لم تمر أشهر على خسارته للانتخابات الرئاسية، ليعود رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو ويُمنى بخسارة رئاسة حزب الشعب الجمهوري، الذي أنشأه مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك.نجح رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال في حسم معركة انتخاب رئيس للحزب في جولتها الثانية، بحصوله على 812 صوتاً متجاوزاً زعيمه التقليدي في حين انسحب المرشحان الآخران قبل وخلال الجولة الأولى.وهذه المرة الأولى التي يخسر فيها رئيس حزب الشعب الجمهوري منصبه بالانتخابات، إذ جرت العادة بأن يقدّم الرئيس استقالته مع تزايد احتمال خسارته أمام المنافس الأقوى.من هو خصم إردوغان الجديد؟ولد أوزغور أوزال في مدينة مانيسا التركية عام 1974.تخرّج من كلية الصيدلة بجامعة "إيجه".يتحدّث التركية والإنكليزية والألمانية.انخرط في الحياة السياسية منذ عام 2011، وذلك بعد انتخابه لعضوية البرلمان التركي.وفي عام 2014 انتُخب لعضوية مجلس حزب الشعب الجمهوري، وهو أعلى مجلس في قيادة الحزب.بعد ذلك عُين نائباً لزعيم المجموعة البرلمانية للحزب المعارض عام 2015.يُنظر إلى أوزال على أنه صديق كليجدار أوغلو وهو من أدخله السياسة.في السياق، قال أوزال في أول تصريح له بعد فوزه: "أود أن أشكر مندوبي المؤتمر الأول في القرن الثاني لجمهوريّتنا، الذين اعتبروني أهلاً لرئاسة حزب الشعب الجمهوري، وسنعمل جنباً إلى جنب لتوسيع موجة الأمل وتعزيز قوة حزبنا".كليجدار أوغلو ليس فقط المسؤولخسر كمال كليجدار أوغلو 3 انتخابات رئاسية أمام إردوغان، خاض اثنين منها عبر مرشح آخر، والثالثة ترشح فيها هو بنفسه، تعرّض كليجدار أوغلو داخل الحزب لانتقادات كثيرة، تتعلق بسوء إدارته للمعارضة، ورفضه التخلي عن رئاسة الحزب، الذي يقوده منذ عام 2010، على الرغم من الخسائر المتتالية.لا يمكن القول إنّ الخسارات كانت بسبب كليجدار أوغلو وحده، بل إنّ قوة إردوغان وقدرته الكبيرة على جذب الأوساط الشعبية عبر الخطاب الدينيّ والقومي، كان لها دور كبير في ذلك.دائما ما يظهر كليجدار أوغلو نفسه على أنه خليفة مؤسس الجمهورية أتاتورك، حتى أنه قال بعد خسارته رئاسة الحزب، "حملت إرث القائد العظيم مصطفى كمال أتاتورك بشرف حتى اليوم. واليوم، مع القرار الذي اتخذه مندوبونا في المؤتمر، أودّع منصب الرئيس"، وهنّأ كليجدار خلفه أوزال، قائلًا "أتمنى لأوزال كل النجاح".يقول الصحفي التركي علي كمال أردم في حديث إلى منصة "المشهد"، إنّ "كليجدار أوغلو ليس المسؤول الوحيد عن خسارة الانتخابات الرئاسية، بل على العكس قام بمجهود كبير. ومع ذلك، فإنّ الإعلان المتأخر عن ترشحه في الانتخابات الرئاسية ومناقشات الترشيح السابقة، أضرّت كثيرا باسم كيليجدار أوغلو".ويضيف أردم: "السبب الحقيقيّ لخسارة الانتخابات ليس كيليجدار أوغلو، بل إضاعة الوقت وانعدام الثقة الناجم عن المناقشات حول ترشيحه".يؤيد ذلك المحلّل السياسيّ التركي علي رضا أوزكان في تصريح إلى منصة "المشهد" بقوله: "لا يمكن أن يقوم كمال كيليجدار أوغلو بإلقاء اللوم على حزب الشعب الجمهوري والمعارضة في الانتخابات الأخيرة، جميع أحزاب المعارضة والهيئة القيادية لحزب الشعب الجمهوري مسؤولة عن الهزيمة".تحديات تواجه أوزالجاء أوزغور أوزال إلى رئاسة الحزب، محمّلًا بجبل من الخسارات والفوضى في الأروقة الداخلية للحزب. ولا يعدّ أوزال قائدًا سياسياً مخضرماً يستطيع أن يواجه إردوغان وحزبه. لكن، في الوقت ذاته، لدى أوزال دروس يمكن أن يستفاد منها، عبر تجنب الأخطاء التي وقع فيها حزبه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والتي قد تمكّنه من الظفر بالبلديات الكبرى، والتي تمثل نقطة القوة الأبرز للحزب المعارض الأكبر في البلاد.بعد فوزه، شدّد أوزال على "ضرورة إحداث نقلة نوعية في السياسة التركية وإتّباع نهج يرفض سياسات الهوية التي تقسّم المجتمع كما يفعله الرئيس إردوغان". لكنّ أوزال يواجه تحدّياً مباشراً، وهو انتخابات الإدارة المحلية في تركيا، في حين يسيطر حزب الشعب الجمهوري على البلديات الكبرى في البلاد (إسنطبول، أنقرة، أنطاليا)، لذا ستكون المحافظة على هذه البلديات تحدّياً كبيراً بالنسبة لأوزال، وذلك من خلال بناء التحالفات مع الأحزاب الأخرى، واختيار المرشحين المناسبين.ويشرح أردم أن "فوز أوزغور أوزال قد يُعيد بعض الناخبين في حزب الشعب الجمهوري الذين كانوا متفاعلين وفكروا في عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراع. ومع ذلك، لن يكون كافياً لحزب الشعب الجمهوري أن يفوز بالمدن الكبرى بمفرده، بل سيحتاج مرة أخرى إلى التحالفات".يبيّن أردم "من المؤكد أنّ حزب الخير، وحزب مساواة وديمقراطية الشعوب (بديل حزب الشعوب الديمقراطي)، سيكون أكثر مساومة وتفاوضاً في تحالفه مع حزب الشعب الجمهوري. ومع ذلك، فإنّ قاعدة حزب الشعب الجمهوري ليست منفتحة تماماً على تقديم التنازلات هذه المرة. ولهذه الأسباب، لا يبدو من السهل على أوزغور أوزال تشكيل تحالف شامل كما حدث في الانتخابات السابقة، سيكون من المبالغة في التفاؤل توقّع قفزة خطيرة في أصوات حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات المحلية".في حين يبين أوزكان أن "حزب الشعب الجمهوري سيشهد هزيمة فادحة في الانتخابات البلدية. ولا يستطيع أوزغور أوزيل منع ذلك. لا يوجد اختلاف بين أوزغور أوزيل وكمال كيليجدار أوغلو في سياسة الحزب، سيتمّ فقدان معظم البلديات الكبرى مثل إسطنبول وأضنة".الاستعانة بإمام أوغلوأعلن حزب الشعب الجمهوري ترشيح إمام اوغلو لانتخابات البلدية 2023، ويعدّ إمام أوغلو سياسياً مقبولًا إلى حد كبير من قبل الأتراك المعارضين للحكومة. لكن يبدو أنّ إمام اوغلو يريد الحفاظ على منصب رئاسة بلدية إسطنبول، كونه يمهّد الطريق لرئاسة البلاد أكثر من أيّ منصب آخر، وهو الطريق ذاته الذي سلكه الرئيس الحاليّ إردوغان، إذ ترأس بلدية إسطنبول قبل قيادة البلاد. يشير إمام اوغلو إلى ذلك صراحة بمقولة أروغان، "من يفوز بإسطنبول سيكون قد فاز بتركيا، فأنا أولي أهمية كبيرة لهذا القول".دعم إمام أوغلو أوزال لوصول الأخير إلى منصب الرئاسة، وقال باحث الرأي التركي، أوزار سنجار، إنّ "تحالف رئيس حزب الشعب الجمهوري الجديد، أوزجور أوزال، وعمدة بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، يمكن أن يكون نقطة تحول مهمة جدًا في على الصعيد السياسي في تركيا، ويمكن أن تكون وحدة أوزال وإمام أوغلو نقطة تحوّل مهمة للغاية في الشكل القادم للبلاد".ويرى أوزكان أنه "لدى أكرم إمام أوغلو هدف كبير، وهو تولّي قيادة حزب الشعب الجمهوري، ومن هنا لا نستطيع أن نقول إنهم شركاء سياسيون. في الواقع، هم منافسون مع الآخرين".وأنهى أوزكان حديثه إلى "المشهد" بالقول: "إذا فاز إمام أوغلو في الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 31 مارس، فلن يكون هناك أيّ خطر على قيادة أوزال، وهو يدعم أوزال حتى الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2028، في ذلك الوقت يصبح مرشح حزب الشعب الجمهوري للرئاسة. ومع ذلك، إذا خسر في الانتخابات المحلية، فقد يطالب إمام أوغلو برئاسة حزب الشعب الجمهوري. هذا يسبّب التنافس مع أوزيل. باختصار، ستتحدد العلاقة بين أوزال وإمام أوغلو من خلال نتائج الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 31 مارس 2023".(المشهد)