قدّمت مصر، إحدى أكبر الدول المستوردة للقمح في العالم، إخطارا بأنها ستنسحب اعتبارا من نهاية يونيو من اتفاقية للحبوب تابعة للأمم المتحدة جرى إبرامها قبل عقود، مما سبب قلقا حول إذا كانت البلاد قادرة على تلبية احتياجاتها بمفردها.ويعتبر الخبير الاقتصادي وائل النحاس في حديث لمنصة "المشهد" أن قرار الدولة المصرية غير مفاجئ، حيث تجيز المادة 29 من الاتفاقية للدولة العضو الانسحاب على أن تعلم منظمة جي تي أس قبل 90 يوما".وتقدّمت القاهرة في فبراير الماضي بطلب للانسحاب منها اعتبارا من 30 يونيو من العام الجاري.في المقابل، قال أرنو بيتي المدير التنفيذي للمجلس الدولي للحبوب الذي يشرف على الاتفاقية: "لقد حدث هذا دون سابق إشارة، عدة وفود من الدول الأعضاء بالمجلس تشعر بالاندهاش والحزن إزاء القرار".وأضاف أن عددا من الأعضاء سيطالبون مصر بإعادة النظر في قرارها، بينما تمسكت وزارة الخارجية المصرية بأن القرار اتخذ بعد تقييم قامت به وزارتا التموين والتجارة وخلص إلى أن عضوية مصر في المجلس لا تنطوي على قيمة مضافة.ما هي اتفاقية الحبوب التي انسحبت منها مصر؟ويأتي انسحاب مصر من (اتفاقية تجارة الحبوب) متعددة الجنسيات، التي تعنى بتعزيز شفافية السوق لزيادة التعاون التجاري، في أعقاب فترة من الاضطرابات في أسواق الحبوب على خلفية الحرب في أوكرانيا والمخاوف المرتبطة بالأمن الغذائي العالمي.ووقعت مصر على الاتفاقية، التي تمثل المعاهدة الدولية الوحيدة التي تغطي تجارة الحبوب، منذ انطلاقها في عام 1995. لماذا انسحبت مصر من اتفاقية الحبوب؟وعن الأسباب التي دفعت مصر إلى الانسحاب، يقول النحاس إن "الدول المصدرة استفادت من الاتفاقية لكن مصر لم تنتفع منها، حيث لم تقدم أي مساعدة لها في الأزمة العالمية عام 2008، ولا عام 2010 عندما تحوّل الحبوب إلى وقود حيوي، وأخيرا في حرب أوكرانيا لم تجد البلاد من يدعمها".وشدد النحاس على أن "الاتفاقية كانت عبئا على الدولة المصرية التي كان عليها الانسحاب باكرا". ماذا يعني انسحاب مصر من اتفاقية الحبوب؟ في البداية، "سيحدث استقرار نسبي في أسعار الحبوب على مستوى العالم لأن مبدأ الشفافية المتبع في الاتفاقية كان يجبر مصر وهي أكبر مستورد في العالم على تقديم كافة البيانات والمعلومات الخاصة بذلك مما يزيد من الأسعار حتى قبل شراء أي كميات أو أي تفاصيل عن المخزون"، بحسب النحاس.وبحسب بيانات "Statista"، بلغ استهلاك القمح في مصر 20.5 ملايينطن متري عام 2022، وكان هذا انخفاضا طفيفا مقارنة بالعام السابق عندما تم استهلاك 20.6 ملايين طن متري من الحبوب. وكشف الخبير الاقتصادي أن "مصر تجهز لكي تكون ﻣﺮﻛﺰا وبوابة إقليمية لتداول الحبوب في القارة الإفريقية، وذلك بناء على دراسات وأبحاث تعمل عليها".كيف تؤمن مصر وارداتها من القمح؟ لكن على المستوى المتوسط والبعيد، يُطرح التساؤل حول كيفية تأمين احتياجات البلاد من واردات القمح في ظل أزمة الحبوب العالمية الناجمة عن حرب روسيا وأوكرانيا. ويوضح النحاس أن "مصر لن تتسول الحبوب، ولديها خيارات عدة للشراء أبرزها صربيا، بيلاروس، أوكرانيا، وأيضا روسيا"، مستبعدا أن يتم تحميلها عقوبات جراء التعامل مع موسكو.وعما يحمله هذا الكلام من مخاطر على العلاقات مع واشنطن، يتمسك النحاس بأن "للقاهرة صلات وطيدة مع الولايات المتحدة ويوجد تعاون عسكري بينهما، لكن الغرب لم يسعف مصر في أزماتها"، لافتا إلى أن "الحكومة تسعى منذ فترة لشراء قطع غيار الأسلحة من الشرق خصوصا أن تنويع سلّة السلاح كما الغذاء ضرورية وآمنة". (المشهد)