في غضون بضعة أشهر فقط، استولى "الحوثيون" في اليمن على جزء كبير من الشحن العالمي، وبدأوا في تهديد اقتصاد هدفهم المعلن، إسرائيل. وفي حين أثبتت إسرائيل، التي تعتمد على البحر الأبيض المتوسط بشكل أكبر من البحر الأحمر، قدرتها على الصمود، يحذر الخبراء من أن الهجمات تشكل بالفعل تهديدًا للاقتصاد الإسرائيلي ويمكن أن تؤدي إلى خسائر أكبر إذا استمرت في مواجهة الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.تبين أن إطلاق الصواريخ على السفن التجارية في البحر الأحمر، وسيلة أكيدة لإثارة غضب الولايات المتحدة وحلفائها، خصوصا أن ما يقرب من خُمس الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة ويمر الساحل الشرقي عادة عبر البحر الأحمر، في طريقه إلى قناة السويس، وفقا لوكالة "موديز"، وقد بدأت شركات الشحن العالمية العملاقة في إرسال السفن لمسافات طويلة حول إفريقيا. وقد أكد "الحوثيون" أنه منذ أن بدأوا في شن ضربات تضامنية مع الفلسطينيين تحت القصف الإسرائيلي في قطاع غزة، لم يكن هدفهم الأساسي قلب التجارة العالمية رأساً على عقب، بل ممارسة الضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار في غزة.في حين أن معظم التجارة البحرية الإسرائيلية تمر عبر حيفا وموانئ أخرى على البحر الأبيض المتوسط ، فإن "إيلات" هي نقطة دخول رئيسية لبعض الواردات من شرق آسيا، بما في ذلك السيارات الكهربائية من الصين، والتي تشكل معظم السيارات المباعة في إسرائيل. وذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن انخفاض قدرة البائعين على بناء المخزون، مع وصول عدد أقل من السيارات، يمكن أن يساهم في ارتفاع الأسعار . أما بالنسبة للسفن التي تمر عبر قناة السويس إلى موانئ إسرائيل الأكثر ازدحاما على البحر الأبيض المتوسط، فقد أوقفت العديد من شركات النقل الكبرى حركة المرور داخل أو خارج الممر، على الرغم من التحالف العالمي الذي يسعى إلى توفير ممر آمن للسفن، فضلا عن الهجمات التي تقودها الولايات المتحدة على "الحوثيين" في اليمن.نقص الإمدادات إلى إسرائيلفي السياق، قال الرئيس التنفيذي لمنظمة "ياد سارة"، أكبر مقرض غير حكومي للإمدادات الطبية في إسرائيل موشيه كوهين "إنه حتى التغييرات الصغيرة في سلسلة التوريد يمكن أن تشكل تحديات كبيرة لتوريد الإمدادات الطبية وسط عدد غير مسبوق من ضحايا الحرب". وأضاف أن "التأخيرات الناجمة عن ضربات "الحوثيين" يمكن أن تهدد حياة الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها". ويواجه الاقتصاد الإسرائيلي عقبات أوسع نطاقا في الوقت الذي يتعامل فيه مع تداعيات حربه في غزة التي أودت بحياة ما لا يقل عن 24927 شخصا في غزة وبدأت بعد هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته "حماس" وأدى إلى مقتل نحو 1200 إسرائيلي. وقال بنك إسرائيل هذا الشهر إن توقعاته للصادرات الإسرائيلية في 2024 انخفضت 1% عن توقعاته في نوفمبر، عندما تسارعت وتيرة هجمات "الحوثيين". ولا يشمل هذا الرقم الماس والشركات الناشئة، ويتضمن خدمات مثل السياحة، التي تراجعت وسط الصراع. ومن المتوقع أن تنخفض الواردات المدنية بنسبة 4% العام المقبل، بانخفاض بنسبة 5% عن توقعاته في نوفمبر، وفقا للبنك المركزي. ومن المرجح أن تكون الواردات من آسيا، التي تمر عادة عبر المصب الجنوبي للبحر الأحمر، حيث يهاجم "الحوثيون" السفن، هي الأكثر تضررا. وتعد الصين أكبر مصدر لإسرائيل، حيث تشكل أكثر من 14% من الواردات الإسرائيلية في عام 2021، بحسب مرصد التعقيد الاقتصادي الذي يتتبع البيانات الاقتصادية. هجمات البحر الأحمر أداة ضغطإن التأثيرات الاقتصادية العالمية لضربات البحر الأحمر، وليس التأثيرات المحددة على إسرائيل، يمكن أن تصبح المصدر الأكبر للضغط، مما يساهم في شعور حلفاء إسرائيل بأن المنطقة بأكملها قد تتجه إلى العنف، وفقا لـ"واشنطن بوست".وقال مستشار المخاطر الجيوسياسية في شركة "جي إس هيلد" دان أرينسون، إنه طالما استمرت الحرب في غزة، فإن مخاطر تدهور الوضع في البحر الأحمر بشكل أكبر وتحول المناوشات الإقليمية مثل تلك التي تحدث على الحدود اللبنانية إلى حرب "تتزايد بشكل كبير". من المتوقع أن تؤدي زيادة أسعار الشحن البحري من الصين إلى أميركا الشمالية إلى ارتفاع أسعار المستهلكين، وفقًا لتقرير صدر يوم الثلاثاء عن شركة النقل "Freightos".وقال أرنسون إنه إذا تضرر الاقتصاد الأميركي من هجمات "الحوثيين"، فقد يدفع ذلك الرئيس بايدن للضغط على إسرائيل لإنهاء حربها في غزة. وأضاف: "من الواضح أن الصبر بدأ ينفد".(ترجمات)