قال وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية أسعد الشيباني: "إن الإدارة الجديدة في سوريا ترفض الإقصاء والمحاصصة وإن تشكيل الحكومة المقبلة سيعتمد على الكفاءات لا الخلفية الدينية". ووجّه الوزير خلال جلسة حوارية في القمة العالمية للحكومات 2025، التي انطلقت في دبي الثلاثاء، وتختتم أعمالها الخميس، تطمينات لجميع أبناء الشعب السوري، قائلاً: "نحرص على زرع الطمأنينة لدى الشعب السوري بكل طوائفه". وقال الشيباني خلال الجلسة التي حاوره فيها الإعلامي عمّار تقي: "تخلصنا من التحدي الأكبر الذي كان يصادر حرية وكرامة الشعب وهو النظام السابق، وحينما نبدأ مرحلة السلام والبناء من الصفر، فهناك تحديات لكنها مدمجة بالسعادة في كل لحظات عملنا لأنها مرتبطة بخدمة شعبنا". وذكر أن إعادة بناء الدولة وأجهزتها الأمنية وعلى رأسها الجيش تحتاج لوقت كاف، لكنه أكد على أن الحياة عادت لطبيعتها من اليوم الأول لسقوط النظام السابق إذ فتحت الأسواق والجامعات وعاد الموظفون إلى أعمالهم. تجربة ملهمة وقال الشيباني إن سوريا ستكون تجربة ملهمة تُدرس في الجامعات، منوها بأن الحكومة الحالية تراعي التنوع الموجود في المجتمع ولا تؤمن بالمحاصصة أو الإقصاء. وأضاف: "لا نعترف بكلمة أقليات في تشكيل الحكومة الجديدة في مارس المقبل؛ فالكفاءة هي التي تحدد المنصب وليس الخلفية الدينية"، مؤكداً أن الشعب السوري عاش متآلفاً على مر السنين والقانون والدستور هو الذي سيحكم الجميع. وتابع: "سوريا نالت حريتها وكرامتها بعد 14 سنة قاسية منذ انطلاق الثورة، و50 عاماً من المعاناة والاستبداد، والشعب السوري شعر لأول مرة في تاريخه بالانتماء". تحديات سياسية واقتصادية وتحدّث أسعد الشيباني عن التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية قائلاً: "لدينا تحدٍ سياسي فقد ورثنا من النظام السابق علاقات غير جيدة مع الجوار والعالم وصورة ذهنية غير جيدة تعبر عن التهديد ووضعوا سوريا في تصورات سلبية، وحين استلمنا مسؤوليتنا في 8 ديسمبر بدأنا بترميم علاقاتنا على مستوى المنطقة والعالم". وأضاف: "ورثنا نظاماً اقتصادياً مدمراً، وكل خبير اقتصادي يدرك المشكلة الكبيرة التي يعانيها الاقتصاد السوري، ويرتبط هذا التحدي أيضاً بالعقوبات التي كانت مفروضة على النظام السوري السابق لارتكابه جرائم تعذيب وقتل مثلما حدث في سجن صيدنايا، لكنها لم تُزل حتى الآن وتحولت بدلاً من كونها عقوبات مفروضة لصالح الشعب السوري إلى عقوبات مفروضة عليه". وتابع: "منذ تسلمنا السلطة أوقفنا الفساد ونهب الميزانية الرسمية وخلال شهرين تحسنت الليرة السورية بنسبة 70% مقابل الدولار، كما عملنا على تحسين علاقتنا بدول الخليج ودول الجوار".شراكة شعبية وفي حديثه حول مخاوف الشعب السوري من العملية السياسية الجديدة، قال الشيباني: "ليس هناك مجهول؛ فالشعب السوري قادر وواعٍ وشريك في العملية السياسية، والجميع اندهش من أن التغيير حدث خلال 11 يوماً، لكن جميع الشعب شارك فيه ولم يكن من جهة واحدة"، مؤكداً أن أبرز دليل على تبني التغيير شعبيا أنه لم ينتج عنه أي نزوح أو لجوء كما حدث في السابق. حكومة متنوعة وتحدّث الوزير عن الحكومة السورية الجديدة، قائلاً: "الحكومة التي سيتم تشكيلها في مارس المقبل ستراعي الشعب السوري وتنوعه، ونحن الذين اعترفنا بالتنوع، لأن هذا الأمر يضيف للدولة السورية إمكانيات أخرى؛ ونحن كنا ضحايا الإقصاء خلال 50 عاماً، والضحية لن تؤذي الشعب بما تأذت منه سابقا". وأضاف: "ندرس كل خطواتنا جيداً، والجميع يلاحظ السياسة التي انتهجناها خلال الشهرين الماضيين، فإذا لم نستفد من أخطاء السنوات الماضية فلن ننجح في المستقبل"، مشيراً إلى أن أبرز إنجاز حققته سوريا هو عدم الدخول في حرب طائفية أو أهلية بعد التغيير السياسي الذي جرى. سوريا ودول الجوار وحول رؤية حكومته للعلاقات السورية مع دول الجوار، قال أسعد الشيباني: "نتمنى أن نعيش بسلام مع دول الجوار، فبالنسبة للأردن لا يمكن أن نعيش حياة آمنة دون علاقة جيدة معه، واليوم تربطنا علاقات جيدة وستكون هناك شراكات اقتصادية وأمنية بيننا لضمان أمن الحدود بدلا من التهديدات التي كانوا يتعرضون لها من النظام السابق". وواصل: "بالنسبة للبنان نحن لا نتحمل سوء العلاقات التي كان يصدّرها نظام بشار الأسد وسنكون إلى جانب لبنان في الوقت الذي يريدوننا فيه". أما بالنسبة للعلاقة مع العراق، قال الشيباني إن دمشق تكن كل الاحترام والود للشعب والحكومة العراقيين، كاشفا أنه سيزور بغداد قريبا بعد تلقي دعوة منها. روسيا وإيران وفي حديثه عن العلاقات بين سوريا الجديدة مع روسيا وإيران قال أسعد الشيباني إن "أي علاقة تُبنى على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ستكون محل احترام"، مضيفا أن "الإرث السابق يجب أن يتم إصلاحه وأن يشعر الشعب السوري بالاحترام تجاه العلاقة مع روسيا وإيران؛ ورغم وجود رسائل إيجابية حول العلاقة معهما إلا أننا نريد تحولها إلى سياسة واضحة تُشعر الشعب السوري بالاطمئنان". رسالة أمل وفي ختام الجلسة قال أسعد الشيباني: "بعد مرور عام من الآن سنرى سوريا وقد استطاعت أن تعبر عن نفسها بشكل واضح أمام العالم، وبعد 4 سنوات سنكون جالسين هنا أو في دمشق للحديث عن الإنجازات التي حققها الشعب السوري".(المشهد)