بدأ مفهوم حق الفيتو في الظهور عقب الانتهاء من الحرب العالمية الثانية بعد أن تم تأسيس هيئة الأمم المتحدة في العام 1945.كما يطلق على هذا الحق، اسم حق النقض أو الاعتراض أيضا، حيث حصلت عليه 5 دول على مستوى العالم وهم أيضا أعضاء في مجلس الأمن الدولي، الذي وصل عددهم نحو 150 عضوا.وتم اختيار أعضاء مجلس الأمن الدولي من قبل هيئة الأمم المتحدة، كما تم تصنيفها على نحو 5 دول، تمتلك العضوية الدائمة في مجلس الأمن، و10 دول أخرى غير دائمة تُنتخب من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة كل عامين.ما هو حق الفيتو؟ إنه حق الاعتراض الذي تحصل عليه الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي التابع لهيئة الأمم المتحدة. والجدير بالذكر، أن هناك مفوض بصفة دائمة عن كل دولة عضو داخل المجلس الأمني، حيث تقوم الدول الأعضاء بالتناوب كل شهر على رئاسة مجلس الأمن طبقا للترتيب الأبجدي لأسمائهم. يذكر أيضا أن اختيار العضو لرئاسة مجلس الأمن كل شهر يتوقف على مجموعة من المعايير من بينها قدرة الدولة العضو في المحافظة على أمن وسلام الدول بينهم وبين بعضهم، ويمتلك كل عضو آخر صوتا واحدا. حق الفيتو أو النقض كما أتى تعريفه في مجال السياسة أنه الحق المخصص لـ5 دول دائمة العضوية وهي الدول التي تمتلك ديمومة في مجلس الأمن. ويمنح هذا الحق الدول الـ5 الحق في نقض أي قرار يقوم مجلس الأمن بإصداره ليتم تعطيله في الحال. وفي اللغة اللاتينية، تعني كلمة الفيتو الاعتراض على أمر ما، لذلك تم الاعتماد عليه داخل منظمة الأمم المتحدة للاعتراض على أي قرارات صادرة من قبل مجلس الأمن ومن دون الحاجة لإبداء أسباب حول الاعتراض أو الرفض على قرار ما. وتم تكريس هذا الحق ضمن ميثاق منظمة الأمم المتحدة لكن بطريقة مختلفة بعض الشيء، حيث جاء أنه حقا يسمح للدول الـ5 الاعتراض على أي قرار، ويتم بعدها إلغاء القرار الصادر من مجلس الأمن أو إسقاطه نهائيا. من هي الدول الـ5؟بالحديث عن الدول الـ5 التي تتمتع بديمومة داخل مجلس الأمن ولها حق الاعتراض على قرار ما وإلغائه بشكل نهائي هي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. لذلك، يكفي اعتراض دولة واحدة من تلك الدول عن قرار تم إصداره ليتم إلغائه نهائيا حتى لو وافقت عليه الـ 14 دولة الأخرى، وذلك بحسب تقرير نشر في موقع الأمم المتحدة. لكن من الجهة القانونية، يعد هذا الحق عبارة عن سلطة تحصل عليها الدول الـ5 الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وتلك السلطة منحتها القدرة على إلغاء أي قرار مهما كان في حال لم يأت بمصلحة تلك الدول. ويتم إبطال القرار أو إسقاطه عند تصويت الدول الـ5 أو واحدة منهم تصويت سلبي نحو مشروع ما ليتم إيقاف التنفيذ في الحال، لكن في حال تغيب تلك الدول عن التصويت السلبي لا يكون مانع أو عائق أمام الاستمرار في تنفيذ القرار. أنواع حق النقض الفيتو حق الفيتو ينقسم لأنواع عدة يمكن شرحها بالآتي: الفيتو المبسط أو الحقيقي كما يطلق على هذا النوع من حق الفيتو باسم الفيتو الافتتاحي وهو أكثر أنواع الفيتو استخداما من قبل مجلس الأمن الدولي. وباستخدام هذا الحق يتم منع تنفيذ أي قرار متعلقة بمسألة موضوعية إن قامت واحدة من الدول دائمة العضوية بالتصويت السلبي ضدها. حق الفيتو المزدوج في بعض الأحيان يتعرض مجلس الأمن الدولي لمجموعة من القضايا لا يتمكن من تحديد طبيعتها ما إن كانت موضوعية أو إجرائية داخل الميثاق، لذلك يتم عرض تلك القضايا ليتم التصويت عليها من قبل الأعضاء وتحديد نوعيتها. إن أرادت واحدة من الدول دائمة العضوية منع قرار ما من الصدور لصالح تلك القضية تقوم باستخدام حق الفيتو بالتالي تتحول المسألة من إجرائية إلى مسألة موضوعية، يطلق على تلك العملية باسم التكيف لذلك ظهر مع مرور الوقت مصطلح الفيتو المزدوج. الفيتو المستتر يطلق على هذا المصطلح باسم الفيتو الواقعي أيضا. يتوقف هذا النوع من حق الفيتو على موافقة ثلث الدول الأعضاء للتصويت معا على قرار ما أو منعه من التنفيذ، بالتالي يتم تنفيذ القرار أو إبطاله نتيجة القبول أو الرفض لغالبية الدول بدون الحاجة لاستخدام حق الفيتو. الفيتو بالنيابة أو ما يطلق عليه حق الفيتو بالوكالة بموجب هذا الحق يتم منح إحدى الدول الدائمة في مجلس الأمن الدولي توكيل لدولة أخرى للقدرة على استخدام حق الفيتو في صالحها. وتحصل الدولة على هذا الحق في حال كانت ممنوعة من التصويت كونها إحدى أطراف النزاع المعروض داخل المجلس. الفيتو الجماعي إنها إحدى أنواع الفيتو نادرة الاستخدام حيث يمنح القدرة للدول غير دائمين العضوية في مجلس الأمن الدولي رفض تنفيذ قرار ما. ويتم هذا في حال تصويت أكثر من 6 دول من بينها دول أعضاء بالرفض على القرار لتكون النتيجة النهائية هي سقوط تنفيذ القرار حتى لو قامت الدول الدائمة بالتصويت لصالحه. حق الفيتو تاريخه واستخداماته بدء الاستخدام الفعلي لحق الفيتو عام 1945 بعد أن تأسست هيئة الأمم المتحدة حيث تمكنت موسكو من استخدامه ما يقرب من 120 مرة منها.قامت فرنسا بالاعتماد على حق الاعتراض لـ18 أما بريطانيا فتمتعت باستخدامه حوالي 32 مرة وكانت متفقة مع الولايات المتحدة أثناء استخدام هذا الحق كما اتفقت أحيانا مع باريس وفي بعض الأحيان الأخرى كانت تتفق مع كلا الدولتين.قامت الولايات المتحدة باستخدام هذا الحق 77 مرة من بينهم 36 مرة للدفاع عن المصالح التي تجمعها مع إسرائيل، أما عن الصين فمقارنة مع الدول الأخرى تعد الأقل استخداما لهذا الحق ليبلغ عدد مرات استخدامها إلى 5 مرات فقط.استخدامات حق الفيتو وبالإضافة إلى ما تقدم، قامت موسكو بالإفراط في استخدامها لهذا الحق ما دعا الأمر لنعت وزير الخارجية الخاص بها بالسيد نيات ويعني هذا اللقب أنه شخص دائم الرفض، لكن السبب الرئيسي في إفراط موسكو لاستخدام هذا الحق هي معاداة موسكو للغرب. أما عن الولايات المتحدة فقد رفضت قرارات يبلغ عددها 54 مرة من بينهم 36 مرة كانت بغرض الاعتراض على انتقاد إسرائيل أو الطلب منها بالانسحاب من دولة فلسطين بعد احتلالها منذ عام 1967. وأتت الولايات المتحدة في عام 1976 لتقف أمام أصعب قرارين من بينهم قرار تطلب فيه فلسطين بتقرير مصيرها ومصير الشعب، بالإضافة لاستخدامها هذا الحق من أجل إدانة إسرائيل عندما قاموا بحرق المسجد الأقصى. ورفضت واشنطن أيضا قرارا لإدانة الاغتيال الذي تم للشيخ ياسين وهو المؤسس الحقيقي لحركة حماس. وفي عام 2011، قامت الولايات المتحدة برفض القرار الذي يدين استيطان إسرائيل على الرغم من أن 14 دولة أخرى وافقت على هذا القرار. نظام التصويت للدول الأعضاء نصت المادة 27 في ميثاق الأمم المتحدة على مجموعة قواعد يمكن إيجازها النقاط التالية: لكل عضو من أعضاء مجلس الأمن الدولي صوت واحد فقط.يقوم مجلس الأمن بإصدار القرارات المتعلقة بأي مسألة إجرائية لكن بشرط موافقة 9 دول من أعضاء المجلس.أما عن كافة القرارات الأخرى داخل مجلس الأمن فيتم إصدار قرارات متعلقة بها بعد الحصول على موافقة تسعة من الدولة الأعضاء بشرط وجود أصوات من الدول الدائمين في المجلس من بينهم.تتم مراعاة كافة الأحكام والقوانين التي أتت في المادة 52 بالفصل الـ6 الفقرة الـ3 والتي تنص على أنه في حال وجود دولة كطرف في نزاع ما، تمنع من التصويت داخل مجلس الأمن.الاتحاد السوفيتي منذ عام 1955 كان من بين أكثر الأعضاء نشاطا واستخداما لحق الاعتراض ليصل عدد مرات استخدام هذا الحق نحو 90 مرة، معظم القرارات المستخدم بها هذا الحق هي طلبات الحصول على عضوية الأمم المتحدة والموافقة على انضمام الدول غير الدائمة. حق الفيتو والديمقراطية يتجلى التناقض التام بين حق الاعتراض والقواعد التي تعتمد عليها الأنظمة الديمقراطية الأخرى في الدول فلم يتم اختيار الدول الأعضاء داخل مجلس الأمن الدولي بطريقة ديمقراطية بالإضافة إلى أن نظام التصويت هنا يختلف تماما مع الغالبية العظمى لأنظمة التصويت الأخرى. تنص القاعدة الرئيسية لاستخدام حق الاعتراض على أن كل دولة عضو في المجلس الأمن حق التصويت لمرة واحدة فقط، وعلى الرغم من وجود 15 دولة إلا أن تنفيذ القرارات لا يتطلب سوى موافقة 9 أعضاء من بينهم دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. لكن تتوقف النتيجة النهائية لاتخاذ القرارات على ما يراه الدول دائمة العضوية مناسبا نظرا لأن مسؤولية الحفاظ على أمن وسلام الدول يقع على عاتقهم فقط، كما تمتنع أي دولة مشتركة في هذا النزاع عن استخدام حق التصويت. يقوم مجلس الأمن أيضا بوضع مجموعة من الشروط على قدرة الدول غير الأعضاء على الانضمام لمنظمة الأمم المتحدة، كما يمكن للدول الأعضاء الدخول في مناقشة أي قرارات ولا تتمتع بسلطة التصويت على مشاريع التنفيذ. عيوب حق الفيتو يوجد الكثير من القرارات التي يقوم مجلس الأمن الدولي بإصدارها لا يتم تنفيذها نتيجة حق الاعتراض واستخدامه من قبل الدول دائمة العضوية.تعد مكانة وأهمية الدول الـ5 دائمة العضوية التي تمكنت من الفوز في الحرب العالمية الثانية مختلفة في الواقع عن طبيعة الأوضاع السياسية وتوازن القوى في الوقت الحالي.في حال تم إلغاء حق الاعتراض يصبح مجلس الأمن ديمقراطي ليسود نظام رأي الأغلبية مما يؤدي لزيادة القرارات الصادرة من المجلس وحل الكثير من الأزمات العالمية. يذكر أن دول عدم الانحياز اقترحت قرارا غرضه تعديل مجموعة من النصوص الموجودة في ميثاق الأمم المتحدة حتى تتلاءم أكثر مع الوضع الحالي للمنظمات الدولية، واحدة من تلك الاقتراحات هي تعديل الفقرة المتعلقة بمجلس الأمن ليكون مجلس الفيتو الأميركي. والغرض من تعديل الفقرة السابقة كون الولايات المتحدة تتمتع بقوة عظمى في استعمال الرفض لإيقاف تنفيذ أي مشروع يكون في صف القوة الجهة الأضعف وهذا الأمر غير منصف للدول الضعيفة. دول عدم الانحياز ظهر مفهوم عدم الانحياز عقب الانتهاء من الحرب العالمية الثانية أي في القرن الـ19 بغرض الابتعاد بقدر الإمكان عن التنافس القوي بين المعسكر الشرقي والغربي أثناء الحرب الباردة، وتزامنا أيضا مع ظهور دول حديثة الاستقلال رفضت الانضمام لإحدى المعسكرين. تم تأسيس حركة عدم الانحياز في عام 1955 بناء على موافقة 29 دولة قامت بحضور مؤتمر باندونغ. واعتبر هذا المؤتمر هو الأول الجامع لمنظمي تلك الحركة على مستوى العالم من دول. أول انعقاد لتلك الحركة كان في عام 1961 بحضور 25 دولة من أعضاء حركة عدم الانحياز. وبدأت الحركة في التطور مع مرور الوقت حتى وصل عدد المشتركين بها نحو 180 دولة في العام 2011 على مستوى العالم أما نظام الرقابة فهو مكون من 18 دولة و10 منظمات عالمية. أهداف حركة عدم الانحيازتم تأسيس تلك الحركة بانضمام عدد ضخم من الدول حول العالم نتيجة وجود مجموعة من الأهداف أهمها ما يلي: الحفاظ على حقوق الإنسان بعد ما مرت به كافة شعوب العالم من معاناة نتيجة قيام الحرب العالمية الأولي والثانية. الحرص على المبادئ التي تم إعلانها من قبل منظمة الأمم المتحدة. تحقيق العدالة بين كافة الدول وبعضها بغض النظر على ما تتمتع به كل دولة من قوة ومدى حجمها بين الدول الأخرى.احترام كل دولة وما تتمتع به من سيادة داخل حدودها وعدم التعدي على تلك الحقوق بالإضافة لعدم التدخل في شؤون أي دولة داخلية. الامتناع عن استخدام التحالفات من قبل الدول الكبرى في العالم لتحقيق أي مصالح شخصية تتمتع بها. توفير عدة حلول سلمية في حال نشوب خلافات بين الدول ولم تتمكن الحلول السابقة من حل تلك الخلافات.محاولة تدعيم المصالح المشتركة بين كافة الدول الأعضاء واحترام كل دولة حرصا لعدم نشوب أي خلافات أو حروب بينهم في المستقبل.تقدير حق الفيتو النقض هناك بعض الآراء تؤيد حق الفيتو وهناك أخرى ترفض هذا الحق فقد ترى الآراء المؤيدة له أن استعمال حق النقض يكون من أجل منفعة عامة للدول كما أنها الطريقة الأفضل لمساعدة الدول العظمى في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. كما يساعد هذا الحق على نشر السلام والتوازن في المجال السياسي بالإضافة لتعاون كافة الدول مع بعضها البعض نحو تحقيق الأفضل. كما تعتقد الجهة المؤيدة له أن الخطأ ليس في هذا الحق أو صلاحيته بل في كيفية استخدامه من قبل الدول وما يوجد من حوله من ظروف مختلفة. أما الجهة المعارضة لهذا الحق فترى أن الفشل الأمني بالنظام الجماعي يعود في الأساس للاعتماد على حق الفيتو وترغب أيضا تلك الجهة بإلغائه نهائيا أو وضع بعض القيود على استخدامه داخل مجلس الأمن الدولي. (المشهد)