تعهد رئيس مجموعة "فاغنر" الروسية يفغيني بريغوجين السبت ببذل قصارى جهده للإطاحة بالقيادة العسكرية الروسية، بعد ساعات من اتهام الكرملين له بالتمرد المسلح. وقال بريغوجين إن مقاتليه في "فاغنر" عبروا الحدود إلى روسيا من أوكرانيا ودخلوا مدينة روستوف أون دون، وقال إنه ورجاله "سيدمرون أي شخص يقف في طريقهم".فمن هو يفغيني بريغوجين القائد المثير للجدل؟ وما هي مجموعة "فاغنر"؟ ولماذا أنشأت؟ وهل كان وجودها في أوكرانيا أمرا صحيحا؟ وما هو مستقبل المجموعة في ظل تسارع الأحداث المرتبطة بوضعها في البلاد؟ما هي مجموعة "فاغنر" الروسية؟تعتبر مجموعة "فاغنر" ميليشيا خاصة تعمل في مناطق النزاع في أنحاء مختلفة من العالم، وتنتمي هذه المجموعة إلى شركة عسكرية روسية خاصة غير مسجلة، تقوم بتجنيد العملاء وتدريبهم لإرسالهم إلى مناطق النزاع لتنفيذ أهداف محددة، مثل تأجيج العنف ونهب الموارد الطبيعية وترهيب المدنيين.ويشير تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن "فاغنر" تم تأسيسها من قبل ديمتري أوتكين، الذي كان قائدا متقاعدا للقوات الخاصة الروسية، ويقوم بتدريب وتجنيد المقاتلين وتوجيههم في ساحات المعركة، وذلك قبل أن يصبح بريغوجين قائدا لها بعد 2016.ووفقا لبيتر ستانو، المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، فإن المجموعة تعمل بالنيابة عن روسيا، على الرغم من الإنكارات المتكررة من الجانب الروسي. ويشير ستانو في تصريح لمنصة "المشهد" إلى أن فاغنر "تنشط في أماكن مختلفة من العالم، في أكثر من 20 دولة تقريبا، معظمهم في إفريقيا"، لافتا إلى أنهم "هم كذلك ينفذون العمليات في سوريا وليبيا، ولذلك عدد من أفراد المجموعة تم وضعهم على قوائم العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي". ويؤكد الاتحاد الأوروبي، أن المجموعة الروسية، تتواجد كذلك في عدد من الدول الإفريقية، أبرزها منطقة الساحل وفي جمهورية إفريقيا الوسطى، وفي مالي. كم عدد مقاتلي "فاغنر"؟تم التعرف على مجموعة "فاغنر"، التي تسمى رسميا "بي إم سي فاغنر"، لأول مرة في عام 2014، عندما كانت تدعم القوات الانفصالية الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا. في ذلك الوقت، كانت منظمة سرية، تعمل في الغالب في إفريقيا والشرق الأوسط، ويعتقد أنها لم يكن لديها سوى حوالي 5000 مقاتل، معظمهم من قدامى المحاربين في أفواج النخبة الروسية والقوات الخاصة، وفقا لتقرير لهيئة الإذاعة البريطانية.نمت المجموعة بشكل كبير منذ ذلك الحين. فوفقا لوزارة الدفاع البريطانية، تتكون مجموعة فاغنر الآن من أكثر من 50000 مقاتل في أوكرانيا، وأصبحت مكونا رئيسيا في حرب روسيا وأوكرانيا. وبحسب ما ورد شاركت قوات مجموعة "فاغنر" في السيطرة الروسية على مدينة باخموت الواقعة في شرق أوكرانيا.بدأت المنظمة في التجنيد بأعداد كبيرة في عام 2022 لما واجهته روسيا من صعوبة في العثور على أشخاص للجيش النظامي. ووفقا لتقرير "بي بي سي"، تم تجنيد حوالي 80% من قوات "فاغنر" في أوكرانيا من السجون، حسبما قال مجلس الأمن القومي الأميركي في بداية هذا العام.لعبت قوات فاغنر دورا حاسما في الحرب الروسية في أوكرانيا، ونجحت في الاستيلاء على المدينة التي وقعت فيها أكثر المعارك دموية وأطولها، باخموت. لكن بريغوجين انتقد بشكل متزايد الضباط العسكريين الروس، متهما إياهم بعدم الكفاءة وتجويع قواته من الأسلحة والذخيرة.وسبق أن ضرب بريغوجين القيادة العسكرية للبلاد بسبب إخفاقاتها في الحرب في أوكرانيا، وهو معروف بعداءه الطويل مع وزارة الدفاع. تقدر الولايات المتحدة أن فاغنر تنفق حوالي 100 مليون دولار شهريا في القتال، وفقا لتقرير صادر عن وكالة "أسوشيتد برس".من هو قائد "فاغنر" يفغيني بريغوجين؟يعود تاريخ يفغيني بريغوجين مع القيادة في موسكو إلى عقود، إذ ينحدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبريغوزين من نفس المنطقة سانت بطرسبرغ (لينينغراد). وفي حين أصبح بوتين زعيما للبلاد، قضى بريغوجين حكما بالسجن لمدة 10 سنوات بدءا من سنوات مراهقته.وبعد خروجه من السجن، بدأ بريغوجين في اكتساب النفوذ في مجال الضيافة قبل أن يلفت انتباه بوتين، حيث بلغت مسيرته المهنية ذروتها في عام 2012، عندما مُنح عقدا لمدة عامين بقيمة 1.6 مليار دولار لتوفير أكثر من 90% من جميع طلبات الطعام للجنود الروس. وبحلول الوقت الذي كان فيه بوتين على أعلى المستويات في الحكومة الروسية، كان بريغوجين يساعد في خدمة عشاءه الرسمي، مثل العشاء الذي أقيم في عام 2006 مع الرئيس الأميركي آنذاك جورج دبليو بوش، ومن هنا أُطلق عليه لقب "طباخ بوتين".وساعد الرئيس الروسي بريغوجين في فتح مصنع غداء مدرسي بقروض سخية تمولها الدولة، كما امتلك بريغوجين جزءا على الأقل من شركة "كونكورد" للإدارة والاستشارات، وهي الشركة التي يشتبه مسؤولو وزارة العدل في عمليات التصيد المؤيدة لدونالد ترامب خلال انتخابات 2016.ويشار إلى بريغوجين هو المتهم الأول بتمويل فاغنر، وفقا لسجل العقوبات الأميركية والغربية.في شهر يوليو 2022، وضعت الخارجية الأميركية مكافأة بلغت 10ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عن بريغوجين، الذي تتهمه واشنطن بالوقوف وراء "تدخل موسكو في الانتخابات الأميركية". كما أنه أحد أبرز المطلوبين على قوائم مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي. أين يرتكز نشاط "فاغنر"؟يقول المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو لـ"المشهد" إن نشاط مجموعة فاغنر يتركز حالياً "على الجبهة الأوكرانية، حيث يساعدون الجيش الروسي في عدوانه غير الشرعي على الشعب الأوكراني، ويشنون هجمات عسكرية تستهدف المدنيين والأهداف المدنية". ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، يتواجد أفراد مجموعة فاغنر في دول مثل مالي وإفريقيا الوسطى وموزمبيق، حيث يعملون على توسيع نطاق نشاطاتهم وتحقيق مكاسب مالية وامتيازات في مجالات التعدين والسياسة. ويؤكد ستانو أن مجموعة فاغنر "تُمثِّل جزءاً من عمليات مدعومة من الكرملين في بعض الدول الإفريقية، حيث يتدخلون في السياسة ويشنون حملات دعائية. ورغم عدم وجود معلومات دقيقة حول حركة أفراد المجموعة، فإن التقارير تشير إلى وجودهم في دول عدة، بينها مالي وإفريقيا الوسطى. ويضيف ستانو أن فاغنر "يواصلون عمليات التوظيف والتدريب وإرسال المرتزقة في أماكن الصراع المختلفة، ويستهدفون المدنيين وينهبون الموارد الطبيعية للدول، مما يثير مخاوف بشأن استقرار تلك الدول".وجود "فاغنر" في أوكرانياوعن وجود "فاغنر" في أوكرانيا منذ بدء الحرب في فبراير الماضي، يقول الباحث في مركز العلاقات الدولية في جنيف ناصر زهير في تصريح لـ"المشهد"، إن "وجود فاغنر ليس صحيحا إذ إن وجود أي قوة رديفة عسكرية هذا يعني أنها قابلة للتمرد وقابلة للاندفاع للاستيلاء على السلطة نتيجة أي خلافات أو أي مطامع، خصوصا وأن شركة فاغنر تعتمد على مسألة المرتزقة بمعنى من يدفع أكثر؟". وحول السبب الذي أنشأت "فاغنر" من أجله، يضيف زهير أنه "تم إنشاء فاغنر حتى تقوم هذه الشركة أو القوة العسكرية الرديفة بالمهمات العسكرية التي لا يمكن لروسيا أن تتحمل تبعاتها سواء ما يحصل من جرائم حرب أو ما يحصل من اتهامات وانتهاكات عسكرية، وبالتالي تكون الاتهامات نحو فاغنر، وأيضا الوجود العسكري في إفريقيا الذي لا تريد روسيا تحمل نتائجه كدولة، فترمي الأمر إلى فاغنر". وهو ما يؤكده المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو خلال حديثه لـ"المشهد" مشيرا إلى أن "فاغنر" متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والإعدام والقتل خارج إطار القانون، ويشكلون تهديداً للاستقرار في دول عدة حول العالم. وبالرغم من عدم وجود أرقام دقيقة حول نطاق عملياتهم، تعمل فاغنر على توسيع نشاطاتها وتحقيق أهدافها المالية والسياسية في بلدان عدة. ما هو مستقبل "فاغنر"؟ ومع إعلان قائد فاغنر يفغيني بريغوجين العصيان تجاه الرئيس الروسي وكسر أوامره، وقوله في منشور إنه "قريبا سيكون لروسيا رئيس جديد"، موجها انتقادات واتهامات عنيفة للقادة العسكريين الروس، لا يزال مصيره ومصير مجموعته مجهولا. وتعليقا على ذلك يقول الباحث في مركز العلاقات الدولية في جنيف ناصر زهير لـ"المشهد": "أعتقد أن الحل هو الدمج في القوات العسكرية، لا يوجد حل آخر لكن هذا الأمر صعب جدا الآن لأسباب عدة". ويضيف زهير أن من بين تلك الأسباب: صعوبة أن تتمكن روسيا من دفع الرواتب التي كانت تدفعها شركة فاغنر لمقاتليها.مسألة تفكيك هذه القوة العسكرية، أو تمويلها.مدى تقييم قوة فاغنر الآن من الناحية العسكرية.مدى استمرار قائد فاغنر في تمرده وإزعاجه للقادة الروس.(المشهد)