يبدو أن الجزائر بدأت في تغيير وجهة شراكتها العسكرية واكتساب حلفاء جدد. فالتقارب الأخير بينها وبين الولايات المتحدة من خلال التعاون في مجالات الدفاع، برز مع إبرام مذكرة تعاون، وقع عليها في العاصمة الجزائرية قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا وقائد أركان الجيش الجزائري أيضًا. ويأتي هذا التقارب في ظل الانسحابات الأوروبية وتغلغل الروس في إفريقيا. ويرى خبراء أن هذا التقارب جاء كرد فعل على الفتور الذي بات يخيم على علاقات الجزائر مع روسيا، التي أضحى تدخلها واضحًا في إقليم الساحل والصحراء، بشكل يزاحم دور ونفوذ الجزائر الإقليمي في المنطقة.العلاقات بين الجزائر وأميركاوللوقوف على آخر المستجدات في هذا الصدد، قال الرئيس السابق للجنة الجزائرية للسلم والخبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية الدكتور أحمد ميزاب في مقابلة مع الإعلامية آسيا هشام في برنامج "المشهد الليلة" على قناة ومنصة "المشهد": نحن لا نتحدث اليوم إن كانت الجزائر تغير في توجهاتها شرقًا أو غربًا، لأن الجزائر لا تسير في هذه المعادلة، أي معادلة المحاور، إنما تتبنى إستراتيجية متكاملة أصبحت واضحة خلال السنوات الأخيرة.هذه الإستراتيجية تعتمد بشكل أساسي على التنويع وكذلك على التعزيز من شراكاتها الإستراتيجية مع مختلف الفاعلين على الساحة الدولية، وخصوصًا في المجال العسكري.المسألة اليوم ليست مسألة تغيير شريك عسكري بشريك آخر ولا محاولة للمناورة بأوراق الشراكات، ففي المعادلة العسكرية، من الأخطاء الإستراتيجية أن نقع في أخطاء مماثلة كتغيير الشركاء، بل هي مسألة تنويع في الشراكات لتعزيز القدرات وفتح آفاق جديدة على كافة المستويات، في إطار التنسيق وإطار التعاون وتبادل الخبرات والتجارب.وأردف بالقول: "الجزائر اليوم تسير في إطار هذه الإستراتيجية وفق رؤية متكاملة، لا تحكمها تطورات ظرفية ولا تحكمها كذلك حسابات ضيقة ولا تغيير في الأوراق بما لا يخدم مصالحها بشكل واضح، وإنما الجزائر تحترم شركاءها والأبعاد الإستراتيجية لشراكاتها، وتعمل على تعزيز قدراتها والحفاظ على مصالحها وعلى قنوات واضحة للتواصل والحوار والتشاور مع مختلف الشركاء الفاعلين، بالتالي هذا التوجه في تنويع الشراكات وهذه المذكرة التي تم توقيعها مع وزارة الدفاع الأميركية، ليست في إطار حسابات ضيقة وإنما تأتي وفق إستراتيجية متكاملة".روسيا ليست قلقةمن جهته، قال الدبلوماسي الروسي السابق فيتشسلاف ماتوزوف: "دور الجزائر في السياسة الخارجية الروسية كان تقييمه عاليًا جدًا من أيام الاتحاد السوفياتي، ونظرة روسيا لدور الجزائر في الأمور الدولية لا يزال كما هو، أي في المستوى نفسه، وبالنسبة للاتصالات والعقود وتوسيع التعاون بين الجزائر في المجال العسكري مع الولايات المتحدة الأميركية، روسيا لا تشعر بأي قلق في هذا الصدد".وتابع قائلًا: "لا أعتبر أن أي علاقة بين الجزائر ودول أخرى، ستنعكس على علاقات الجزائر مع روسيا الفيدرالية في مجال التعاون العسكري، لأن حجم التعاون بينهما ضخم دون أي مبالغة، ونحن نحترم حق الجزائر في أن تكون دولة مستقلة ذات سيادة، وفي النهاية التنافس موجود وهذا شيء طبيعي". (المشهد)