عندما يذهب الأميركيون للإدلاء بأصواتهم هذا الثلاثاء، ستكون هناك إجراءات إضافية مطبقة لتعزيز أمن الانتخابات، وضمان نزاهتها، بدءًا من أجهزة تتبع نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، التي ستوضع في بعض المقاطعات على صناديق الاقتراع، وصولاً إلى مراكز العد التي توفر بثًا مباشراً على مدار 24 ساعة ونوافذ كبيرة للعرض العام.وفي حين أن التحديثات الجديدة قد لا تكون مرئية بشكل كامل بالنسبة للناخبين، ما عدا شاشات العرض، يعمل المسؤولون في جميع أنحاء البلاد على تعزيز الشفافية والثقة في انتخابات 5 نوفمبر، واستمرار عملية التصويت من دون مشاكل. تعدّ هذه التحركات، إلى جانب الإجراءات السابقة ومراكز فرز الأصوات المفتوحة للعامة، من بين التكتيكات الجديدة التي يستخدمها المسؤولون، على المستوى المحلي لمحاولة إقناع الناخبين بأنّ العملية نزيهة وآمنة، ومواجهة نظريات المؤامرة المحيطة بالعملية الانتخابية، على الرغم من أن اعتمادها ومنح الناخبين رؤية فرصة أكبر للتتبع عملية فرز الأصوات يمكن أن يعزّز نظريات مؤامرة جديدة، ويثير مخاوف متزايدة لدى البعض. ومن أبرز المقاطعات التي شملتها التغييرات الجديدة، مقاطعة فولتون بولاية جورجيا، وهي إحدى مقاطعات الولايات المتأرجحة السبع التي يمكن أن تحسم نتيجة الانتخابات، حيث انتقلت فولتون إلى اعتماد مركز جديد بنظام مُستحدث، يسمح للناخبين "بالحضور والمراقبة"، للوقوف على سلاسة سيرورة العملية الانتخابية. مكتب الانتخابات في مقاطعة بالم بيتش بولاية فلوريدا، حيث يُقيم الرئيس السابق دونالد ترامب، اعتمد جولة افتراضية لتجربة الانتخابات، حيث يُمكن للناخبين رؤية كيفية سير العملية، والاطلاع عن كثب على كل تفاصيلها، أما مقاطعة برينس وليام بولاية جورجيا، فقد لجأت لاعتماد المراكز المفتوحة أمام الناخبين للاطلاع على أدق تفاصيل الانتخاب والفوز والعد، وكذلك فعلت مقاطعة دوغلاس بولاية كولورادو، التي توفر بثًا مباشرًا لصناديق الاقتراع المتاحة للجمهور على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.انعكاس سلبي التحديثات والإجراءات الجديدة الهادفة لتعزيز الثقة والشفافية لدى الأميركيين في العملية الانتخابية، والتي تلقى استحسانًا لدى شريحة واسعة من الأميركيين، قد تؤدي بحسب محللين إلى نتائج عكسية على مستويين:اعتمادها قد يؤدي إلى تعزيز الشكوك بقدر أكبر وتأكيد نظريات المؤامرة التي تذهب إلى أن هناك تدخلًا في العملية، يهدف إلى تغيير نتيجتها لصالح حزب على حساب الآخر. إمكانية استخدام الجهود المبذولة من طرف القائمين على الانتخابات لتعزيز نزاهتها، كسلاح من طرف المرشح الذي سيخسر في السابق. وتتباين وجهات النظر حول فعالية وتأثير التغييرات المعتمدة في سير العملية الانتخابية، وفرز وعدّ أصوات الناخبين، بين حيرة واستنكار البعض للجوء إليها، واستحسان وترحيب البعض الآخر. في هذا السياق يُعبر الإعلامي سامح الهادي لمنصة "المشهد" عن اندهاشه من كم المقترحات والتعديلات التي تطرأ على نظام تسيير الانتخابات، موجهًا أصابع الاتهام للحزب الجمهوري، وساسته الذين يسيؤون لسمعة الانتخابات الأميركية بحديثهم المتكرر عن شكوك حول الانتخابات. ويقول الهادي الذي ينتمي للحزب الديمقراطي، ويُقيم بولاية ميشغان، التي تعدّ ثاني أهم ولاية متأرجحة وحاسمة في هذا السباق الرئاسي، إنّ النظام الانتخابي مُتكامل ولا حاجة للمبالغة في تحديثه واعتماد تغييرات وتعديلات، مثل أجهزة تتبع نظام تحديث المواقع، التي تُستخدم للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الأميركية. على النقيض، يستحسن المحلل السياسي والدكتور نبيل مخائيل، التعديلات المعتمدة في العديد من المقاطعات الأميركية، لإضفاء المزيد من الشفافية، وبعث المزيد من الأمان والاطمئنان في نفوس الناخبين والمرشحين الذين يخوضون السباق، على المستوى الرئاسي، وعلى مستوى الكونغرس، وحتى على المستوى الولائي، حيث ستُجرى انتخابات محلية لاختيار المشرعين الولائيين. وينفي الدكتور نبيل مخائيل في حديثه مع "المشهد" فرضية استخدام التحديثات الرقابية الجديدة كسلاح من قبل المرشح الخاسر للاحتجاج على النتيجة، أو اتخذاها كذريعة للاحتجاج واللجوء للعنف السياسي من قبل أنصار من سيخسر السباق، بحجة أنّ العملية الانتخابية شابها تزوير أو حدث تدخل فيها لتغيير النتائج. علاوة على ذلك، يتوقع مخائيل سير العملية الانتخابية بسلاسة، ويجزم بأنّ إعلان الفائر بالسباق سيكون ليلة الـ5 نوفمبر، مُستبعداً احتمال تأخر الكشف عن النتائج، كما حدث في رئاسيات 2020، حيث اضطر الأميركيون للانتظار لأيام قبل معرفة رئيسهم الجديد. ويستند مخائيل، في توقعه هذا إلى أنّ الفارق سيكون واسعًا بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، ما يجعل النتيجة واضحة، حتى قبل احتساب الأصوات المتبقية من التصويت عبر البريد، وتصويت الأميركيين في الخارج، والتي ستكون في غالبيتها أصوات أفراد الجيش خارج الحدود الأميركية.(المشهد - واشنطن)