بثوانٍ كان ينقلُ الصورةَ والحدثَ من تحت النيران، فتحوّل هو إلى الصورة والحدث، وها هو العالم يتحدث عنه بعدما سقط بطلا، هو الذي أوصل بعدسته صوت الحياة ونبض الشارع لنحو 16 عاما خلال عمله مع وكالة "رويترز".عصام عبدالله.. محبوب وإيجابيإنه عصام عبدالله، المصور الصحفي إبن الـ37 عاما، الخلوق المحبوب والطيب الذي يسير في زفاف ملكي إلى الفوز الأكيد، شيّع في ربوع الخيام البلدة الجنوبية، وهو الذي سقط على أرض الجنوب، على يد الجيش الإسرئيلي، ومع رحيله "خلص الكلام".هو الذي يصفه زملاؤه بمحبوب الجماهير، قبل أيام من مقتله بصاروخ إسرائيلي، كان عصام قد أخبر أحد أصدقائه أنه لا يريد أن يموت في الجنوب، وأن يتم الإعلان عن مقتل "صحفي" من دون ذنب. الصحفية ومراسلة قناة الـMTV رنين إدريس، صديقة عصام من أيام الجامعة، تحدثت لقناة ومنصة "المشهد" واصفة إياه: "عصام هو هذا الشخص الذي يأتي خلال التغطية ليعطيك قبلة ويكمل تصويره أو يقول شيئا فكاهيا ويكمل تصويره، فيضفي جوا من الإيجابية حيثما وجد". وتابعت: "أنا وعصام أصدقاء نحن نخرج للسهر وتناول العشاء أو القهوة معا بشكل روتيني، أو يدعونا والأصدقاء إلى منزله، لم أره يوما حزينا أو عصبياً، هو مشهور بنشر محتوى الأكل خلال جولاته على الدراجة فكان مرجعي الأساس في اختيار أشهى المأكولات".عصام عبدالله.. لم يتحركلم يختلف الكلام عن عصام كثيرا مع مصور المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI فؤاد يوسف الذي قام بتغطية ما حصل مساء الجمعة المشؤوم 13 أكتوبر الذي خصّ قناة ومنصة "المشهد" بحديث خاص، وصف فيه عصام بالشاب المفعم بالحياة "الآدمي المهذب الخلوق الشجاع والحِرِك".وقال يوسف: "وصلنا إلى التلة المقابلة التي تقصف منها إسرائيل تمركزنا من الجهة السفلى، والفريق الإعلامي المكون من رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية والجزيرة، تمركزوا من الجهة العليا، وكنا في نقل مباشر حين سقط صاروخ على بعد 20 مترا تقريبا، وحصل ما حصل".وبغصة تابع يوسف: "هذه من أصعب التغطيات، عصام كان على علاقة طيبة مع كل الزملاء".مسؤول النقل المباشر في قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI روبير غصن الذي انتشر له فيديو وهو يساعد الجرحى على الأرض سرد لنا الحادثة بتفاصيلها، مشيرا إلى أنه سارع إلى مكان القصف وانفجار السيارة ورأى عصام عبدالله على الأرض مضرجا بالدماء ولا يتحرك، فتوجه إلى مراسلة "الجزيرة" كريستينا عاصي التي كانت تطلب النجدة رافعة يدها.تابع غصن: قلت لكريستينا "بعرف الوجع الذي إنت فيه سأجرك من دون أجعلك تتوجعين، ولن أسمح بأن تموتي"، وكنت أحاول إلهاءها بكلمات وعبارات لا معنى لها كالتي انتشرت على مواقع التواصل الإجتماعي، وقلت فيها "شلتك من عزرايل" ولكن فقط كي تبقى مستيقظة وكي لا تدخل في غيبوبة.وأخبرنا غصن أن كريستينا سلمته الكاميرا الخاصة بعملها وأخذ وعدا منها بأنها لن تموت وسيلتقيان مجددا لتستلمها منه.و"محبة الجميع لعصام" جعلتهم يتوجهون إلى الجنوب لوداعه على الرغم من الوضع الأمني غير المستقر.(لبنان - المشهد)