأشار إلى أن الطريقة التي تم اغتيال إسماعيل هنية فيها تؤكد أن هناك خيانة.أما بالنسبة لحسن نصر الله، اعتبر الطوس أنه لم يكن هناك من وسيلة للوصول إليه سوى عبر شخصية كبيرة ويد طولى لإيصال الصواريخ الإسرائيلية إلى مكانه.الرئيس الفلسطيني المقبل قال الطوس أن حركة "فتح" هي حركة ديمقراطية، وإنه في أي مؤتمر حركي قادم سيكون من حق مروان البرغوثي وغيره الترشح لعضوية اللجنة المركزية.وأضاف أنه التقى بالبرغوثي لمرتين فقط طوال الأعوام الماضية، مبينا أنه "إنسان مناضل محترم وطني غير منغلق ويتقبل الجميع بنفس الروح المعنوية والوطنية تجاه الجميع".تعذيب في السجن وإن كان قد تعرّض للتعذيب أثناء وجوده في السجن، قال الطوس إن التعذيب خصوصا في الفترة الأخيرة ومنذ اندلاع الحرب على غزة، كان تعذيباً نفسياً وجسدياً رهيبين. وأضاف أنه خلال فترة سجنه عايش مقتل أكثر من 58 أسير فلسطينية نتيجة الضرب المبرح والتعذيب الوحشي من قبل السجانين. ولفت الطوس إلى أنه بعد هجوم 7 أكتوبر 2023 وتسلّم إيتمار بن غفير وزارة الأمن القومي، باتت أساليب تعذيب الأسرى أكثر شراسة وأدى الكثير منها إلى موتهم. وأوضح أن بن غفير كان يحاول دائماً وضمن سياساته المعلنة لاجتذاب الناخب الإسرائيلي ولإرضاء المتطرفين القول بأنه سيقوم بتعذيب الأسرى وعدم منحهم أي حقوق "وبالتالي حاول منذ البداية، سلب الأسرى ما حققوه طوال أعوام نظالية من أجل عدم أعطائهم أي نوع من الحياة الإنسانية". وعن تعامل الجنود الإسرائيليين للأسرى الفلسطينيين في السجون، قال الطوس إنهم كانوا يتعاملون معهم كأنهم "في ساحة قتال وفي ميدان رماية". وقال "تخرجت من جامعة السجون"، لأن "السجون هي بحد ذاتها تجربة جامعية". وأضاف "الإنسان الذي يكون في السجون، هو أولاً وأخيراً معتقل ومسجون لأنه إنسان مناضل". ورفض الطوس التأكيد أن سقوط بعض الأسرى قتلى في السجون الإسرائيلية كان بسبب إطلاق النار، وإنما كانت نتيجة الضرب بالهراوات وترك الأسير ينزف وعدم تمكينه من تلقي العلاج. هجوم 7 أكتوبر قال الطوس إنه وباقي الأسرى، علموا بهجوم 7 أكتوبر عبر أجهزة الراديو التي بقيت معهم وتمكّنوا من إخفائها عن أعين الجنود العاملين في السجن. وأشار إلى أنهم علموا باندلاع الحرب، بعد دخول السجانين إلى غرفهم وسحبهم جميع أجهزة الراديو واتلفزيون، خصوصا وأنه تم إعلامهم أن الحرب اندلعت وأن تلك الأيام مختلفة عن سابقاتها. وأضاف الطوس "كنا نخبئ أجهزة الراديو في مخابئ تحت الأرض وبين الجدران". وتابع "كنا نعرف ما يجري خارج السجون وما يجري على الجبهات سواء على الساحة اللبنانية أو على ساحة غزة أو ما جرى من الحوثيين والعراق". ولفت الطوس إلى أن بعض المعتقلين الجدد الذين كانوا يدخلون إلى السجن، يقومون بتزويد الأسرى ببعض التفصيلات. وقال إن من أبرز رفاقه في السجون، كان قدورة فارس الذي يشغل حاليا منصب رئيس هيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.(المشهد)