شكّل هجوم 7 أكتوبر نقطة تحول في تاريخ إسرائيل، والذي جاء كصفعةٍ بعد سنوات من الهدوء، في وقت وجهت فيه إسرائيل أنظارها إلى أنشطة إيران التي تحارب تل أبيب وتدعم الفصائل الفلسطينية بالخارج، وغفلت عن دعمها لهم داخل الأراضي الفلسطينية. ولا يقتصر دعم حركة "حماس" على الجانب الإيراني فحسب، بل أصبح لدى الحركة خبرة في القتال بسبب الحروب التي خاضتها مع إسرائيل من جهة، والحروب التي تشهدها دول مختلفة من العالم من جهة ثانية. توالت الانتقادات لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعد الهجوم، ليس بسبب الاختراق الذي تم، وعدد القتلى من الجانب الإسرائيلي، بل لأنه منذ تأسيسها تخوض إسرائيل معارك سواء مع الفلسطينيين أو مع الدول المجاورة، لذا كان يجب أن يكونوا على استعداد دائم لأي هجوم كما الذي حصل في 7 أكتوبر، والذي فشلت حكومة نتانياهو في اكتشافه أو في السيطرة عليه مباشرة.نتانياهو على المحك ويبدو أن هجوم 7 أكتوبر أطاح بأحلام نتانياهو بأن يكون "بن غوريون الثاني"، والذي يعتبر من أهم مؤسسي إسرائيل. ولم يقتصر الفشل الذي مُني به نتانياهو على الاختراق الذي حصل في 7 أكتوبر، بل يمتد إلى أحداث سابقة، أبرزها تلك التي حصلت في الآونة الأخير بسبب التعديلات القضائية.في ظل هذا التخبط، كتب نتانياهو السبت، على منصة "إكس" تغريدة أصرّ فيها على أنه "لم يتلق أي تحذيرات بشأن نوايا حركة "حماس" شن حرب على إسرائيل، في أي وقت من الأوقات". وأضاف: "كل الهيئات الأمنية، بما في ذلك الاستخبارات الحربية، ورئيس الشاباك، كانوا من الرأي القائل بأن "حماس" ارتدعت وترغب في الوصول إلى تسوية". لاقت التغريدة انتقادات لاذعة من داخل الحكومة وخارجها، ما دفع نتانياهو إلى حذفها. وذكر تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت أن 75% من الإسرائيليين يحمّلون نتانياهو مسؤولية الفشل الأمني في حماية بلدات غلاف غزة التي هاجمتها حركة "حماس" خلال عملية "طوفان الأقصى".في هذا السياق، يقول المحلل السياسي الإسرائيلي يسرائيل حسون في حديث إلى منصة "المشهد" إن:نتانياهو يتعرض للانتقادات منذ بداية العالم الحالي، واليوم هناك هجوم متصاعد عليه، لأنه يجب أن يتحمل المسؤولية.معظم الشعب الإسرائيلي يرى أن هذا الهجوم هو نهاية نتانياهو في الحياة السياسية، لكن بعد انتهاء الحرب وليس الآن.قسم من الشعب الإسرائيلي يرى نتانياهو بن غوريون الثاني، لكن لا أعلم إذا هذا القسم من الإسرائيليين كبير.بدوره يبيّن المحلل السياسي الإسرائيلي روني شاكيد لمنصة "المشهد" أن "نتانياهو هو عنوان الحرب، وعليه أن يدفع الثمن لكن بعد المعركة، ويعود إلى منزله تاركا منصبه".الأيام الأولى بعد الهجوم وبعد تلقي الصدمة في إسرائيل إثر الهجوم الذي شنته "حماس"، واجهت الحكومة الإسرائيلية مشكلة أخرى، وهي تنظيم عمل دوائر الدولة تماشيا مع حالات الطوارئ، وتلبية احتياجات الإسرائيليين، خصوصا في ظل حالة الخوف والهلع التي يعيشونها بعد الهجوم العنيف. في هذا السياق، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن هناك تقريرا قُدم إلى حكومة إسرائيل في فبراير 2022، أشار التقرير إلى أن إدارة نظام الطوارئ الإسرائيلي "مليئة بالإخفاقات والفشل"، يتزامن ذلك مع انعدام التنسيق بين الهيئات والوزارات الحكومية ذات الصلة.وكشفت الصحيفة أن التقرير بقي طي الكتمان دون معالجة، حيث قدم إلى مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وهيئة الطوارئ الوطنية في وزارة الأمن، ومكتب رئيس الوزراء.في الإطار، يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية خالد شنيكات في تصريح إلى "المشهد": "نتانياهو يتعرض لأزمة في حياته السياسية تعود إلى سنوات عدة، بسبب ملفات فساد وقضايا حول إساءة استخدام السلطة، كذلك وسع الاستقطاب الحاد حول التعديلات القضائية الشرخ بين المعارضة من جهة ونتانياهو وحلفائه جهة ثانية". ويضيف شنيكات: "جاء هجوم 7 أكتوبر مرة ثانية ليحمّل المسؤولية لنتانياهو الذي حاول التملص من المسؤولية بذكاء، من ضمنها ادعاء مفاده أن الأجهزة الأمنية لم تخبره بتهديدات حماس".يشرح حسون أن "أول أسبوع من كل حرب صعب جدا، واليوم المعركة ستطول، فهي ليست معركة بسيطة، لا أعلم كم المدة ستكون، لكن من المؤكد أن ما بعد الحرب ليس كما قبلها". ويستطرد حسون قائلا: "حكم حركة "حماس" في قطاع غزة انتهى دوره، وإسرائيل لن تسمح مجددا للحركة بأنه تحكم القطاع، كذلك التهديد القادم من الشمال لن يبقى على ما هو عليه، لأن إسرائيل غير مستعدة لـ10 آلاف جندي تحت قيادة حزب الله أن يتمردوا على حدودها".مرحلة ما بعد الحرب وانتشرت أنباء حول قيام نتانياهو بطلب حرق أوراق وملفات من شأنها أن تؤدي إلى محاكمته بعد انتهاء الحرب في غزة، خصوصا أن مصر قالت إنها حذرت الجانب الإسرائيلي بالهجوم الذي تخطط له "حماس"، لكن تل أبيب رفضت هذه المزاعم. نتيجة لذلك، الحركة الديمقراطية المدنية في إسرائيل طالبت المستشارة القضائية للحكومة جلي بهاراف ميارا، بفتح تحقيق في شبهات حول قيام ديوان رئاسة الوزراء بتوجيه من نتانياهو بحرق وثائق أو منع تسجيلات وإخفاء معلومات تخدم التحقيقات التي ستجري بعد عملية "طوفان الأقصى". حول ذلك، يُشير حسون إلى أنه "لن يكون هناك محاكمة في دولة إسرائيل لما حصل في الحرب، إذ إن الأجهزة الأمنية اعترفت بأنها المسؤولة عما حصل، الوحيد الذي لم يتحمل المسؤولية ولم يعترف بالأخطاء هو نتانياهو. ولست متأكدا إذا ما كان نتانياهو فعلا يتلف ملفات لإخفاء الحقائق".وينهي شنيكات حديثه إلى المشهد قائلا "نتانياهو في ظرف صعب، وربما التحقيقات بعد المعركة تشمل الكثير من النخبة السياسية الإسرائيلية، حيث إن نتانياهو تشبث كثيرا بالسلطة، وحارب دعوات إقالته، ورغم ذلك نتانياهو اليوم يقود المعركة وفي ذهنه البقاء في السلطة، ويعمل بقوة لكي لا يكون تحت المحاكمة".(المشهد)