يثير تساؤل من يحكم غزة في اليوم التالي للحرب؟ خلافات كبيرة بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، وخصوصا بعد تعهد حكومة بنيامين نتانياهو بالقضاء على "حماس"، ورفض تسليم القطاع للسلطة الفلسطينية.كما يعتبر تساؤل من سيدير القطاع أمنيا هو الأهم، فهل ستدير إسرائيل القطاع بنفسها من خلال استمرار انتشار الجيش في غزة، أم ستسلمه لقوات دولية كما اقترحت الولايات المتحدة.من جانبها، كشفت هيئة البث الإسرائيلية عن خطّة للجيش تتولى بموجبها عشائر معروفة من قبل جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، إدارة مناطق في قطاع غزة وتوزيع المعونات الإنسانية فيها، ما اعتبره محللون توضيحاً للتصريحات الإسرائيلية السابقة.تفاصيل "خطة العشائر" وتعتمد "خطة العشائر" على تقسيم القطاع إلى محافظات كبرى وأخرى فرعية تقوم العشائر والعائلات الكبيرة بإدارتها مدنياً خلال الفترة الانتقالية ما بعد الحرب بالإضافة إلى توزيع المساعدات الإنسانية فيها. ومن المتوقع أن تُعرض الخطة على الكابينت، للمصادقة عليها. في المقابل يشكك الكثير من المحللين والمراقبين في جدوى الخطة المذكورة، ومنهم، المحلل السياسي الفلسطيني أحمد رفيق عوض الذي قال في حديث إلى "المشهد" إن "هذه الأفكار لم تنجح في السابق، ولن تنجح في اللاحق". وشرح عوض أنّه "منذ ثلاثينيات القرن الماضي الحركة الصهيونية حاولت أن تقسّم الفلسطينيين إلى فلاحيين وأفندية، في 1967 حاولت إسرائيل أن تعتمد على الزعامات التقليدية، وفي السبعينيات على البلديات، وفي ثمانينات القرن الماضي اعتمدت على مفهوم الريف مقابل المدينة، في التسعينيات حاولت أن تتفق مع الحركة الوطنية الفلسطينية، وإقامة سلطة فلسطينية لها علاقة مع إسرائيل ومشتركة في إدارة المناطق المحتلة". وأكد أن جميعها لم تنجح، ولم تعط النتيجة المتوقّعة منها، قائلاً "كل هذه الأمور وصلت إلى طريق مسدود. الآن، يتحدثون عن فكرة العشائر والتهجير، عمليا كل هذه الأفكار فاشلة، لأنه تتجنب العامل الأساسي وهو الاعتراف بالشعب الفلسطيني، باعتباره صاحب حق وقادر على إدارة أموره. ليس ذلك فحسب، بل إن ممثل العشائر في القطاع رفض هذا المقترح".العشائر ترفضوردت الهيئة العليا للعشائر الفلسطينية في قطاع غزة على الخطة الإسرائيلية لتعزيز دورها في السيطرة على القطاع بالرفض. ووصف المفوض العام للهيئة العليا للعشائر الفلسطينية في قطاع غزة عاكف المصري، التسريبات الإسرائيلية "بالمشبوهة والتي تسعى من خلالها إسرائيل للتغطية على فشلها في غزة، وخلق البلبلة والفتنة في المجتمع الفلسطيني"، حسب ما نقلته وكالة "معاً" الفلسطينية. وأكد المفوض العام أن العشائر والعائلات الفلسطينية الكبرى تمثّل الحاضنة الشعبية للمقاومة الفلسطينية التي "مرغت أنف الاحتلال في رمال غزة". تصريحات المصري جاءت متناغمة مع تأكيدات رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية على عدم وجود حل في غزة بدون مشاركة "حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى، وذلك في كلمة متلفزة له قبيل ساعات من قيام إسرائيل باغتيال نائبه صالح العاروري في الضاحية الجنوبية ببيروت. تل أبيب مضطرة لخيار السلطة الفلسطينية كثّفت واشنطن من ضغوطها على تل أبيب في الآونة الأخيرة لدفعها على تغيير خططها الخاصة بالحرب، مطالبة باستبدال الاستهداف العشوائي بتحقيق إصابات في أهداف مركّزة ومباشرة كوسيلة ناجعة للتقليل أعداد الضحايا المدنيين التي تجاوزت 22500 شخصاً وفق المصادر الطبية التابعة لـ"حماس" في غزة. إلى جانب ذلك، لا تزال الإدارة الأميركية بقيادة بايدن مصرّة على ضرورة منح دور للسلطة الفلسطينية في رام الله لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، وهي ضغوط دفعت على ما يبدو نتانياهو إلى التراجع عن رفضه المطلق للمقترح الأميركي. بدء الجيش الإسرائيلي الانسحاب من مناطق في شمال قطاع عزة، وسط تزايد الحديث في الإعلام الإسرائيلي عن بدء المرحلة الثالثة للحرب، وهي المرحلة الأخيرة، والقائمة على استهدافات مركّزة بدلاً من القصف الكثيف والعشوائي. فبعد اجتماع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، في واشنطن بدأ نتانياهو الحديث عن دور محتمل للسلطة الفلسطينية لكنه ربط هذا الدور بشرط "إجراء السلطة الفلسطينية تغييرات جذرية وإثبات ذلك في تصرفها". وكان ديرمر التقى كل من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، في اجتماعات تركّزت حول خطط إسرائيل للحرب.(المشهد)