في الأيام الأخيرة توجهت الأنظار نحو محافظة السويداء السورية، ذات الغالية الدرزية، وذلك بعد تأسيس "المجلس العسكري للسويداء" الذي تزامن مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حول منع دخول الجيش السوري الجديد إلى محافظات جنوب سوريا ومنع أي تهديد للطائفة الدرزية.بحسب طارق الشوفي، قائد المجلس العسكري، فإن المشروع وطني ويهدف إلى تنظيم التعاون بين القوى المسلحة في المجتمع المحلي، مع التركيز على تشكيل نواة من كوادر العسكريين المنشقين.المجلس العسكري للسويداءفي المقابل، يربط محللون وناشطون تأسيس المجلس مع وصول الحوار بين الدروز والإدارة الانتقالية في دمشق إلى طريق مسدود، لدرجة مطالبة شيخ عقل الموحدين الدروز في السويداء حكمت الهجري بالأمس بتدخل دولي لضمان قيام دولة مدنية وفصل للسلطات ولامركزية موسّعة في سوريا، في مطالب متطابقة مع الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد في شمال وشرق البلاد.فيما لم يخف الشوفي التنسيق بينه وبين قوات سوريا الديمقراطية والمعروفة اختصاراً بـ"قسد"، الجناح العسكري للإدارة الذاتية، في حين أكّدت مصادر مقرّبة من المجلس لمنصة "المشهد" عدم وجود تنسيق مع قوّات أحمد العودة في درعا حتى الساعة، من دون استبعاد إمكانية قيامه في الأيام القادمة.تصريحات الشيخ الهجريفي خضم هذه التطورات، شهد المجتمع الدرزي انقساما وتباينا في المواقف، ففي حين ذهب زعماء حركة الكرامة ولواء الجبل إلى دمشق وقابلوا الشرع، عبر الشيخ الهجري عن عدم رضا من التحضيرات لمؤتمر الحوار الوطني، مطالباً بتدخل دولي لضمان دولة مدنية وفصل للسلطات في سوريا.وفي تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، قال الشيخ الهجري "حتى الآن نحن نحترم كل الآراء، لكننا لم نر القدرة على قيادة البلاد، أو تشكيل الدولة بطريقة صحيحة"، مضيفاً:نحن نمضي قدماً في ذلك، على أمل أن تصبح الأمور منظمة، أو يحدث شيء جديد بحلول نهاية الفترة المؤقتة.ندعو إلى التدخل الدولي لضمان أن تسفر العملية عن دولة مدنية، مع فصل للسلطات وسيادة القانون.تصريحات الهجري جاءت بعد زيارة قام بها مصدر وفد من أصحاب العمائم المكولسة (أعلى مرتبة دينية لدى الموحدين الدروز) للزعيم الروحي الأبرز للدروز في سوريا، حسب ما علمت "المشهد" من مصادر مقربة من دوائر القرار في المحافظة.وقال المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه إن "الزيارة رفيعة المستوى تشير إلى تنسيق بين الهجري والمجتمع الدرزي الأوسع في الإقليم". وبحسب المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه نظرا لحساسية الأحداث الجارية، فإن الشيوخ الذين زاروا الهجري هم:الشيخ أبو طاهر منير بركة.الشيخ أبو داوود منير القضماني.الشيخ أبو يوسف أمين العريضيممثل الشيخ أبو يوسف أمين الصايغ رئيس الهيئة الروحية ممثلا بشقيقه الشيخ أكرم الصايغ.رفض التقسيم والتصريحات الإسرائيليةردا على تصريحات نتانياهو، انتشرت دعوات للتظاهر في ساحة "18 آذار" في درعا وساحة الكرامة في السويداء ودوار خان أرنبة بالقنيطرة للتأكيد.واليوم، تجمعت حشود من السوريين في المحافظة، نددت بتصريحات نتانياهو الذي تعهد بمنع أي انتشار عسكري سوري في مناطق جنوب دمشق، مؤكداً التزام إسرائيل بحماية الطائفة الدرزية من أي تهديدات.ورفع المتظاهرون العلم السوري الجديد ورددوا هتافات معادية لإسرائيل، معبرين عن رفضهم لتصريحات نتانياهو بشأن جنوب سوريا. وقد أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، التي أدلى بها الأحد، بشأن الطائفة الدرزية والجنوب السوري، حالة من الجدل والاستنكار.من جانبه، يقول الشيخ ليث البلعوس وهو أحد وجهاء وأعيان الطائفة الدرزية التي زارت الرئيس الانتقالي أحمد الشرع بالأمس لـ"المشهد"، إن "زيارة الأمس كانت خير دليل وبرهان على أننا متمسكون في وحدة الأراضي السورية على خطى الشيخ الشهيد أبو فهد وحيد البلعوس". ويضيف:سوريا أمّنا، ولا يوجد وطن ثان بديل، إما نعيش فوق الأرض بكرامة أو تحت الأرض بكرامة.نحن لن نقبل بمشاريع التقسيم لسوريا ونؤكد على ذلك دوما.نؤكد على ضرورة إحلال السلام في المنطقة ودول الجوار. وفي ظل هذه التطورات التي يشهدها جنوب سوريا، بدأت وزارة الدفاع الإسرائيلية إجراءات لتنظيم دخول عمال دروز من سوريا للعمل في بلدات إسرائيلية بمرتفعات الجولان، وفق ما أكده مصدران أمنيان لقناة "كان" الإسرائيلية.وسيتم في المرحلة الأولى استقدام عشرات العمال السوريين للعمل في قطاعات البناء والزراعة داخل القرى الدرزية بالجولان في إسرائيل، وفقا للخطة الموضوعة. وبحسب المصادر الإسرائيلية، تأتي هذه المبادرة استجابةً لطلب قدمه قادة المجالس المحلية الدرزية إلى الجيش الإسرائيلي لمساعدة أقاربهم في الجانب السوري بعد تدهور الأوضاع المعشية والاقتصادية بعد سقوط بشار الأسد.وبهذا بات الدروز ورقة صعبة وعامل ضغط إضافي على الشرع ومحاولاته لتوطيد أركان سلطته. (المشهد )