تتزايد التكهنات في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية، بالأنباء المتواترة حول التعديل الحكومي المرتقب، والذي سيتناغم وعقلية نتانياهو المتحكم بمجريات المشهد السياسيّ الإسرائيلي، من خلال استبعاد وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي يعارض شن حرب على لبنان، ويسعى للتوصل لاتفاق تبادل للأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، واستبداله بزعيم حزب "اليمين الوطني" جدعون ساعر، لتعزيز قاعدة نتانياهو الائتلافية، وضمن استمرار حكومته حتى عام 2026.وفي هذا الصدد، أوردت هيئة البثّ الإسرائيلية الرسمية، أنّ التعديل سيعلن خلال الساعات القليلة المقبلة ما لم تطرأ مفاجآت في اللحظة الأخيرة، ونقلت عن مصادر مطلعة على المحادثات، "تم الاتفاق على المسائل الأساسية، ساعر سيتولى منصب وزير الدفاع بدلًا من يوآف غالانت". ووفق المراقبين والمحللين في وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإنّ محاولة نتانياهو إقالة غالانت ستخرج الإسرائيليّين من بيوتهم خلال نصف ساعة للاحتجاج العارم، حيث يواجه نتانياهو وائتلافه معارضة شديدة بين الإسرائيليّين، الذين يُجمعون على شخصية وزير الدفاع غالانت الذي يعارض سياسة وأسلوب نتانياهو، وتفرده بالقرارات، وأضحى على عتبة قلب الأمور في إسرائيل إلى "حكم دكتاتوري". ويحظى غالانت بثقة قيادة الجيش الإسرائيلي، وشعبية واسعة في المجتمع الإسرائيلي، وهذا يعرقل سيطرة نتانياهو على مجريات الأمور والمشهد السياسي، لذلك يسعى التخلص منه، فغالانت يسعى لإنهاء الحرب، وإبرام صفقة تبادل للأسرى مع حركة "حماس" والتسوية مع "حزب الله"، ويختلف مع نتانياهو في إدارة الحرب، وقضايا أخرى كتجنيد المتديّنين الحريديم. تداعيات إقالة غالانت وفي سياق استعداد نتانياهو لإقالة وزير الدفاع غالانت في وقت قصير، عزا الباحث والمحلل السياسيّ شلومو غانور في حديث لمنصة "المشهد"، الدوافع خلف ذلك، قائلًا:تباين الآراء الشخصية، والخلاف والتنافس بين نتانياهو وغالانت، ورغبة نتانياهو في تقوية الائتلاف الحكومي.غالانت يعارض موضوع التجنيد (إعفاء اليهود المتديّنين من الخدمة في الجيش الإسرائيلي)، الأمر الذي يضع حكومة نتانياهو أمام مأزق.الأحزاب المتدينة تشترط تجميد قانون التجميد، فذهب نتانياهو باتجاه غزالة العقبة التي تقف أمامه بإزاحة غالانت المرتقبة. وتوقع المحلل السياسي غانور معارضة المجتمع الإسرائيليّ لهذه الخطوة قائلًا:الإقالة ستواجه معارضة ورفضًا من قبل المجتمع الإسرائيليّ، تحديدًا أهالي المخطوفين، والإدارة الأميركية.بالنسبة للإسرائيليّين يفضلون غالانت على ساعر، نظرًا لخبرته وحنكته السياسية والعسكرية.غالانت يحدد خريطة التهديدات، ويضع حلولًا جديدة لمواجهته. وشدد غانور خلال حديثه على أنّ إصرار نتانياهو على إزاحة غالانت، "سيعرقل المساعي الدولية لوقف الحرب ووقف إطلاق النار، وستحول دون الإفراج عن المخطوفين الإسرائيليّين في قطاع غزة، والخطوة من شأنها توسيع رقعة الحرب للجبهة الشمالية مع لبنان، وعلى الأغلب ستتحول لحرب إقليمية شاملة".وحول تداعيات الإقالة المرتقبة لوزير الدفاع الإسرائيليّ على مجريات الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، يتوقع غانور بأنّ "العملية العسكرية حقّقت معظم أهدافها في قطاع غزة، وتتواصل بالتمشيط والعمليات المحدودة وملاحقة قادة وفلول "حماس" وتدمير البنية المسلحة هناك، ولن تتأثر كثيرًا بتغيير وزير الدفاع، والسبب يعود إلى أنّ جلّ الاهتمام الآن يتجه صوب الجبهة الشمالية وليس قطاع غزة".نتانياهو يُناور لمنفعته وفي هذا الإطار، أكد الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيليّ د. محمد هلسة، لمنصة "المشهد"، أنّ "الإعلام الإسرائيليّ يروج بأنّ رغبة نتانياهو في إقالة غالانت، تعود للخلافات واتساع الفجوة بين الرجلين، لكنّ الثقة والكراهية قائمة بينهما قبيل الحرب، وأجبر نتانياهو على إبقاء غالانت تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية، ونتانياهو وجد الفرصة لإقالته من دون حدوث ارتدادت على المستوى الشعبي، من خلال الحديث عن جبهة غزة، وفتح جبهة الشمال مع "حزب الله"، وتصوير غالانت أنه يعطل الحرب مع "حزب الله"، فيما أغلب استطلاعات الرأي تشير إلى أنّ الإسرائيليّين يؤيدون ذلك".وأوضح المتحدث ذاته أنّ التمهيد لإقصاء غالانت عبر إطلاق نتانياهو لبالونات اختبار سوف يخدمه من خلال: أولًا، قطع الطريق على رئيس "حزب شاس" درعي بإقامة حكومة وحدة وطنية. ثانيًا، خدمة نتانياهو في عدم تجنيد الحريديم، غالانت كان يعطل الأمر ويريد توافق الغالبية على تجنيدهم، وهذا يضر بنتانياهو. ثالثًا، كبح جماح بن غفير وتصرفاته وتهديداته.وحول تأثير إقالة غالانت المحتملة على مجريات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يعتقد الخبير بالشأن الإسرائيليّ د.هلسة، بأنّ "الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة انتهت عسكريًا واستنفذت بنك أهدافها، وقصة المراوحة مستمرة مع ومن دون غالانت أو ساعر، إضافة ساعر لتمتين ائتلاف نتانياهو الذاهب للحرب نحو الشمال، والذي يتقاطع مع رغبات وأهداف نتانياهو السياسية والعسكرية، الذي يحضّر لحرب أوسع وفتح جبهة جديدة مع "حزب الله"، مع إبقاء الحرب على قطاع غزة، وتصعيد التوتر في الضفة الغربية، وإقصاء الصفقة".(المشهد)