تواصل إسرائيل توسعها في الأراضي السورية عقب سقوط نظام الأسد، مبررة ذلك بتأمين حدودها الشمالية رغم تصاعد التوترات، ومن الواضح أن توسيع المستوطنات في الجولان يعكس هدف إسرائيل الإستراتيجي، ألا وهو تعزيز سيطرتها كأمر واقع.أما في الجنوب السوري، تواجه إسرائيل اتهامات بتهجير المدنيين واعتقالهم، وسط فراغ أمني استغلته لزيادة نفوذها. إلى ذلك، أدى الرفض الشعبي للتواجد الإسرائيلي إلى مظاهرات في درعا، قوبلت بإطلاق النار على المدنيين. ويرى محللون أن إسرائيل تريد تغيير خريطتها بالنسبة لمنطقة الحدود الجنوبية لتضم مناطق جديدة في سوريا تسيطر عليها بحكم الأمر الواقع كما فعلت مع الجولان المحتل منذ 1967."إسرائيل لا تعرف ماذا تريد"من جانبه، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية نظير مجلي لقناة "المشهد": "من الواضح أن هناك اختلافا في الخطاب الإسرائيلي الموجه للخارج والخطاب الإسرائيلي الموجه للداخل الإسرائيلي، لأن إسرائيل حتى الآن لا تعرف بالتحديد ما الذي تريده من سوريا، وانهيار نظام بشار الأسد بهذه السرعة التي شهدناها، كان بمثابة مفاجأة كبيرة بالنسبة لها، حيث إن رد فعلها كان فوريًا حتى تستغل التطورات الحاصلة، ولكن يبدو أنه لم يكن لديها خطة واضحة لذلك".وأضاف مجلي "إسرائيل بدأت بتحطيم الجيش السوري بكل قدراته الدفاعية ووجهت له ضربات قاسية بالفعل، واحتلت قسمًا من الأراضي السورية، وعندما رأت أنه لا يوجد أي اعتراض ولا أي إشكالية في ذلك، بدأت تستغل الأوضاع أكثر لتحتل المزيد من الأراضي، ولكي تحشر القوى الأخرى التي تطمع في التوسع في سوريا".إسرائيل تريد تفكيك سورياوقال مجلي "إسرائيل لديها فكرة قديمة بشأن سوريا، وهي تحبذ أن يحصل إلغاء في هذه الأخيرة لنتائج اتفاقية سايكس بيكو، بمعنى آخر إسرائيل تريد تفكيك وحدة سوريا، وهي معنية بذلك لأنها تستطيع أن تقيم علاقة مميزة مع جهتين اثنتين في الأخيرة، هما الدروز والأكراد".وأضاف: "السؤال الجوهري هنا ماذا ستقدم إسرائيل لهؤلاء؟، فكلنا يعلم أن إسرائيل بخيلة ولا تستطيع أن تقدم الكثير، حتى في موضوع الدعم العسكري قد لا تقدم لهما شيئًا يذكر، لأنها بكل بساطة لا تريد أن تدخل في صدام مع تركيا".واستطرد قائلًا: "إسرائيل تحتل هضبة الجولان منذ عام 1967، والخطط التي وضعتها للاستيطان هناك بلغت حد الوصول إلى 200 ألف مستوطن إسرائيلي ولكن لا يوجد حتى الآن سوى 27 ألف من المستوطنين، حتى أن هذا الاستيطان غالبيته لليسار الإسرائيلي، وهو ليس "دينيًا" كما يدعون بل هو بالأساس استيطان سياسي وأمني".تفاهم إسرائيلي-تركيوقال مجلي: "التوسع الإسرائيلي الأخير في سوريا، هو توسع ضخم وصل إلى حد 400 كم مربع، وهذه ليست بمسألة عادية، ولكن حتى الآن تقول إسرائيل أن هذا التوسع هو محدود ومؤقت حتى تتضح الصورة في سوريا، وفي أقصى الحالات قد تقول إسرائيل عندما تنسحب تركيا من الأراضي السورية ننسحب نحن في انتظار تطورات الحكم الجديد في البلاد".وأشار إلى أنه "في المقابل، وُجهت رسائل قوية من الطبقة الحاكمة في سوريا اليوم لتل أبيب، مفادها أن سوريا لا تريد حربًا معهم، لكن هذه الرسائل لا تضمن خطط إسرائيل التي تريد أن تفرض على الأرض واقعًا يؤدي إلى الضغط على القيادة الجديدة".وعن تفاهم إسرائيلي-تركي محتمل، قال مجلي: "إسرائيل بدأت حوارًا مع تركيا في الملف السوري، وفي شهر نوفمبر جرى لقاء مهم وسري أُعلن عنه فيما بعد، بين رئيس المخابرات الإسرائيلي مع نظيره التركي ويبدو أنهم تحدثوا عن الأوضاع في سوريا، لكنهم فوجئوا جميعًا بسقوط نظام الأسد بهذه السرعة وبهذا الشكل، بالتالي كبرت وتيرة المطالب والأطماع في أن يكون هناك تقاسم على سوريا بين الدولتين، ولكن إسرائيل تخشى من أن تكون هناك سيطرة تركية على الأخيرة شبيهة بسيطرة إيران عليها، لهذا فهي تحاول أن تضع تحذيرات تمنع تركيا من أن تسيطر على سوريا وتشكل تهديدًا عسكريًا لها من هذه الزاوية".(المشهد)