بات واضحا أن مقترح تهجير سكان قطاع غزة الذي أطلقه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم ينجح في إحالة المخطط واقعا على الأرض، بعد رفض مصري أردني شديد صاحبه مؤازرة عربية ضد الخطة.ومؤخرا، بدا الفشل يطفو إلى السطح بعد تصريحات ترامب لمحطة "فوكس نيوز" الأميركية التي تراجع فيها عن ضرورة تنفيذ خطته بشأن غزة مشيرا إلى أنه لن يفرضها بعد اليوم والتي ستقتصر على كونها توصية من واشنطن كوسيلة للحل ولن يفرضها فرضا. استدرك ترامب في تصريحاته ليعبر عن مفاجأته بالموقف الأردني المصري الرافض للمخطط، والذي قال إن كلا البلدين يحصلان على مساعدات مالية من أميركا. وسقط مقترح ترامب بحسب صحف إسرائيلية أمام خطة مصرية عربية لإعادة إعمار قطاع غزة من دون إجبار الفلسطينيين على المغادرة، والتي قد تتمكن من تحقيق تسوية تؤدي بدورها إلى إنهاء إدارة "حماس" للقطاع لصالح لجنة فلسطينية تتكون بالدرجة الأولى من شخصيات مدنية. هل فشلت خطة ترامب رسميا؟ ومن هنا، قال الدبلوماسي الأردني السابق السفير زياد المجالي إن خطة ترامب "فكرة ولدت ميتة"، لأنها كانت تنطوي على كثير من "اللامعقولية" وليس لها أسس سياسية ولا أسس تستند إلى قواعد القانون الدولي. وأضاف المجالي في حديثه لبرنامج "المشهد الليلة" الذي يُبث على قناة ومنصة "المشهد" مع الإعلامية شاهندا أديب، أنه من الناحية الموضوعية، فإن أهل غزة يستحيل عليهم تكرار نكبة عام 1948.وأوضح أن طرح ترامب واجه الموقف الموضوع العربي من مصر والأردن مبينا أن "العاهل الأردني كان واضحا في أن هناك مشاورات مع الجانب العربي وسيسمع الردّ منهم". ولفت المجالي إلى أن جواب الملك لترامب من داخل البيت الأبيض كان "مؤدبا" لأنه "قبل أن يغادر (العاهل الأردني) إلى واشنطن كان هنالك تواصل مع القيادة السعودية والإماراتية والمصرية، وكان يحمل معه موقفا عربيا داعما لموقف الأردن الذي سيطرحه باسم التوافق العربي". المساعدات الأميركية للأردن ومصر اعتبر المجالي أن تصريحات ترامب الأخيرة ما هي إلا "تجميل للانسحاب" الذي كان بدايةً رسالةً وجهها للشعب الأردني بعد أن كان هناك إلتباس في تفسير ما تم خلال اللقاء بينه وبين الملك الأردني من قبل بعض أجهزة الإعلام الأميركية. وأكد أن ترامب يريد أن يجمّل تلك التصريحات بالتراجع و"بأنه يستغرب لماذا الأردن ومصر لم يوافقا على مخططه مع العلم أن القليل من التفكير يأتي بالجواب بالنسبة إليه". وأوضح المجالي أنه فيما يخص حديث ترامب عن المساعدات، فإن هناك علاقات إستراتيجية طويلة ما بين أميركا "وليس فقط مصر والأردن، ولكن مجموعة كبيرة من الدول العربية". وشدد على أن المساعدات الأميركية هي ليست قرارا من البيت الأبيض وإنما تأتي بقانون "والقانون يناقشه الكونغرس". وشدد على أن ترامب عليه مواصلة التراجع لأنه يعلم أنه "لا مجال لتهجير الفلسطينيين في غزة". وجود "حماس" والسلطة الفلسطينية وفي هذا الصدد، قال المجالي إن ما يهمّ هو ما يتعلق بالشعب الفلسطيني "ولا نهتم بفرقاء داخل المكوّن الفلسطيني". وأكد أن "هناك عقدة" يجب أن يتم حلّها في إطار القمة العربية القادمة، أي "خطة عربية لإعادة الإعمار دون التهجير".وشدد المجالي على أن مسألة أن تكون "حماس" حالة سياسية أو عسكرية "فهذا يتنافى الآن مع واقع الأمور"، مؤكدا أن الاتفاق الذي تم في يوليو الماضي في بكين ما بين الفرقاء الفلسطينيين نصّ على أن ينضوي الجميع تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية وهي الجانب المعترف به من قبل المجموعة الدولية وهي الجانب الذي كان ذلك الاعتراف سبباً في اعتراف بدولة فلسطين في منظمة الأمم المتحدة. وقال "لا يمكن الآن أن نطعن في تلك الوحدة الفلسطينية وفي منظمة التحرير". ولفت إلى أن الكرة حاليا في مرمى "حماس" بأن تنضوي تحت مظلة منظمة التحرير وهذا ما تم الاتفاق عليه سابقا. هل تقبل إسرائيل بعدم التهجير؟ وقال المجالي إن الحكومة اليمينية في إسرائيل ومنذ أن تسلّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لأول مرة الحكم عام 1996، وهي تبتعد عن مفاهيم السلام. وأضاف "هذا اليمين المتطرف يشكّل أكثر حكومة متطرفة وهي تتمنى أن يكون هناك انشقاقات داخل الجانب الفلسطيني حتى تستمر في العمليات العسكرية". وأكد أن اليمين المتطرف يريد تأخير عملية تسليم الأسرى كي يكون هناك افتعال لاحتكاك مرة أخرى، مشددا على أن هذا اليمين الإسرائيلي هو العقدة الثانية إلى جانب "حماس" التي لا تريد في هذه المرحلة أن تنفذ ما اتُّفق عليه في بكين بحيث تكون تحت مظلة منظمة التحرير المعترف بها دوليا. وقال المجالي إن الدعم العربي سيكون بمثابة الرد الرسمي على الجانب الأميركي الذي يجب أن يلجُم إسرائيل في المرحلة القادمة. وشدد على ضرورة أن يكون هناك تحرك سياسي فعلي يؤدي إلى تطبيق قرار القمة العربية عام 2002 في بيروت من أجل إنشاء الدولة الفلسطينية.(المشهد)