رسم فلاديمير بوتين الذي أعيد انتخابه الأحد رئيسا لولاية جديدة من 6 سنوات وفقا للنتائج الجزئية لانتخابات رئاسية غابت عنها المعارضة، صورة لروسيا "تعززت" بانتصاره ولن تسمح بأن "يرهبها" خصومها.وحصد بوتين الموجود في السلطة منذ نحو ربع قرن أكثر من 87% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية بعد فرز الأصوات في 80% من صناديق الاقتراع وفق مفوضية الانتخابات. وهذه أفضل نتيجة يحققها في انتخابات. وفي كلمة وجهها إلى الروس في وقت متأخر مساء الأحد، شكر بوتين (71 عاما) من توجهوا للتصويت وساهموا في تهيئة الظروف اللازمة "لتوطيد سياسي داخلي"، بعد عامين على بدء الهجوم ضد أوكرانيا وتبني الغرب عقوبات غير مسبوقة على موسكو. وصرّح بوتين "بغض النظر عمّن أو عن مدى رغبتهم في ترهيبنا، بغض النظر عمّن أو عن مدى رغبتهم في قمعنا وقمع إرادتنا ووعينا - لم ينجح أحد إطلاقا في أي شيء كهذا تاريخيا. لم ينجح الأمر ولن ينجح في المستقبل. أبدا".وتابع "أمامنا العديد من المهام المحددة والمُهمة التي يتعين علينا إنجازها. وتظهر نتائج الانتخابات ثقة مواطني البلاد وأملهم في أن نقوم بكل ما هو مخطط له".الحرب مع الناتوقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه لا يمكن استبعاد صراع واسع النطاق مع حلف شمال الأطلسي (الناتو).ونقلت وكالة تاس الحكومية الروسية عن بوتين قوله، مساء الأحد، إنه في حالة نشوب صراع واسع النطاق مع حلف الناتو، فإن العالم سيكون على بعد خطوة واحدة فقط من حرب عالمية ثالثة. وتابع "أعتقد أنه من غير المرجح أن يكون أي شخص يرغب في هذا".حماية روسياورحّب بوتين الذي سيكون قادرا على الترشح مرة أخرى بعد هذه الولاية الجديدة للبقاء في السلطة حتى عام 2036، في خطابه بالجنود الذين يقاتلون في أوكرانيا و"يخاطرون بحياتهم" من أجل "حماية الأراضي التاريخية لروسيا". كما أكد الرئيس الروسي أن قواته تتمتع بأفضلية على القوات الأوكرانية على الجبهة في أوكرانيا، واعدا مرة أخرى بـ"تحقيق" أهداف موسكو. وقال في خطاب متلفز "بشكل عام، المبادرة تعود بالكامل إلى القوات المسلحة الروسية، وفي بعض المناطق يقوم رجالنا بسحق العدو". واعتبر بوتين أن وفاة المعارض أليكسي نافالني بالسجن في فبراير "حدث محزن"، مؤكدا في أول رد فعل علني له على هذا الموضوع أنه كان مستعدا للإفراج عنه في إطار تبادل للسجناء. وأكد بوتين أن الاحتجاجات التي دعت إليها المعارضة "لم يكن لها أي تأثير" على الانتخابات، متوعدا بملاحقة الناخبين الذين أفسدوا أوراق الاقتراع.وحذّر من أن "هذه جريمة جنائية وستتعامل سلطات الأمن والسلطات القضائية وفقا للقانون"، مضيفا "في الواقع، لم يكن لذلك أي تأثير". وتم إعلان نتيجة الانتخابات على شاشة التلفزيون الحكومي بعد استطلاع أجراه معهد فتسيوم الرسمي.وبحسب اللجنة الانتخابية الروسية، فقد حصل بوتين على 87.47% من الأصوات بعد عمليات فرز جزئية، وهي نسبة قياسية بعد حصوله على ما بين 64 و68% من الأصوات في الانتخابات السابقة.وقالت رئيسة اللجنة الانتخابية ايلا بامفيلوفا "روسيا قد اختارت"، معلنة نسبة مشاركة قياسية بلغت 74.22%. وكانت السلطات قد شدّدت على ضرورة أن يكون الشعب الروسي "متحدا" خلف زعيمه، وصورت النزاع الأوكراني على أنه من تدبير الغرب لتدمير روسيا. وكان الهجوم على أوكرانيا الذي أمر به الرئيس الروسي في فبراير 2022، والذي لا تبدو نهايته قريبة رغم عشرات الآلاف من القتلى، حاضرا أثناء الاقتراع خصوصا مع تزايد الهجمات على الأراضي الروسية هذا الأسبوع. تعليقا على النتائج الأولية، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بوتين "مهووس بالسلطة" ويريد "الحكم إلى الأبد". واعتبرت بولندا أن الانتخابات الرئاسية "غير قانونية وغير حرة وغير نزيهة". وأسف وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون لعدم إجراء انتخابات "حرة ونزيهة" في روسيا. وعلى منصة "إكس"، كتب المساعد السابق في المنفى للمعارض الراحل نافالني، ليونيد فولكوف "من المؤكد أن النسب المئوية التي تم اختراعها لبوتين لا تمت بصلة الى الحقيقة". في المقابل، أشاد الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف بـ"الانتصار الرائع" لبوتين. ولم تترك السلطات أي مجال لمعارضيها في الانتخابات، إذ يتفق المرشحون الثلاثة الآخرون مع الكرملين، سواء في ما يتعلق بأوكرانيا أو بالقمع الذي بلغ ذروته بوفاة المعارض نافالني في أحد سجون المنطقة القطبية في فبراير.ضربات وتوغلاتمن جهتها، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية أن الناخبين الذين توجهوا بأعداد كبيرة إلى السفارات، كما كان الحال في باريس ولندن وبرلين، ليسوا من أنصار المعارضة. وقالت ماريا زاخاروفا "لقد جاؤوا للتصويت، منتهزين الفرصة التي قدمتها لهم بلادهم روسيا رغم كل تهديدات الغرب". وشهد أسبوع الانتخابات ضربات جوية دامية ومحاولات توغل برية من أوكرانيا إلى الأراضي الروسية، ردا على قصف روسيا اليومي والاعتداءات على جارتها لأكثر من عامين. وصباح الأحد، قُتلت فتاة تبلغ 16 عاما في غارة جوية على بلدة بيلغورود القريبة من الحدود والتي تستهدف بانتظام. وبعد الظهر قضى شخص آخر وأصيب 19 آخرون في نفس المنطقة. وأعلنت وحدة عسكرية تعمل من أوكرانيا وتسمى "الكتيبة السيبيرية"، صباح الأحد أنها دخلت قرية غوركوفسكي الروسية. رغم هذه الهجمات، والنزاع الدامي الذي طال أمده، والتقييد المتزايد للحريات، لا يزال فلاديمير بوتين يحظى بشعبية عالية. (وكالات)