شكّلت الضربة الإسرائيلية ضد قافلة فريق منظمة "المطبخ المركزي العالمي" في قطاع غزة، واحدة من أعنف الهجمات المميتة، اقترفتها قوات الجيش الإسرائيلي تجاه منظمة دولية تعمل في إغاثة أهالي غزة بالغذاء والمأوى، والتي راح ضحيتها 7 أشخاص، يحملون جنسيات أستراليا وبولندا وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا وفلسطين.بدورها، علقت المنظمة عملياتها لنقل المساعدات، معربة عن صدمتها الواسعة، وأوضحت أنه "رغم التنسيق مع الجيش الإسرائيلي فقد تعرضت القافلة للقصف أثناء مغادرتها مستودع دير البلح وسط غزة"، وفي هذا السياق صدمت "المجزرة" المجتمع الدولي، وأثارت سيلاً من ردود الأفعال الغاضبة والمنددة، فيما توالت المطالبات الدولية بالتحقيق العاجل والسريع في الحادثة. تسعى إسرائيل جاهدة لتبرير الفاجعة التي اقترفها جيشها بحق 7 من موظفي الإغاثة، مؤكدة أن القصف كان "غير مقصود" و"عن طريق الخطأ"، وزعم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن "يحدث هذا في الحرب، سنحقق في الأمر بشكل تام، نحن على اتصال مع الحكومات، وسنفعل كل شيء حتى لا يتكرر ذلك"، فيما دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إسرائيل البدء في إجراء تحقيق سريع ومحايد. ومنذ نشوب الحرب الحالية، عمدت إسرائيل على تعطيل عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، واستهدفت قوافل وشاحنات المساعدات الإنسانية، في محاولة لإحباط محاولات إعادة الحياة في غزة، تارة بقصف تجمعات النازحين منتظري المساعدات، وطوراً باغتيال المسعفين وتدمير المستشفيات، ناهيك عن عدم تمكن بقية المؤسسات الإغاثية الدولية من العمل في غزة بسبب الحرب والمنع الإسرائيلي. إسرائيل فوق القانون؟بدوره أكد الخبير القانوني والأكاديمي د. محمد الشلالدة لمنصة "المشهد"، بأن "استخدام إسرائيل للقوة المفرطة والمميتة ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، والتي طالت فريق منظمة المطبخ المركزي العالمي، تشكل وجهاً من أوجه الفصل العنصري، وتنعقد عليها المسؤولية الجنائية الدولية، فانعدام المساءلة الجنائية لإسرائيل، يشجعها على ارتكاب المزيد من الجرائم وتقويض الاحترام لسيادة القانون". وتابع د. الشلالدة حديثه قائلاً "ما جرى انتهاك خطير لحقوق الإنسان، وإسرائيل أخلت بالتزاماتها القانونية، بوجوب التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، والاعتداء على فريق الإغاثة، يثبت الرغبة الجامحة لدى قادة وجنود إسرائيل، بمواصلة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وهي رسالة للعالم بأن إسرائيل غير ملتزمة بتطبيق مبادئ قواعد القانون الدولي والإنساني، ومتمردة عليها وارتكبت هذه الجريمة الفظيعة".وأكد لمنصة "المشهد"، "هذه الجريمة لا يتم محاسبة إسرائيل عليها بالتنديد الدولي وحسب، بل يجب تشكيل لجنة تحقيق دولية في قتلها لعمال الإغاثة، وكذلك بقية الجرائم التي تقترفها في قطاع غزة، وبهذه الجريمة أثبتت إسرائيل بأنها ارتكبت جميع أنواع الجرائم ضد السكان المدنيين، ولا بد من ملاحقتها ومحاسبتها أمام القضاء الدولي". ووصف الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي ساري عرابي لمنصة "المشهد"، بأن الاستهداف متعمد لأسباب عدة أبرزها، "إخافة بقية المؤسسات الدولية الإغاثية العاملة في القطاع، لأن عملها الإنساني يتعارض مع النهج الإسرائيلي في تجويع أهالي غزة، وهي تحارب كل ما يمكن أن يعيد تنظيم حياة المدنيين، والقضاء على دور عناصر "حماس" في ذلك، وأضاف عرابي "هذه الحادثة ستزيد من عزلة إسرائيل الدولية، وستتصدع روايتها وسرديتها في أرجاء العالم". الموقف الإسرائيلي وفي هذا الصدد، صرح الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، بأن "السلطات الإسرائيلية سوف تفتح تحقيقاً لفحص هذا الحادث الخطير بشكل أكبر، من خلال آليّة تقييم وتقصّي الحقائق، وهي هيئة خبراء مستقلة ومهنية، سنصل إلى أساس ما حدث، وسنشارك النّتائج التي توصّلنا إليها بشفافية، فيما أوعز وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بتشكيل فريق للتحقيق في ملابسات الحادث، وطلب إطلاع المنظمات الدولية على تفاصيل الحادث، والإجراءات التي ستُتخذ لاستخلاص العبر. وأوضح المحلل السياسي موردخاي كيدار لمنصة "المشهد"، بأن "ما حدث من قصف إسرائيلي على القافلة، خطأ فادح ولا مفر من الأخطاء في الحروب، كما قال أحد منظري الحروب في العالم، الحرب هي أم الحالات غير المؤكدة، كان من المفترض التنسيق بين الجيش الإسرائيلي وهذه المنظمة الإغاثية، ولسبب ما لم يتم التنسيق بما يكفي". وأضاف قائلاً "هناك احتمال بأن فريق المنظمة الإغاثية، قد خرجوا من النطاق الذي كان مخططاً له، والجيش الإسرائيلي يخشى من حركة "حماس" لأن عناصرها يستخدمون المركبات المدنية، وحتى الإسعافات، لذلك الجيش الإسرائيلي، اشتبه بهذه المركبة وأطلقوا عليها النار بصورة خاطئة". وأكد موردخاي لـ"المشهد"، بأن "إسرائيل تحقق في هذا الشأن، ولا أعتقد بأنه سوف يحدث مجدداً، ومن أخطأ سوف يعاقب على ذلك، في ظل ردود الأفعال الدولية المنددة بهذه الحادثة، لكن الحرب هي من فرضت على من أطلق النار، أن يقوم بإطلاق النار". (المشهد)