في عالم يصف فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي بالديكتاتور، ويفضل روسيا على كندا لإقامة علاقات اقتصادية معها، من السهل أن يشعر المرء باليأس، حسبما قال المحلل السياسي البريطاني جيمس نيكسي، مدير برنامج روسيا وأوراسيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس).وقال نيكسي في تحليل نشره المعهد إنه يبدو أن ترامب وإدارته يميلون إلى مضاعفة تصريحاتهم المشينة، مما يجعل من الصعب رؤية كيف يمكن إصلاح الصراع العلني والشخصي مع زيلينسكي.وفي الذكرى الثالثة للحرب الروسية الأوكرانية، يبدو أن العلاقة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا قد تضررت بشكل كبير بالنسبة للبعض، خصوصا عندما يعتقد ترامب بوضوح أن التهديد من الصين له الأولوية.وعلي أي حال فإن أوكرانيا لم تضيع، على عكس المظاهر، كما أن علاقتها بالولايات المتحدة لم تنته: وربما لا تكون إدارة ترامب رافضة للتراجع، إذا أدركت أن مسار عملها يمكن أن يعني هزيمتها الذاتية.الاستسلام لروسيا؟وقال نيكسي إن أسباب سياسة أميركا أولا لمساعدة أوكرانيا تظل مقنعة، وتستحق التأكيد عليها مجددا: إن ردع روسيا في أوكرانيا وبقية أوروبا يساعد على إحباط الطموح الصيني وسيمكن صناعة الدفاع الأميركية من كسب مليارات الدولارات. ورفض إعطاء روسيا كل ما تريده سيظهر قوة، وستكون الولايات المتحدة بطلة بالنسبة للكثيرين (وربما يحصل ترامب على جائزة نوبل). والأهم من هذا كله، هو أن الدفاع عن سيادة أوكرانيا يعزز أمن الولايات المتحدة.وغالبا ما يقال إن أفضل طريقة للتوافق مع روسيا هي الاستسلام لها. وقد تكون هذه المقولة صحيحة (وإن كانت غير حكيمة) بالنسبة لأوكرانيا، لكنها لا تنجح بالنسبة للولايات المتحدة. فقد أثار التحول في السياسة الخارجية الأميركية خلال الأسابيع القليلة الماضية سعادة الروس، ولكن سيكون من الخطأ أن نعتقد أنهم الآن يعتبرون أميركا حليفا لهم. ويتم تعريف سياسة الكرملين الخارجية إلى حد كبير من خلال معارضتها للمصالح الأميركية، مما يجعل موسكو طرفا مهما وقطبا مستقلا في السياسة العالمية.وبشكل متكرر، على مدى ربع القرن الماضي، اعتقد القادة الغربيون أن بإمكانهم التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وسعت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل إلى دفع روسيا إلى ممارسة حكم عقلاني من خلال مصالح الطاقة المتبادلة مثل مشروعات خط أنابيب نورد ستريم. كما حاول الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما "إعادة ضبط" العلاقات الأميركية الروسية في بداية إدارته، حيث سعى إلى التعاون مع موسكو في أفغانستان وإيران و انتشار الأسلحة النووية.وقد فشلت كل هذه الإستراتيجيات: وربما كان ذلك جزئيا بسبب السذاجة أو الغطرسة ولكن السبب الرئيسي هو أن روسيا جعلت من المستحيل إقامة علاقات جيدة: فقد عملت روسيا ضد إدارة أوباما في سوريا، وقوض بوتين أمن الولايات المتحدة وأوروبا من خلال ضم القرم في عام 2014.ترامب وبوتين.. عقلية متقاربةوقال نيكسي، إنه صحيح بالطبع أن ترامب زعيم غربي مختلف تماما عن أي زعيم سابق. ويبدو أنه أقرب في العقلية إلى بوتين، حيث يعتقد أن العالم يجب أن يخضع بشكل أساسي لإدارة قوتين أو 3 قوى عظمى. وهذا يوضح للبعض، أنه إذا كان أي شخص يستطيع إجبار روسيا على الالتزام بشروط اتفاق، فإن ترامب هو من يستطيع ذلك. هذا المنطق معيب، ليس في تحليله لترامب، أو حتى لبوتين، ولكن في تحليله للدولة الروسية والسياسة الخارجية الروسية.وفي الوقت الحالي، يتعامل بوتين وفريقه مع ترامب بحذر. وهذا أمر منطقي بالنسبة للكرملين على المدى القصير: التفاوض الثنائي مع الولايات المتحدة يساعد على تحييد أوكرانيا، ويعزز الاقتصاد (وإن كان هذا بشكل مؤقت) ويقسم بقية أوروبا.ولكن هذا لا يمكن أن يستمر- فقد قضت روسيا سنوات في تصنيف الولايات المتحدة على أنها العدو رقم واحد.كما أن حرب روسيا تدفع اقتصادها ويخشى الكرملين من عودة قدامى المحاربين- حيث يراهم تهديدا محتملا لاستقرار النظام.ويقول نيكسي إن التحسن المؤقت للعلاقات سيكون مجرد توقف، للسماح لموسكو بتعزيز وإعادة تشكيل جيشها وإصلاح اقتصادها قبل تجديد الأعمال العدائية بشكل ما.ويرى نيكسي أن استمرار العداء بين الولايات المتحدة وروسيا يشير أيضا إلى أنه إذا كان ترامب يسعى إلى فصل روسيا عن الصين، فمن غير المرجح أن ينجح هذا السعي. وبدلا من ذلك، سيؤدي إلى ترك الولايات المتحدة تواجه الصين بمفردها، لأن أوروبا ستكون أقل استعدادا للمساعدة.(د ب أ)