في الساعات الأولى من عام 2024، اهتزت اليابان الاثنين على وقع زلزال عنيف بلغت قوّته 7.5 درجات على مقياس ريختر، في حين أصدرت السلطات المحلية هناك تحذيرات من حدوث أمواج تسونامي يبلغ ارتفاعها 5 أمتار على السواحل الغربية للبلاد.وأعاد الزلزال الأخير الذي ضرب منطقة إيشيكاوا اليابانية، ذاكرة العالم نحو 6 فبراير، وهو اليوم الذي ضرب فيه زلزال عنيف جنوب تركيا وشمال سوريا بقوة 7.6 درجات وأدى إلى مقتل عشرات الآلاف في كلا البلدين. وحذّر المسؤولون اليابانيون السكان في المناطق المتضررة بضرورة الإخلاء إلى مناطق مرتفعة، حيث تم إرسال 1000 عسكري من قوات الدفاع الذاتي للمساعدة في جهود الإنقاذ والإنعاش. وقال وزير الدفاع الياباني إن بلاده خصّصت ألف جندي للمساعدة في جهود الإنقاذ والتعافي في أعقاب الزلزال. وأكد كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، هاياشي يوشيماسا، بحسب ما نقلته هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية، إن ما يصل إلى 33 ألف أسرة قد تتأثر بانقطاع التيار الكهربائي. ولم يتم إعلان أي قتلى بسبب الزلزال حتى اللحظة. ما هو التفسير العلمي لقوة الزلازل؟وتُعدّ اليابان واحدة من الدول الأكثر عرضة للزلازل في العالم، حيث تقع على "حزام النار حول المحيط الهادئ"، وهو منطقة نشطة زلزالياً بسبب تحرك الصفائح التكتونية. وحول التفسير العلمي لقوة الزلازل، قال أستاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل في الجامعة الأردنية الدكتور نجيب أبو كركي إنه بعكس الانطباع السطحي السائد بأن هناك تزايدا في نشاط الزلازل وقوتها، فإن ذلك "ليس حقيقيا". وأضاف أبو كركي في تصريحات لمنصة "المشهد" أن الزلازل لا تُعدّ بأعدادها، ولو قلنا أن هناك 1000 زلزال في السنة و2000 في السنة أخرى، قد تكون السنة التي يحدث فيها 10 زلازل فقط أكثر "زلزالية" من باقي الأعوام.وتابع الخبير الأردني أنه كلما زادت قوة الزلزال درجة واحدة تزيد كمية الطاقة المفرغة بمقدار 32 مرة. فمثلا اليابان حدث فيها عام 2011 زلزال فوكوشيما بقوة 9.2 درجات على مقياس ريختر، والذي تسبّب بكارثة فوكوشيما النووية وهو يعادل بقوته "مليون زلزال بقوة 5 درجات على سبيل المثال".وشدّد على أنه لا توجد أي زيادة مثبتة بأعداد الزلازل وقوتها حول العالم من سنة إلى أخرى. هل للتغير المناخي علاقة بالزلازل؟ وأكد أبو كركي أن هناك اتفاقا علميا واسعا ما بين العلماء بشكل أساسي حول عدم وجود أية علاقة بين المناخ والزلازل.وأضاف: "إذا أخذنا بعين الاعتبار مسبّبات الزلازل وأين تحصل فهي تحصل في باطن الأرض وعلى أعماق عشرات الكيلومترات وهذا بعيد جدا عن أي تأثيرات مناخية أو احترار أرضي أو ما شابه ذلك". وتابع قائلا: "هكذا تأثيرات يُمكن أن تأتي بشكل غير مباشر وبعد مئات السنين إذا تغيرت كتل المياه نتيجة ذوبان الجليد في المحيطات وأدت إلى تغيرات كبيرة في هذه الكتل من منطقة إلى منطقة. قد يؤدي هذا إلى نوع من أنواع التأثير ولكنه في الواقع ليس بشيء أساسي". وأكد أبو كركي "نتحدث عن الزلازل التكتونية الناتجة عن الحركات الأرضية المرتبطة بما يُسمى تكتونية الصفائح أو نظرية الصفائح، وهذه الزلازل المدمرة بشكل أساسي تحدث على أعماق تتراوح بين عشرات الكيلومترات البسيطة أو حتى إلى أقل من ذلك إلى نحو 700 كلم تحت سطح الأرض ولا يوجد على الأعماق الكبيرة". وقال "إذا زدنا 2 كلم أو 3 كلم تحت سطح الأرض كل ما يقوم به الإنسان على سطح الأرض لا تأثير له".ما أسباب زلزال اليابان اليوم؟وبالعودة إلى زلزال اليابان الأخير، أوضح أبو كركي أن اليابان تقع ضمن نطاق التصادم ما بين الصفائح المحيطة بالمحيط الهادئ وصفيحته. وأكد أن الزلازل في اليابان تكون عنيفة أكثر بكثير من المناطق التي فيها زلازل قوية على غرار تركيا وإيران. وأضاف: "من هنا تتكرر الزلازل وتُقارب ما حصل عام 2007 عندما وقع زلزال قوته 6.8 درجات وأثّر على بعض المفاعلات النووية في اليابان أدى إلى تلوث بيئي، وفي عام 2022 أدت هذه الزلازل إلى طامة كبرى: كارثة فوكوشيما". ولفت إلى أن اليابان معتادة على موضوع الزلازل، و"الزلزال الأخير حصل قبله زلازل بقوة 5 درجات تقريبا وتبعها مجموعة من الزلازل، إضافة إلى زلزالين على الأقل كانت قوتهما نحو 6 درجات". وشدّد أبو كركي على أن اليابان منطقة زلزالية من الدرجة الأولى ومُتوقع أن تشهد زلازل "نسمع عنها باستمرار بين الفينة والأخرى. متوقّعا أيضا أن تشهد زلزالا قويا مدمّرا كل بضع سنوات".هل من زلازل في المنطقة العربية؟ واعتبر أستاذ الجيوفيزياء أن المنطقة العربية بها بعض المناطق الزلزالية و"لكن زلزاليتها لا تُقارن بما يحدث في تركيا مثلا أو إيران أو الصين أو كاليفونيا". ولفت إلى أن المنطقة العربية تضمّ مناطق زلزالية معتدلة متوسطة التدمير، أي أنه "نحو كل 100 عام قد نسمع بزلزال مؤثر بشكل كبير في بلد عربي وإن كان هذا الزلزال موقعه قريب من مناطق الكثافة السكانية". وأشار أبو كركي إلى أن كل ما عدا ذلك هو تكهنات، وأن الزلازل هي ظاهرة غير منتظمة ولا يمكن التنبؤ بها بشكل موثوق. ولفت إلى أن هذا ثابت من التاريخ وبكل ما يتم مراقبته عبر الظواهر، مضيفا:إذا حدث في تركيا 10 زلازل كبرى خلال القرن الماضي على سبيل المثال، فإن عالمنا العربي حصل به زلازل أقل تأثيراً بشكل كبير وعددها محدود وأقل مما يحصل في تركيا"، وهذا هو النمط الزلزالي في المنطقة العربية.على سبيل المثال لو قارنا الأردن وفلسطين، فإن لهما الصدع التحويلي الأردني الذي يؤثر على كلا البلدان، وفي فلسطين هناك مشاكل إضافية ناجمة عن الصدوع الموجودة في البحر المتوسط وصدع الكرمل الذي ينطلق من وادي الأردن ويمر عبر حيفا إلى البحر.الصدع الذي يمتد من مدخل خليج العقبة جنوبا إلى تركيا شمالا يُسمّى الصدع التحويلي الأردني وهو مرتبط باسم الأردن، إلا أنه يعني أيضا سوريا ويعني لبنان وفلسطين والأردن وأجزاء من خليج العقبة وما يشترك بها من السعودية ومصر.وتستخدم اليابان تكنولوجيا متقدمة لتصميم المباني بحيث تكون قادرة على تحمّل الزلازل، في حين تتميز ناطحات سحاب عدة هناك بقدرتها على "التمايل" عندما تهتز الأرض مما يقلّل من الضرر الذي يمكن أن يحدث. (المشهد)