في رد فعل شديد اللهجة، نددت طهران يوم الخميس بشدة بالتهديدات الإسرائيلية باللجوء إلى الخيار العسكري ضد برنامجها النووي، ووصفت هذه التهديدات بأنها "مشينة" و"غير منطقية". وجاء هذا الموقف الإيراني عقب تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي لوّح بأن "الخيار العسكري" قد يكون ضروريًا لمنع إيران من حيازة سلاح نووي، محذرًا من أن طهران تمتلك من اليورانيوم المخصب ما يكفي لصنع "قنبلتين ذريتين"، وأن الوقت ينفد لمنعها من تحقيق ذلك.الخيار العسكري وكشف جدعون ساعر، وزير الخارجية الإسرائيلي، في مقابلة مع موقع "بوليتيكو" الإخباري الأميركي نُشرت الأربعاء، عن موقف تصعيدي تجاه برنامج إيران النووي، فقد صرّح بأن إيران قامت بتخصيب كمية من اليورانيوم تكفي لصنع قنبلتين نوويتين، معتبرًا أن "الوقت ينفد لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي". وشدّد ساعر على ضرورة إبقاء الخيار العسكري واردا، قائلاً في المقابلة: "أعتقد أنه من أجل وقف البرنامج النووي الإيراني قبل أن يصبح سلاحًا، يجب أن يكون هناك على الطاولة خيار عسكري موثوق به". ولم تكن لهجة التهديد هذه مقتصرة على وزير الخارجية؛ إذ تبنّى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو نبرة مشابهة خلال الشهر الجاري. فقد قال نتانياهو في وقت سابق من فبراير خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن إسرائيل "ستنهي المهمة" ضد إيران بدعم من الولايات المتحدة، في تلميح واضح إلى استعداد تل أبيب للتحرك عسكريًا إذا لزم الأمر لإحباط طموحات إيران النووية. رد إيران في المقابل، جاء الرد الإيراني عبر تصريحات شديدة اللهجة تعكس رفضا قاطعًا لهذه التهديدات، فقد وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، التصريحات الإسرائيلية الأخيرة بأنها "مشينة وغير منطقية"، وذلك في منشور له يوم الخميس على منصة "إكس" (تويتر سابقًا). وأشار بقائي إلى ما اعتبره تناقضًا صارخًا في المواقف الغربية والإسرائيلية بقوله إن "وزير الخارجية ومسؤولين آخرين في الكيان الصهيوني يهددون إيران باستمرار بتنفيذ عمليات عسكرية، وفي الوقت نفسه يلوم الغرب إيران بسبب قدراتها الدفاعية. هذا أمر غير منطقي ومشين". وأضاف المتحدث الإيراني في الرسالة ذاتها مؤكدا حق بلاده في تعزيز قدراتها العسكرية الدفاعية: "في منطقة تعاني من وجود كيان احتلالي مدمن على العدوان والسلوكيات غير القانونية" – في إشارة إلى إسرائيل – "فإن تعزيز قدراتنا الدفاعية هو بالتأكيد عمل مسؤول وضروري تمامًا". مخاوف دولية في غضون ذلك، تتصاعد المخاوف الدولية إزاء تطورات البرنامج النووي الإيراني على وقع التقارير الأخيرة، فقد كشف تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن طهران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% بطريقة "مقلقة للغاية". ووفقًا للتقرير، بلغ إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% بتاريخ 8 فبراير نحو 274.4 كيلوغرامًا، مقارنة بـ 182.2 كيلوغرامًا قبل 3 أشهر فقط، مما يشير إلى تسارع مقلق في وتيرة الإنتاج النووي الإيراني. وتقترب نسبة التخصيب هذه (60%) من عتبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي، ما يبرر قلق المجتمع الدولي حيال اقتراب إيران من مستوى التخصيب العسكري. يُذكر أن الاتفاق النووي تم إبرامه في عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين) بهدف كبح برنامج طهران النووي مقابل رفع تدريجي للعقوبات الدولية. إلا أن طهران تراجعت تدريجيًا خلال السنوات الأخيرة عن معظم التزاماتها ضمن هذا الاتفاق، وذلك عقب الانسحاب الأحادي للولايات المتحدة منه عام 2018. هذا التراجع عن الالتزامات النووية ترافق مع تصاعد التوتر بين إيران والغرب، مما أعاد أجواء المواجهة والتصريحات المتبادلة بين طهران وتل أبيب إلى الواجهة بشكل ملحوظ.(أ ف ب)