أقرت السلطات التونسية جملة من الإجراءات تأمل أن تساهم في تخفيف الضغط على جيوب التونسيّين في شهر رمضان، وحددت وزارة التجارة التونسية هامش الربح لموادّ أساسية يكثر الإقبال عليها في هذا الشهر، مثل البيض ولحوم الدواجن والألبان، بعد أن كانت سابقًا أعلنت تجميد أسعار موادّ كثيرة.وتأمل السلطات في أن تساعد هذه الإجراءات في الحفاظ على القدرة الشرائية للتونسيّين الذين يشتكون من غلاء المعيشة. وكشف مدير المنافسة والأبحاث بوزارة التجارة وتنمية الصادرات التونسية حسام الدين التويتي، عن إقرار تخفيضات في أسعار موادّ عدة يرتفع حجم استهلاكها لمناسبة شهر رمضان. وبيّن في تصريح لمنصّة "المشهد"، أن هذه التخفيضات ستشمل أسعار الدواجن والبيض واللحوم الحمراء، موضحا أنّ سعر لحوم الدواجن سيكون أقلّ من 8.500 دينارات (1دينار يساوي 3 دولارات) وأنّ أسعار البيض ستُحافظ على استقرارها، متوقعًا انخفاضها خلال الأسبوع الأول من رمضان. كما كشف عن تحديد أسعار اللحوم الحمراء، وبسبب ارتفاع أسعارها بشكل قياسيّ في الأعوام الأخيرة، لم تعد هذه اللحوم في متناول التونسيّين الذين يقولون إنهم صاروا محرومين منها. وكشف المسؤول بوزارة التجارة، عن إقرار تخفيضات على مستوى الفضاءات التجارية الكبرى تشمل 87 منتوجًا تصل إلى 34%. ويقول رئيس منظمة ارشاد المستهلك لطفي الرياحي، إنّ هذه الاجراءات قد تخفف الضغط هذا العام على جيب المواطن، ويتوقع في تصريح لمنصّة "المشهد"، ألّا تشهد الأسعار زيادة كبيرة مقارنة بالفترات العادية، بسبب هذا الإجراءات التي سبقها قرار تجميد أسعار موادّ كثيرة منذ يناير الماضي، وفي تقديره فإنّ "نتائجها ستكون ملموسة في صورة وجود رقابة صارمة تضرب على يد المخالفين لهذه الإجراءات". وتوقع ألّا تتجاوز تكلفة قفة التونسيّ في شهر رمضان 50 دينارًا، في صورة وجود رقابة صارمة على الأسواق.وفرة العرض وطمأنت وزارة التجارة وتنمية الصادرات بتونس، التونسيّين حول وفرة الموادّ الاستهلاكية في السوق، مؤكدة أنها ضخت كميات إضافية إمناسبة شهر رمضان. ويقول التويتي إنّ وزارة التجارة حرصت على توفير كل المنتجات الخاصة بشهر رمضان وخصوصًا تلك التي تعرف إقبالًا متزايدًا في هذا الموسم الاستهلاكي، مشددًا على أنه لا داعي للخوف من فقدانها واللهفة على تخزينها، وأنّ السلطات المعنية ستحرص على مراقبة السوق للتدخل في صورة وجود نقص في مادة ما. وكشفت الوزارة عن برنامج لتزويد الأسواق لشهر رمضان، بهدف تغطية حاجيات التونسيّين، تضمن مخزونًا بـ23 مليون بيضةً علاوة عن الإنتاج الشهريّ المقدر بـ 160 مليون بيضة، إضافةً إلى آلاف الأطنان من لحم الدجاج ولحم الديك الرومي، و20 ألف طن مادة البطاطا، إضافة إلى تكوين مخزون تعديليّ بـ5 آلاف طن، خصوصًا بتعديل السوق خلال هذا الشهر. ويرى الرياحي أنّ وفرة الطلب من شأنها أن تساعد على تخفيض الأسعار، متوقعًا أن تتراجع مع بداية الأسبوع الأول من شهر رمضان، ووفق المتحدث، "عادة ما تكون هناك لهفة على شراء كميات كبيرة من الموادّ الغذائية في شهر رمضان، خوفًا من عدم توافرها لاحقًا، لكن مع تقدم الأيام، إذا اكتشف المستهلك أنها متوافرة بكميات كبيرة، سيقل الضغط عليها وقد تنخفض أسعارها". غير أنّ الازدحام والطوابير لم تكن غائبة عن كثير من الفضاءات التجارية، حيث اصطفّ المواطنون بحثًا عن بعض الموادّ وفي مقدمتها مادة السكر. وعاشت تونس في السنوات الأخيرة على وقع أزمة شحّ الموادّ الأساسية وسط تواصل أزمتها الاقتصادية، وفقدان موادّ كثيرة من أسواقها في صدارتها السكر والقهوة والحليب. تكثيف المراقبة وقالت وزارة التجارة، إنها ضبطت برنامجّا مكثفًا لحملات المراقبة، ستشمل جميع الأسواق، وعادة ما تنفذ مصالح المراقبة الاقتصادية خلال شهر رمضان، حملات، خصوصًا لمنع التجاوزات، لكنّ حالة الضعف التي عاشتها مؤسسات البلاد خلال الفترة التي تلت حوادث 2011، قلصت من أثرها ما أدى لانتشار المضاربة والاحتكار. وكشف التويتي عن أنّ برنامج الرقابة خلال شهر رمضان، يهدف إلى تكثيف المراقبة اليومية والنوعية بمسالك التوزيع للتصدي لمختلف الممارسات الاحتكارية والتجاوزات. وكثيرًا ما انتقد الرئيس سعيّد ما سمّاها بـ"مافيا المضاربة والاحتكار" متّهمًا إيّاها بالوقوف وراء أزمة شحّ الموادّ الغذائية في أسواق بلده. تراجع التضخم ومع مساعي السلطات للتحكم في الأسعار في الأسواق خلال شهر رمضان، أعلن معهد الإحصاء الحكوميّ عن انخفاض نسبة التضخم في البلاد، وهو ما يقول خبراء الاقتصاد إنه يبشّر بانخفاض الأسعار خلال شهر رمضان. وقبل أيام من بداية شهر الصيام أعلن المعهد الوطنيّ للإحصاء في تونس الثلاثاء، تباطؤ معدل التضخم في البلاد للشهر السادس على التوالي. ووفق البيانات التي نشرها، فقد تباطأ معدل التضخم إلى 7.5% في فبراير الماضي، مقابل 7.8% في يناير الماضي. وقال البنك المركزيّ التونسيّ إنّ متوسط التضخم سينخفض إلى نحو 7.3% خلال العام الحالي من 9.3% عام2023. وارتفع متوسط معدل التضخم في تونس إلى 9.3 %في عام 2023، مقابل 8.3 %في 2022، متأثرًا بارتفاع أسعار الغذاء، بحسب ما ذكره معهد الإحصاءات الحكوميّ في يناير الماضي.أسعار من نار في المقابل يؤكد المواطن التونسيّ أنه لم يلمس أثر كل هذه الإجراءات التي كشفت عنها السلطات على الأسعار في الأسواق. ورغم تأكيدهم على توافر كل المنتجات، اشتكى جميع من استجوبتهم منصّة "المشهد"، من ارتفاع أسعار جميع الموادّ الغذائية في الأسواق، مؤكدين أنها لم تعد في متناول الطبقة الضعيفة والمتوسطة في تونس. وقالت مواطنة إنّ الأسعار مرتفعة جدًا، مؤكدة أنها شهدت زيادة مقارنة بأيام سابقة، ووفق المتحدثة قارب سعر لحم الضأن 50 دينارًا للكلغ الواحد. وتحدث آخرون عن ارتفاع أسعار الخضر والغلال، وقال أحدهم متذمرًا، "نحمل أموالًا كثيرة لنعود بكيس صغير به بضع مشتريات"، وتابع،"لا أعرف كيف سأجاري حجم المصاريف التي ستتزايد خلال شهر رمضان". (المشهد)