"لقد حُكِم علينا بالأمل".. كانت هذه كلمات الكاتب المسرحيّ السوريّ سعد الله ونوس في عام 1996 خلال خطابه لمناسبة يوم المسرح العالمي.كانت سوريا تحت قبضة حافظ الأسد الحديدية، الذي كان لديه أيضًا 35 ألف جنديّ في لبنان. بينما خاضت إسرائيل و"حزب الله"حربًا استمرت 17 يومًا في ذلك العام.لم يأت الأمل لسوريا حتى عام 2011 عندما حاولت انتفاضة مدنية وتمرد مسلح ضد نجل الأسد، بشار، الإطاحة بالنظام. إن عمق اليأس والانقسام والعنف الذي أطلقه النظام على سوريا، بمساعدة روسيا وإيران و"حزب الله"، للبقاء في السلطة، حكم على مئات الآلاف بالموت والتعذيب وملايين بالتشريد أو المنفى. ونجا الأسد لكنه "حكم على كومة من الأنقاض". والآن حُكِم على السوريين بالأمل مرة أخرى ومن الواضح أنهم لم يستسلموا أبدًا، وفق صحيفة "فايننشال تايمز".أذهلت العالملقد أذهلت التطورات المتسارعة على مدى الأيام الـ13 الماضية والتي أدت إلى السقوط السريع للنظام العالم، حيث فُتحت أبواب السجون. والتأم شمل الأسر بعد سنوات من الانفصال عبر خطوط المواجهة. ويحاول الآلاف بالفعل العودة إلى سوريا بعد سنوات في المنفى. إذّ اتضح أنّ الإجابة على أزمة اللاجئين التي أرسلت الملايين من السوريين إلى البلدان المجاورة وأوروبا قد تكون ببساطة إزالة "دكتاتور قاتل"، بدلًا من تطبيع العلاقات مع بشار الأسد.لقد حطمت سوريا العالم. في أغسطس 2013، فشل الرئيس الأميركيّ آنذاك باراك أوباما في فرض خطه الأحمر على استخدام الأسد للأسلحة الكيميائية. وشعر السوريون بالتخلي عن مصيرهم. كان هناك ارتفاع في عدد المقاتلين الأجانب الذين يسافرون إلى سوريا لمساعدة المعارضة. وسرعان ما استولى تنظيم "داعش" على الأراضي من العراق إلى سوريا. وبحلول عام 2014، كان ملايين السوريين يفرون من البلاد، بما في ذلك إلى أوروبا، حيث أزعجت أزمة اللاجئين السياسة، ما أدى إلى صعود الشعبوية واليمين المتطرف وأعدت المسرح للخروج البريطانيّ من الاتحاد الأوروبي. لقد أثبت الصراع السوري ضعف المحور الإيراني. بعد اندلاع الاحتجاجات لقد دعا نظام الأسد، حليف إيران منذ العام 1979، طهران للمساعدة في قمع الانتفاضة. ونشر "حزب الله" الآلاف من الرجال في سوريا، وتحول من حزب سياسيّ لبنانيّ وجماعة مسلحة إلى قوة استكشافية إيرانية. لكنّ قتال "حزب الله" في سوريا لمدة عقد من الزمان جعله عرضة للمراقبة الإسرائيلية. وقد ساعد هذا الحملة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة، والتي قضت على قيادة المجموعة ودمرت الكثير من قدراتها. لقد نمت غطرسة إيران مع إضافة عاصمة عربية أخرى تحت سيطرتها. لكنّ مساعدة دمشق أدت أيضًا إلى استنزاف قدرات طهران، واستنزاف الموارد وكشف نقاط ضعفها.لقد كان هذا العام مأسويًا في الشرق الأوسط، بداية من الحرب الإسرائيلية على غزة عقب هجوم "حماس" ما تسبب في مقتل أكثر من 40 ألف فلسطينيّ ثم أعقبها الهجوم الإسرائيليّ على لبنان.تحديات تواجه سوريالقد تركت سلسلة الكوارث المربكة الناس منهكين من العنف، ومستنزفين من آلام الخسارة وخائبي الأمل في النظام الذي تقوده الغرب والذي يعد بالحرية وحقوق الإنسان ولكنه يفشل في دعم هذه المبادئ في غزة. وتقول الصحيفة إنّ قائمة التحديات التي تواجه سوريا طويلة، بما في ذلك المخاوف العميقة بشأن رؤية جماعة "هيئة تحرير الشام" للمستقبل، وإمكانية الانتقام العنيف بعد 5 عقود من القمع وخطر عودة "داعش". لا يحتاج السوريون إلى تذكيرهم بهذا فهم يعرفون ذلك، حتى وهم يحتفلون. أنّ السوريين في حاجة إلى جهود صادقة لدعم عملية الانتقال، وهو ما يعني أيضًا إنهاء التدخل الأجنبي، بما في ذلك من جانب اللاعبين الإقليميّين الذين تنافسوا على الأراضي السورية. أما بالنسبة لخطر الاقتتال بين الفصائل، فقد تحملت البلاد بالفعل سنوات من الصراع بين الجماعات المتنافسة. وكان السوريون يفكرون في هذه اللحظة لأكثر من عقد من الزمان؛ وربما نجحوا في صياغة فهم جديد للوحدة في بوتقة الحرب. وكانت هناك احتفالات بزوال الأسد حتى في معاقل النظام مثل اللاذقية. "لقد أصبحنا محكومين بالأمل مرة أخرى". قد لا يكون الأمل إستراتيجية ولكنه قادر على إسقاط الدكتاتوريّين وربما حتى إعادة بناء البلاد، كما تقول الصحيفة. (ترجمات)