كان مقتل زعيم "حزب الله" حسن نصر الله لحظة سعادة بالنسبة لإسرائيل، إذ رفع معنوياتها بينما لا تزال تعاني من صدمة هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر وبعد ما يقارب عاما على الحرب، غير أنه قدم أيضا دفعة لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي كان محاصرا قبل ذلك.ويوم السبت، بعد تأكيد مقتل نصر الله في غارة جوية إسرائيلية في بيروت، ألقى نتانياهو بيانا نقله التلفزيون.وقال في البيان "هذه أيام بالغة الأهمية"، واصفا اغتيال زعيم "حزب الله" بأنه "نقطة تحول" في الحرب. وأضاف "بعد عام.. وبعد ضربة تلو الأخرى.. تحطمت آمالهم. اكتسبت إسرائيل قوة دافعة. نحن ننتصر".إنقاذ نتانياهو وقد يكون هذا الاغتيال طوق إنقاذ لنتانياهو في وقت تنحى عليه اللائمة إلى حد كبير على الإخفاقات الأمنية التي سمحت بوقوع هجوم السابع من أكتوبر.فقد عزز نتانياهو قبضته على ائتلافه، الذي شابته انقسامات في بعض الأحيان، بعد نجاح الهجوم على نصر الله واغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" قبل بضعة أسابيع، وذلك من خلال ضم حليفه السابق الذي تحول إلى منافس جدعون ساعر إلى حكومته، الأمر الذي زاد أغلبيته إلى 68 مقعدا، وهي أغلبية مريحة في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا.وأظهر استطلاع للرأي نشرته القناة 12 الإخبارية الإسرائيلية يوم الأحد استمرار اتجاه حزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو إلى التعافي ببطء في استطلاعات الرأي. وردا على سؤال عن تقييمهم لسلوك نتانياهو في الحرب، قال 43% من المشاركين إنه "جيد"، مقارنة مع 35% في آخر استطلاع قبل 10 أيام.إسرائيل تستعيد الثقة عسكرياوبعد مرور عام تقريبا، ما زالت إسرائيل تواصل حربها ضد "حماس"، ولم يعلن نتانياهو النصر بعد، إذ لا يزال 101 أسير في غزة، وما زالت "حماس" صامدة رغم ما اعتراها من ضعف.لكن الحملة ضد "حزب الله" مختلفة. فقد قاد نصر الله الجماعة إلى أن أصبحت قوة إقليمية تنظر إليها إسرائيل باعتبارها تهديدا أكثر خطورة وأفضل تنظيما وتسليحا من حليفتها "حماس".وتتعرض الجماعة الآن لضربة موجعة، وقُتلت معظم قياداتها العليا، ودُمر جزء كبير من ترسانتها من الصواريخ في أسبوعين من القصف المكثف الذي أعاد إلى إسرائيل شعورها بقوتها العسكرية. ورغم أن إسرائيل لم تؤكد مسؤوليتها عن الهجوم غير المسبوق على أجهزة الاتصال اللاسلكي التابعة لـ"حزب الله"، فإن هذا العمل يُنسب بالفعل إلى جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد).ويقول مسؤولون إسرائيليون إنهم واثقون من أن اغتيال نصر الله لن يتسبب في مشاكل دبلوماسية مستمرة كالتي جلبتها الحرب في غزة، إذ تثبت الشواهد أن الهدف الذي كرره نتانياهو مرارا وهو "الانتصار الكامل" على "حماس" صعب التحقق.وتستند إسرائيل، في مواجهة جماعة حزب الله، إلى القرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي ينص على ضرورة دفع قوات الجماعة في جنوب لبنان إلى ما وراء نهر الليطاني، على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود.* شعور بالارتياحتقول أورنا مزراحي الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب "تتمتع إسرائيل الآن بنفوذ دبلوماسي أكبر، مما يمكّنها من الدفاع عن مصالحها في أي اتفاق، بدلا من قبول الوضع الراهن الذي اقترحه الأميركيون والفرنسيون".وأضافت أن إسرائيل سوف تتاح لها فرصة قصيرة للمضي قدما في حملتها ضد حزب الله قبل أن تتسبب الخسائر المدنية الناجمة عن الحملة في ضغوط دولية لإنهاء عملياتها.وفي شوارع نهاريا، في شمال إسرائيل، عاد الشعور بالأمن إلى حد ما.وتقول عوفرا إلباز التي تعمل معلمة "أنا سعيدة للغاية لأن الإسرائيليين قتلوا حسن نصر الله. أشعر بالارتياح. وأتمنى أن يكون الوضع أفضل الآن هنا في إسرائيل. كان علينا أن نفعل ذلك من قبل ولدينا أفضل جيش في العالم".ومع ذلك، قد يخرج الإسرائيليون من حالة الابتهاج عندما تحل الذكرى السنوية الأولى لهجمات السابع من أكتوبر تشرين الأول في الأسبوع المقبل، حسبما يقول أفيف بوشينسكي المعلق السياسي والمساعد السابق لنتانياهو.ولا يزال مهندس الهجوم، زعيم حماس يحيى السنوار، بعيد المنال ولا تزال الرهائن في غزة. وعلى الرغم من الضربات الشديدة ضد حزب الله، لم يعد عشرات الآلاف من السكان، الذين تم إجلاؤهم من الشمال على مدى أشهر بسبب إطلاق النار عبر الحدود، إلى منازلهم بعد.وقال بوشينسكي "نحن مفتونون للغاية بالأسبوعين الماضيين، أجهزة البيجر، وعملية أجهزة اللاسلكي، وصولا إلى الإطاحة بجميع القيادات العليا لحزب الله. لكنني أعتقد أننا في الأسبوع المقبل، سوف نستيقظ على الواقع مرة أخرى". وأضاف "سيبدأ الناس في التساؤل ‘ما الذي يحدث الآن؟ متى سينتهي هذا الأمر؟‘"(رويترز)