تشكل سياسة الاغتيالات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين جزءا من عقيدة إسرائيل الأمنية على مدى سنوات الصراع، في داخل وخارج فلسطين بشتى الوسائل عبر ذراعها التنفيذي الموساد الإسرائيلي، الذي يضم الوحدات والفرق لتنفيذ عملية الاغتيال للشخصية المستهدفة، ارتبطت سياسة الاغتيالات لدى المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية بشعار "يد إسرائيل الطويلة" القادرة على الوصول إلى كل مكان.ومنذ وقوع هجوم السابع من أكتوبر وما تلاه من حرب مستمرة على قطاع غزة، شكلت المخابرات الإسرائيلية وحدة "نيلي" لملاحقة منفذي الهجوم، وذكرت مصادر إسرائيلية بأن الجهازين الأمنيين الرئيسيين في إسرائيل، الموساد الشين بيت، أطلقا عملية مشتركة التعقب والقضاء على كل المتورطين في عملية طوفان الأقصى، من خلال وحدة نيلي، فما هي هذه الوحدة؟ ولماذا أسستها وفعلتها إسرائيل؟ وما الفرق بينها وبين وحدة كيدون بالموساد الإسرائيلي للاغتيال؟وحدة نيلي .. خلود إسرائيل لن يكذبيقول الخبير العسكري موشيه إلعاد لمنصة المشهد إن "إسرائيل تقوم بتعقب واغتيال من يشكلون الخطر الداهم على أمن إسرائيل سواء في الداخل أم الخارج، وكذلك من قاموا بأعمال إرهابية وتخريبية ضد إسرائيل وشعبها، يعد هدفا بالنسبة لإسرائيل وتتخلص منه من خلال الاغتيال ودائماً الموساد الإسرائيلي، على أهبة الاستعداد، لذلك فعلت إسرائيل مؤخراً وحدات الاغتيال المعروفة لتحقيق أهدافها"، مضيفاً بأنه في الحرب على غزة، تعمل وحدة نيلي مع القوات الإسرائيلية، ولديهم مهمتان، الأولى تتعلق بتحديد موقع الرهائن وتحريرهم، والثانية تحديد أماكن عناصر حماس المشاركين في هجوم 7 أكتوبر والقضاء عليهم". ويوضح الخبير العسكري إلعاد لـ"المشهد" بأن وحدة نيلي والتي شكلتها إسرائيل مؤخراً، "بأنها وحدة تعاون مشتركة بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بقيادة الشاباك والموساد، بالإضافة لقوات خاصة ونخبة في الجيش الإسرائيلي، هدفها بالدرجة الأولى اغتيال كبار القادة في حركة حماس، من يستقرون في غزة أو الضفة الغربية وأنحاء العالم، وكذلك تعمل على مطاردة وتصفية قوات النخبة في كتائب القسام التابعة لحركة حماس، والتي نفذت الهجوم الإرهابي يوم السابع من أكتوبر على مستوطنات الغلاف". ويرى إلعاد "أن هناك اختلافا بين طبيعة عمل وحدات نيلي وكيدون، فإسرائيل في حرب مع حركة "حماس" في غزة، ووحدة نيلي عليهما تتبع عناصر "حماس" المختبئين في الأنفاق، وهي مهمة صعبة ومعقدة، بالتوازي مع العملية العسكرية الجارية، ووحدة نيلي من الصعب أن تتحرك في ظل خطورة الوضع في غزة، فعملها يبدأ بعد تنفيذ أهداف العملية العسكرية، حيث سيقومون بالقضاء على العناصر التي نجت من الهجوم العسكري، وهي بالطبع مختلفة عن طبيعة عمل وحدة كيدون التي تنشط في خارج البلاد وتعمل بسرية مطلقة، ومن الصعب معرفة معلومات عنها وعن طبيعة عملها بأمر من الرقابة العسكرية، فهي تعمل على خطف وإعدام واغتيال كل من يشكل خطرا وإرهابا على إسرائيل".الانتقام والقضاء على التهديدات ضد إسرائيل وحول الدوافع الإسرائيلية لتشكيل وحدة نيلي للاغتيالات يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس د.مئير مصري "لا أظنه تحولا جذريا، فاغتيال قادة التنظيمات الإرهابية هو في صميم العقيدة الإسرائيلية لمكافحة الإرهاب، ولقد نجحت إسرائيل في اصطياد عدد كبير من القياديين في قطاع غزة وخارجه، ولكن في اعتقادي هناك اعتبارات سياسية قد دفعت الحكومة ربما على تأجيل بعض العمليات، لعدم عرقلة المفاوضات الجارية في الدوحة بخصوص تحرير المختطفين، وكذلك رغبةً في تخفيض وتيرة الحرب الدائرة على الحدود مع لبنان". وتابع د. مصري قائلاً لمنصة "المشهد" إنه "في نهاية المطاف، تظل الاغتيالات ضلعا هاما في خطة مكافحة الإرهاب، شريطة أن تستمر وألا تتوقف، حتى لا تفقد من مفعولها وتكسر منظومة اتخاذ القرار داخل "حماس" وتقوم بتشتيت العمل التنظيمي للحركة". الاغتيالات.. الحرب الناعمة وحول الدلالة العسكرية للجوء إسرائيل للإغتيالات في خضم الحرب الدائرة، يعلّق المحلل العسكري اللواء واصف عريقات في حديثه لمنصة "المشهد " قائلا إن "لجوء إسرائيل لسياسة الاغتيالات تحت مسمى الحرب الناعمة، لأنها ليست عسكرية، حيث لا يتحرك فيها جيوش نظاميون مرئيون لهم خطط عسكرية أو أهداف معلنة، وهذه الحرب الناعمة تستخدم في حالة عدم قدرة الجيش الإسرائيلي في عدم تحقيق أهدافه كما يجري حالياً". ويستدرك قائلاً: "تعثر الجيش الإسرائيلي في غزة، وعدم تمكنه من تحقيق الأهداف، ذهب إلى الاغتيالات كما جرى مع القيادي في "حماس" صالح العاروري والقيادي في "حزب الله" وسام طويل، وهذا دليل ضعف الميدان العسكري في مواجهة المقاومة الفلسطينية، لأن الجيش الإسرائيلي بعد مرور 96 يوما في قطاع غزة لم يحقق أهدافه، بدأ يشعر بأن هناك اتهامات لهذا الجيش بالتقصير، لذلك يريد أن يبعد الأنظار عن إخفاقات الجيش الإسرائيلي في الميدان بهذه الاغتيالات، وهي أيضاً تأتي في إطار تصعيد الوضع الميداني على جبهات مختلفة خدمة لنتانياهو، لأنه إذا توقف القتال في الميدان يعني أنه سيذهب للقضاء والسجن". وأضاف اللواء عريقات بأن سياسة الاغتيالات أثبتت فشلها على مدار سنوات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي "لأن الاغتيالات أسلوب متبع من قبل الجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية الإسرائيلية، حينما تريد إسرائيل أن تستفز الطرف الذي تستهدفه وخاصة وأنها تعلم بأن تصفية واغتيال القيادات يؤدي إلى تصعيد ويفتح جبهات قتال، ولكن هذه المرة الجبهة مفتوحة سواء في غزة أم الجنوب اللبناني، لذلك لن يكون لها فائدة كما في الحروب والإعتداءات السابقة، فالكل يرى الخسائر في الأرواح والمعدات الحربية الإسرائيلية حيث باتت مردوعة في غزة والجبهة اللبنانية".ما الفرق بين وحدة "نيلي" و"كيدون"؟وعن الفرق بين وحدتي نيلي وكيدون يجيب الخبير في الشؤون الإسرائيلية ساري عرابي ويقول لمنصة "المشهد" إن "وحدة كيدون هي تابعة لجهاز الموساد، وهذا الجهاز مهماته خارجية أي تنفيذ اغتيالات خارج فلسطين، وبالتالي هذه الوحدة التي تعمل بسرية تامة تغتال قيادات خارج فلسطين مثل اغتيال محمود المبحوح، ومحاولة اغتيال خالد مشعل". أما وحدة نيلي بحسب عرابي، فهي تابعة لجهاز الشباك الإسرائيلي وهو جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل، والذي يتولى العمليات الاستخباراتية داخل إسرائيل وفلسطين، وبالتالي هذه الوحدة تتولى عمليات الاغتيال في حدود البلاد. أي عمليات الاغتيال في الضفة وغزة تتولاها وحدة نيلي، وعمليات الاغتيال خارج فلسطين تتولاها وحدة كيدون التابعة لجهاز الموساد المسؤول عن العمليات الخارجية.(المشهد)