الهجوم الذي قادته حركة "حماس" في 7 أكتوبر ضد إسرائيل، والحملة الانتقامية الإسرائيلية التي تستمر منذ نحو 6 أسابيع في غزة، أسفرت عن مزيد من الاستقطاب في وجهات النظر حول العالم، بحسب صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.وتقول الصحيفة إن تطور الرأي العام منذ الحرب لم يكن متوقعاً أو مباشراً، فمن الولايات المتحدة إلى أوروبا، كانت هناك تحولات مهمة امتدت أصداؤها عبر السياسة الوطنية. قبل هجوم 7 أكتوبر على الرغم من أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كان قضية مثيرة للانقسام لعقود من الزمن، إلا أنه في الأشهر التي سبقت 7 أكتوبر، كانت أوروبا "لا مبالية". وقال أكثر من ثلاثة أرباع الألمان إن الصراع لم يكن له أهمية تذكر بالنسبة لهم، وحتى في الولايات المتحدة، قال 55% ممن شملهم الاستطلاع في شهر مايو الماضي إنهم لا يشعرون بقوة تجاه هذه القضية. تأييد أميركي لإسرائيل أكثر من الغرب وحتى قبل 7 أكتوبر، كان هناك اتجاها ملحوظا في الولايات المتحدة، مع عواقب سياسية محتملة كبيرة، حيث بدأ الديمقراطيون في التحرك نحو القضية الفلسطينية.ورغم أن الأميركيين أكثر تعاطفاً مع إسرائيل، إلا أن استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة "غالوب" في مارس 2023 سجّلت نتيجة صافية للديمقراطيين الذين فضلوا الفلسطينيين للمرة الأولى. منذ 7 أكتوبر منذ بدء الحرب بين إسرائيل و"حماس"، كشفت استطلاعات الرأي في الولايات المتحدة عن اختلافات جوهرية سياسية بشأن الصراع.. وأخرى بين الأجيال.ولا يزال الارتفاع الأخير في التعاطف المؤيد للفلسطينيين بين الديمقراطيين قائما، فنحو 25% ممن صوتوا للرئيس جو بايدن يُعتبرون مؤيدين لإسرائيل، وهو ما لا يزيد كثيرا عن نسبة 20% التي تدعم الفلسطينيين. وعلى النقيض من ذلك، فإن 76% من ناخبي دونالد ترامب مؤيدون لإسرائيل. ويعني هذا التحول أن بايدن يواجه الآن صدعًا مفاجئًا داخل حزبه بشأن الشرق الأوسط، بينما يتجه إلى حملة إعادة انتخاب صعبة، على الأرجح ضد الرئيس السابق ترامب. كما تشير الصحيفة إلى أن العامل الكبير الآخر هو العمر، وبين الأميركيين الشباب هناك دعم صريح للفلسطينيين أكثر من إسرائيل. وفي الوقت نفسه، بين الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، يكون الدعم بأغلبية ساحقة لصالح جانب واحد وهو نسبة تأييد إسرائيل البالغة 65% وهي تزيد بأكثر من 10 أضعاف النسبة المؤيدة للفلسطينيين. وأحد التطورات المهمة المحتملة للسياسة الأميركية هو تطور وجهات النظر منذ بدء الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد "حماس" في غزة، التي حاصرت القطاع وأجبرت مئات الآلاف على ترك منازلهم وغادرت تفاقم الأزمة الإنسانية. الولايات المتحدة كوسيط وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة "إبسوس" في منتصف نوفمبر، أن معظم الأميركيين يعتقدون الآن أن الولايات المتحدة يجب أن تعمل كوسيط محايد.في حين أن الأغلبية اتفقت على أن إسرائيل "تفعل ما ستفعله أي دولة ردا على هجوم إرهابي"، بينما قال 2 من كل 3 مواطنين أميركيين شملهم الاستطلاع إن على أميركا الدعوة إلى وقف إطلاق النار ومحاولة التفاوض على عودة الأسرى. كما وجد الاستطلاع أن الأميركيين منقسمون بالتساوي حول ما إذا كان "رد إسرائيل على الهجمات الأخيرة مفرطا" حيث وافق 50% على ذلك، مقابل 50% لم يوافقوا على ذلك. ومع ذلك، من بين الديمقراطيين، كان 62% أكثر احتمالاً للموافقة مقابل 30% من الجمهوريين. وانتقد الديمقراطيون التقدميون الأصغر سنا والأكثر يسارية بشكل خاص طريقة تعامل بايدن مع الحرب، قائلين إن دعمه للرد الإسرائيلي لم يكن مشروطا بما فيه الكفاية، وكان ينبغي عليه فعل المزيد لمنع سقوط ضحايا من المدنيين بين الفلسطينيين. انقسام بين الأجيال والسياسة في بريطانيا ولدى المملكة المتحدة أنماطا مماثلة لتلك الموجودة في الولايات المتحدة عبر وجهات النظر السياسية والفئات العمرية، لكن الانقسام بين الأجيال أقل وضوحا بحسب التقرير.وعلى الرغم من أن الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا كانوا أكثر عرضة للتعاطف مع الفلسطينيين بـ3 مرات من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، إلا أن كلا المجموعتين كانت لديهما نفس النسبة تقريبًا التي دعمت كلا البلدين بالتساوي أو لم تقررا بعد. ومن الناحية السياسية، يميل ناخبو حزب العمال إلى دعم فلسطين (31%) ويتعاطف الناخبون المحافظون أكثر مع إسرائيل (34%). لكن نسبة كبيرة من الناس من مختلف الأطياف السياسية يتعاطفون مع كلا الجانبين على قدم المساواة أو ما يزالوا غير متأكدين. وهذا أكثر ما يلفت الانتباه بين ناخبي الديمقراطيين الليبراليين، حيث يتعاطف 50% منهم مع كليهما. وتقول الصحيفة إن هذه الأرقام يمكن أن تتغير مع تطور الحرب، ولكن خصوصا داخل الولايات المتحدة، بدأ الرأي العام بشأن إسرائيل يتحرك على نحو قد يشكل السياسة في الشرق الأوسط وخارجه لسنوات مقبلة. (ترجمات)