كشف رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، عن تأييده لإجراء انتخابات حكومية مُبكرة، خلال مدة أقصاها نهاية العام الحالي، ما أثار جدلاً في الأوساط السياسية العراقية، عن الأسباب التي دفعت المالكي للإدلاء بهذا التصريح، على الرغم من تبقي عام كامل على عمر الحكومة الحالية التي يقودها محمد شياع السوداني.وتحدث المالكي عن ضرورة إجراء انتخابات حكومية مُبكرة، كونها ضمن البرنامج الحكومي لمحمد شياع السوداني، مؤكداً عدم الحاجة لحل البرلمان، وإمكانية استمراره في العمل حتى ليلة الانتخابات، ثم يُحل تلقائياً.جدل الانتخابات في العراقتقديم موعد الانتخابات الحكومية من 2025 إلى نهاية 2024، قسّم الكتل السياسية العراقية بين مؤيد لهذه الخطوة كونها بند مُثبت في البرنامج الحكومي لمحمد شياع السوداني، وبين متهم للمالكي بأنه لا يستند إلى أي سند قانوني، بل يريد الانقلاب على السوداني الذي حقق نجاحاً لافتاً.وفي السياق ذاته، يرى مراقبون أن زعيم حزب الدعوة الإسلامية، الذي يقود ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، مازال يرغب بالعودة إلى السلطة، رغم تأكيده عدة مرات أنّه لا يفكر بذلك. في حين يرى آخرون أنّ الدعوات لإجراء حكومة مُبكرة تعود لحالة الخوف التي تسيطر على بعض الكتل السياسية العراقية من احتمالية فوز السوداني بدورة انتخابية ثانية.مخاوف تجديد عهد السوداني ويقول المتحدث الرسمي لحركة "إنجاز" أثير الشرع، لمنصة "المشهد" إن السند القانوني الذي تحدث عنه المالكي، وهو وجود بند إجراء انتخابات مُبكرة في البرنامج الحكومي لحكومة محمد شياع السوداي صحيح، لكن إذا لزم الأمر، أو تطلّبت الأوضاع السياسية إجراء هذه الانتخابات قبل موعدها المحدد في أكتوبر 2025، لكن ما شهدناه، هو نجاح واضح لحكومة السوداني في تنفيذ المشاريع وجذب المستثمرين إلى العراق". ويرى الشرع أنّ الأسباب الكامنة وراء الدعوة لإجراء انتخابات مُبكرة، تعود لـ:مخاوف بعض الكتل السياسية من فوز السوداني بدورة حكومية ثانية.الانقسامات داخل الكتل نفسها بين مؤيد ومعارض لإجراء الانتخابات في وقت مُبكر.ويؤكد الشرع أنّ إجراء انتخابات مُبكرة يحتاج لجاهزية من أطراف عدّة، أولها تأييد جميع الكتل السياسية، ثم جاهزية المفوضية، والكثير من الأمور الفنية التي تعتبر غير متوفرة حالياً، والأهم من ذلك كله، أن يكون الشعب العراقي جاهزاً أيضاً لخوض غمار هذه الانتخابات. ولم تلق دعوة المالكي ترحيباً من بعض قوى الإطار التنسيقي، وبعض الأطراف السنية والكردية، وعن ذلك يقول الشرع: "توجد انقسامات حيال ذلك، بعضهم أيّد إقامة انتخابات مُبكرة، وبعضهم الآخر يريد فعلاً إقامة انتخابات مُبكرة لكنهم اكتفوا بالصمت".وحول الاتهامات لحكومة السوداني أنها تفرّدت بالقرار السياسي، ولم تتشاور مع الكتل السياسية، كما أنها سيطرت على البرلمان العراقي، يجيب الشرع: "أمر جيد أن تخرج الحكومة أو السلطة التنفيذية، من عباءة أيّ كتلة سياسية أو أيّ إطار معين، ونحن نقول يجب أن تكون الحكومة أو السلطة التنفيذية مستقلة بالقرار تماماً، كما هي أعلى سلطة في البلاد".ويضيف الشرع أنّ: "تدخلات أيّ كتلة سياسية سوف يعرقل مسيرة الحكومة، وهذا ما حصل خلال الحكومات السابقة، لاحظنا ترهلات بعمل الحكومات السابقة نتيجة التدخلات السياسية". ويرى الشرع أن حكومة السوداني بدأت بمشاريع استثمارية وجذب للشركات، لذلك مازالت تحتاج إلى المزيد من الوقت والدعم الكافي من جميع الكتل السياسية، وليس وضع العصي في عمل هذه الحكومة.تصريحات المالكيفي المقابل، يقول المحلل السياسي عادل المانع إن المالكي لم يدعو إلى انتخابات مُبكرة، لكنه سئل عنها فأجاب، وكان جوابه قانوني ورسمي وسياسي، لأنه عندما صوّت البرلمان العراقي، على حكومة محمد شياع السوداني، كان من ضمن منهاج الحكومة، الفقرة التي تنص على إجراء انتخابات مُبكرة، بالتالي المالكي أجاب جوابًا رسميًا صحيحًا ومُعلنًا، يمثّل واحدة من مفردات جدول أعمال الحكومة. وحول اتهام المالكي بمحاولة الانقلاب على السوداني؟ يجيب المانع: "لا يوجد ما يشير إلى عدم دعم المالكي لحكومة السوداني، إنه مجرد رأي سياسي حول موضوع الانتخابات، ولا يسعى المالكي للانقلاب على السوداني". حكومة السوادني وحول تقييمه لأداء حكومة السوادني، يرى المانع في حديث لـ"المشهد" أن: الأداء الحكومي في قضية تدوير الخدمات لا بأس به، والكل يُشيد على أن هذه الحكومة صبّت جهدها على بناء وتحسين الشوارع وفك الاختناقات المرورية، وتعبيد الشوارع، هذا ملحوظ للجميع، لكنها في المقابل تفرّدت بالقرار السياسي.المالكي قصد أداء الحكومة السياسي وليس الخدمي، لأن هذه الحكومة هي حكومة توافقية من قبل ائتلاف إدارة الدولة الذي يمثّل المكوّن الشيعي الأكبر، وشريكيه الكردي الممثل بالحزب الديمقراطي الكردستاني والكتلة السنية. هذه الحكومة التوافقية الائتلافية يُفترض أن تُدار من قبل إدارة الدولة، لكن حكومة السوداني تفرّدت بصناعة بعض القرارت السياسية من دون الرجوع إلى مؤسسيها ومنهم المالكي.انقلابات سياسية ويؤكد المحلل والباحث السياسي عصام حسين أن بند الانتخابات المُبكرة موجود وتم التصويت عليه من قبل البرلمان، لكن هناك انقلابات على كل الاتفاقات، إضافة إلى الضغوط والعلاقات الخارجية وغيرها، ما يدفعهم للانقلاب على الاتفاقات. ويرى حسين أنه من الضروري إجراء انتخابات مُبكرة، لأنه حالياً لا يوجد توازن بين الكتل السياسي، خصوصا بعد انسحاب التيار الصدري.وعن الأسباب التي دفعت المالكي للحديث عن انتخابات مُبكرة يقول حسين: ربما يرى المالكي الأمور بمنظور مختلف، حيث إنه رغم أن حكومة السوداني حققت نجاحاً في الاستثمار، لكن الاقتصاد العراقي لم يتحسن، بل تكبّد العراق خسائر اقتصادية كبيرة، وازدادت ديونه إلى 44% كما بلغ العجز العام 81 ترليون دينار.وتسلّم محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة العراقية في أكتوبر 2022، حيث أصبح رئيساً للحكومة وقائداً عاماً للقوات المسلحة. وبعد تشكيل حكومة السوداني بدأ العراق مرحلة جديدة، بعد أكثر من عام على الانسداد السياسي الذي ساد منذ أكتوبر 2021، والتوترات التي بلغت حد الصدام المسلّح داخل المنطقة الخضراء بين حلفاء للتيار الصدري من جهة والقوات الأمنية، ومقاتلين من فصائل مسلحة حليفة لإيران من جهة أخرى.(المشهد)