"ملتزمون بحماية دروز سوريا"، أثارت هذه التصريحات والإغراءات من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حيال أبناء الطائفة الدرزية والجنوب السوري حالة من الجدل والرفض، فخرج دروز سوريا بتظاهرات عفوية، تؤكد تصديها ورفضها لتصريحات نتانياهو المتعلقة بوجودهم ومستقبلهم.دروز سوريا نتانياهو كان قد أكد أنه لن "يتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية"، وهذه ليست المرة الأولى التي يلوح فيها بهذه الورقة السياسية، فبعد سقوط نظام بشار الأسد، أعلن على الفور استعداده لتقديم كل مساعدة للدروز في سوريا وما يحتاجونه، بل وطالب الإدارة السورية الجديدة بسحب قواتها من جنوب سوريا، مؤكداً أن المنطقة يجب أن تكون منزوعة السلاح بالكامل.وفي هذا الصدد، الأكاديمي والمحلل السياسي الإسرائيلي د.مئير مصري أكد لمنصة "المشهد" بأن:إسرائيل قلقة من بزوغ نظام إسلامي على حدودها المباشرة، بعد انهيار نظام الأسد وانسحاب الجيش الروسي من مناطقه والذي كان يمثل قوة عازلة وعنصر تهدئة، بالتوازي مع تنامي الخطر الجهادي في دمشق. لدى إسرائيل علاقات تاريخية وإستراتيجية مع أبناء المكون الدرزي الذي يُعد الجنوب السوري أحد أهم معاقله. التزام إسرائيل تجاه الدروز قديم وتغذيه جماعات الضغط الدرزية داخل الدولة العبرية. التقاء المصالح والأسباب يفتح المجال لأن تُقدم إسرائيل على بناء خط دفاع أمني لمواجهة تحديات المرحلة وحماية حلفائها في سوريا في الوقت نفسه. ونوه الأكاديمي والمحلل السياسي قائلاً: "طالما أن الرغبة في التحالف مشتركة ومفيدة للطرفين، فأظنها واقعية، فالمكون الدرزي داخل إسرائيل متحالف مع الحركة الصهيونية منذ بداية حقبة الانتداب البريطاني، استمر بعد استقلال الدولة وشهد تطوراً كبيراً إلى يومنا هذا، بالعبرية، يسمى التحالف اليهودي الدرزي في إسرائيل بتحالف الدم ("بريت داميم")، نسبةً إلى التضحيات الجسيمة التي قدمتها الطائفة الدرزية دفاعاً عن إسرائيل في كل الحروب، لا شك أن لهذا التاريخ انعكاسا على الحالة الدرزية في الجنوب السوري، في ظل احتقان طائفي غير مسبوق ومخاوف متصاعدة بشأن مصير الأقليات". الدروز يناهضون مطامع نتانياهو في المقابل، صرح رئيس لجنة المبادرة العربية الدرزية غالب سيف لمنصة "المشهد" بأن تصريحات نتانياهو كانت متوقعة ومدروسة لمصلحته الشخصية والسياسية:نحن في لجنة المبادرة العربية الدرزية لم نتفاجأ من تصريحات نتانياهو الأخيرة بخصوص دروز سوريا، ونرفض كل هذه التحركات المشبوهة على كافة المستويات، فإسرائيل تسعى لإقامة مشروع لتقسيم سوريا ولبنان، لتشجيع إقامة ما يسمى دويلة أو كيانا درزيا، وتهجير كل الدروز لهذه الدويلة، بمن فيهم دروز فلسطين. وأكد القيادي في لجنة المبادرة العربية الدرزية سيف لـ"المشهد" بأن "دروز سوريا الموصوفين بالوطنية والتصاقهم بوطنهم وتاريخهم العريق، لن يقبلوا بدعوات وتصريحات نتانياهو على الإطلاق، فهم يدركون مغزاها وأهدافها، وبأن إسرائيل تسعى للقضاء على وجودهم وارتباطهم بوطنهم سوريا، وبالتالي، المعارضة والرفض ستتصدر المشهد في مقبل الأيام، وهذا لن يمر مرور الكرام، ونحن نحذر من المؤامرة الواضحة لتفتيت سوريا إلى كانتونات طائفية وعرقية خدمة لإسرائيل ومخططاتها بالمنطقة". استغلال الأقليات من جهته، اعتبر الباحث في الشؤون الإسرائيلية أنطوان شلحت أن "العقيدة السياسة الإسرائيلية تقليدية ومعروفة، وتحاول اللعب على مسألة الأقليات، لأنها تعتبر نفسها موجودة في منطقة ومحيط معاد، فتحاول استغلال التناقضات الموجودة حولها، من خلال عقد تحالفات مع دول ذات نقاش وخصام مع العرب، وتحاول أن تقوم بتحالفات مع أقليات التي لديها خلافات مع الدول العربية، ومن هذا الإطار تدخل المحاولات الإسرائيلية إقامة علاقات مع دروز سوريا". وأضاف في حديث لـ"المشهد" أن "هناك علاقات تاريخية بين دروز فلسطين ودروز سوريا، تسعى إسرائيل لاستغلال وشرذمة هذه العلاقة، من أجل أن تدق إسفين التفرقة الطائفية والهوية الدينية داخل الجتمع السوري، وهذه لعبة السياسية الإسرائيلية طوال الوقت فرق تسد، وأيضاً من أجل خدمة الغايات الأمنية الإسرائيلية، حيث صرح نتانياهو بجعل منطقة جنوب سوريا منزوعة السلاح". وحول المصلحة الإسرائيلية من وراء دعوات وتصريحات نتانياهو لدروز سوريا، أكد الخبير شلحت بأن الهدف الأكبر "أولاً، تثبيت واقع أمني جديد في العلاقة بين إسرائيل وسوريا على مستوى المنطقة الحدودية بين إسرائيل وسوريا، لأنها مهمة بحسب السردية الإسرائيلية كونها المنطقة التي يتم عبرها تهريب الأسلحة إلى لبنان، وثانياً، عدم بقاء إسرائيل حرس حدود في هذه المنطقة، بل يقوم نظام في سوريا ليحمي هذه الحدود من عمليات التهريب التي من الممكن أن تتم، ثالثاً، عقد علاقات خاصة في الداخل السوري من أجل أن تشكل هذه العلاقات بمثابة ورقة ضغط على النظام السوري الجديد، في حال أخذ موقف مع المقاومة ضد إسرائيل". إنشاء دولة درزية ومن وجهة نظر الباحث والخبير في شؤون الشرق الأوسط وسوريا د. يسري الخيزران فإن "ما يطرحه نتانياهو تجاه دروز سوريا، جزء من خطة تلازم إسرائيل منذ عشرات السنين، وهي إنشاء دولة درزية تمتد من الجولان لحوران إلى جنوب لبنان، وتشكل بمثابة دولة فاصلة بين إسرائيل وسوريا، هذا يأتي في سياق تعزيز تحالف حزب الأقليات". وحول تمكن إسرائيل من تمرير المخطط إزاء دروز سوريا، قال الخيزران لـ"المشهد" إن "هذا يعتمد على سياسة وسلوكيات النظام السوري الجديد، إذا استمرت الحكومة في نهجها الحالي بإقصاء الدروز وغيرهم، فهذا سيخلق أرضية لتمرير هكذا مشاريع، ومن المفترض أن يتصدى الإرث التاريخي والوعي الوطني لدى دروز سوريا لإسرائيل، استبعد أن تصل الأمور لهذا الحد، لربما تكون هناك مطالبات درزية بحكم ذاتي، الآن الأمور متوقفة عند سياسة النظام السوري الحالي". (المشهد)