ما قبل اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله ليس كما بعده مطلقًا، على الأقل في الوضع الميداني بين الحزب وإسرائيل التي لم تتوقف منذ 20 سبتمبر عن دك ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق أخرى حيث تزعم وجود أهداف لـ"حزب الله" يجب القضاء عليها، وحتى الساعة ما زال مصير خليفة حسن نصر الله هاشم صفي الدين مجهولًا بعد استهداف مكان زعمت إسرائيل أنه كان موجودًا فيه. هذا ميدانيا، وفي السياسة تداعى رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري الذي يعتبر المفاوض الرئيسي للثنائي الشيعي، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، إلى الاجتماع وتحريك الوضع السياسي لجهة تطبيق 1701 لوقف الحرب، والدعوة إلى انتخاب رئيس للجمهورية لا يشكل استفزازًا لأي فريق في لبنان. إشكالية الإتيان برئيس لا يشكل استفزازًا لأي فريق لبناني هي عملية صعبة جدًا، وفي معظم الأوقات كانت تؤدي إلى وصول رئيس من دون صلاحيات ومرهون للجهة التي أوصلته لسدة الرئاسة اللبنانية، ما يعني تمديدًا للأزمة اللبنانية وليس حلها. وعلى الرغم من تسريب سيناريوهات عدة عن خريطة حل هذا الاستحقاق الرئاسي اللبناني في الكواليس اللبنانية والدولية، ومن بينها ما تردد عن رغبة أميركية لانتخاب قائد الجيش جوزف عون رئيسا للجمهورية، إلا أن الموضوع لم يصل بعد لمرحلة البحث بالأسماء، خصوصًا وأن البعض اعتبر ان زيارة وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي إلى بيروت قلبت الطاولة على مبادرة بري الرئاسية ووقف إطلاق النار بعدما ربطه بوقف الحرب بغزة. رئيس يحتضن بيئة حسن نصر اللهوفي هذا الإطار، يعتبر رئيس حزب التوحيد اللبناني وئام وهاب أن نتيجة حرب الميدان بين "حزب الله" وإسرائيل هي من ستحدد مصير رئاسة الجمهورية وهوية الرئيس. واستبعد في مقابلة مع قناة ومنصة "المشهد" سقوط خيار "حزب الله" بإيصال الوزير اللبناني السابق سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية.واعتبر وهاب أنه "من المبكر اعتبار أن "حزب الله" انهزم كليًا عسكريًا وسياسيًا، وبالتالي نتيجة الميدان هي من ستحدد مصير الانتخابات الرئاسية في لبنان، ولا أظن أننا ذاهبون إلى انتخاب رئيس للجمهورية لأنّ البعض تصرف بطريقة خاطئة". وحدد الوزير اللبناني السابق مواصفات الرئيس المقبول من قبل "حزب الله" وجمهوره في هذه المرحلة التي يحكمها الميدان العسكري، قائلًا إنّ "المطلوب الآن رئيس للجمهورية يحتضن الشيعة وأن لا يكون ضدهم وهذه نقطة دقيقة جدًا، وكل من يريد أن يأتي برئيس ضد الشيعة سيكون هدفه إدخال لبنان في فوضى شاملة".واستبعد رئيس حزب التوحيد اللبناني أن تكون حظوظ قائد الجيش قد ارتفعت لاختياره رئيسًا للجمهورية. واعتبر أن "الجيش هو الحل دائمًا، لكن لا اعتقد أن هناك مشروعًا لانتخاب قائد الجيش رئيسًا للجمهورية بسبب العقد الموجودة بين الكتل النيابية والتي يصعب حلها، خصوصًا أنه لا يمكن أن تؤمن له الأكثرية المطلوبة في المجلس النيابي اللبناني حالياً". ترشيح قائد الجيش في المقلب الثاني، أيّ في المقلب المختلف سياسيًا عن "حزب الله"، يعتبر البعض أنّ المنطقة تمر بمرحلة جديدة وأنه على اللبنانيين العبور إلى دولة حقيقية، خصوصًا القوى التي كانت تعتبر نفسها أكبر من الدولة وخارجها.ويرى النائب عن حزب الكتائب اللبنانية إلياس حنكش، في حديثه لمنصة "المشهد" أنه بعد ما يحصل نأمل أن بعض القوى قد اتعظت من الذي يجري وبدأت تقتنع أنّ العبور إلى دولة حقيقية لا يتحقق إلا بانتظام الحياة السياسية في لبنان وتحديدًا على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان". واعتبر حنكش أن:الأولوية اليوم هي لوقف إطلاق النار إذ لا يمكن أن تتواصل الحرب وتنتخب رئيسًا على وقع الصواريخ، لكن هناك كلام في الكواليس عن فرصة قائمة لانتخاب رئيس من دون أن يضع الرئيس نبيه بري شروطًا في موضوع الحوار.الطريق الوحيد لتعبئة الفراغ الرئاسي يتطلب وقف الحرب واستلام الجيش في حالة الطوارئ التي نمر فيها كي نتمكن من انتخاب رئيس.لا أحد اليوم وخصوصًا فريقنا يريد انتخاب رئيس وفق منطق المحاصصة وعلى خلفية الصفحة ونبدأ من جديد كما مرات عدة وأوصلت البلد إلى هذه المرحلة، المطلوب بناء بلد جديد على أسس جديدة. لن نقبل برئيس لزوم ما لا يلزم بلا طعمة ولا لون وسنواجه هذا الموضوع لنأتي برئيس على حجم التحديات التي يمر بها لبنان ورئيس يعيد الثقة للشعب اللبناني وللخارج كي نتمكن من إعادة بناء ما تهدم. وردًا على سؤال بشأن حظوظ قائد الجيش الرئاسية ومدى قبول الكتائب به، اعتبر النائب حنكش في حديثه لمنصة "المشهد" أنّ "طرح الأميركيين اسم قائد الجيش جوزف عون للرئاسة هي معلومة غير مؤكدة وتم نفيها من أكثر من مصدر، وفي جميع الأحوال ومن دون مراوغة قائد الجيش هو أحد المرشحين الجديّين والمستمرين للرئاسة منذ لحظة الشغور الرئاسي ولديه جميع المواصفات التي يحتاجها لبنان وهو على رأس مؤسسة حيدت نفسها عن كل الانهيارات التي مر بها لبنان". وشدد حنكش على أن "قائد الجيش اللبناني رفض أيّ تدخل في مؤسسة الجيش اللبناني منذ تعيينه ومارس حق نكران الجميل مع الجهة التي رشحته لهذا المنصب ومنع أيّ تدخل سياسي في المؤسسة العسكرية ولكن هذا لا يعني أن يؤدي إلى تأهله لرئاسة الجمهورية من دون غيره وهناك أسماء أخرى أيضا".إيران ترفض فصل لبنان عن غزة فريق "القوات اللبنانية" الذي وافق على إعادة البحث في موضوع الرئاسة بعد سحب فتيل ما يسمى بطاولة الحوار التي دعا إليها الرئيس بري، اعتبر أن زيارة وزير الخارجية الإيراني قلبت الطاولة على مساعي بري وميقاتي وربطت الحل بوقف الحرب في غزة. وأكدت مصادر "القوات اللبنانية" أنها "مدت يدها تلقائيًا عندما قيل لها إن الرئيس بري تراجع عن موضوع طاولة الحوار التي أصرّ لعامين على عقدها قبل فتح البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية، وأنه سيفتح المجلس لعقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس وفق خيار رئاسي ثالث". لكن المصادر "القواتية" اعتبرت في حديثها لمنصة "المشهد" أن "شيئًا ما تغير بعد زيارة الوزير الإيراني عراقجي إلى بيروت، حيث تم طرح ضرورة حصول المرشح الرئاسي على 86 صوتًا في الدورة الثانية، علمًا أن الدستور لا يتحدث عن هذا الموضوع، ومن ثم أعيد الحديث عن أن سليمان فرنجية هو مرشح توافقي، إضافة إلى ربط الرئاسة بوقف الحرب في غزة، ما يعني وضع مفتاح الانتخابات الرئاسية بيد بنيامين نتانياهو". وتعتبر المصادر أن "المستغرب هو حصول هذه العرقلة فجأة، فهل هي مناورة سياسية من قبل الرئيس بري، أم أن زيارة الوزير الإيراني إلى بيروت جاءت لوقف الحراك الإيجابي الكبير، ولتأكيد رفض إيران إجراء الانتخابات الرئاسية، وبالتالي أنه غير صحيح أن "حزب الله" فوض بري عنه بموضوع الرئاسة، وبالتالي وفق ما تقدم، يتضح لنا أن إيران ترفض فصل لبنان عن غزة، وأنه لا انتخابات قبل أن يتوقف استهداف نواب "حزب الله" ليتمكنوا من المشاركة في جلسة الانتخاب، ولا رئيس قبل تشييع الأمين العام للحزب حسن نصر الله".مصادر نبيه بريوتعليقًا على ما يتردد بشأن عرقلة مبادرة الرئيس بري وميقاتي في موضوع الاستحقاق الرئاسي، اعتبرت مصادر مقربة من الرئيس بري في حديث لمنصة "المشهد" أنّ ما يتردد عن علاقة زيارة الوزير الإيراني عراقجي بعرقلة المبادرة لانتخاب رئيس للجمهورية غير صحيح. وشددت المصادر على أن المبادرة الرئاسية ما زالت قيد المتابعة والاتصالات مستمرة مع جميع الأطرف لتذليل العقبات ولإنجاحها في أسرع وقت ممكن، كاشفة أنّه لا علاقة لها بالحرب الدائرة وتسير بشكل منفصل عنها.أمام هذا الواقع يبدو أنّ كل شيء مؤجل في المنطقة وخصوصًا في لبنان قبل أن يحسم مصير الميدان العسكري بين "حزب الله" وإسرائيل، ما ينذر وفق المعطيات بأن هذا النزاع سيستمر طويلًا ولن يدوم لأسابيع أو أشهر.(المشهد)