طردت فرنسا 12 مسؤولًا دبلوماسيًا جزائريًا بعد يوم من طرد الجزائر العدد ذاته من المسؤولين الفرنسيين عقب اعتقال موظف قنصلي جزائري يُقال إنه مرتبط باختطاف مؤثر سياسي.في حين شكّل الاعتقال نقطة اشتعال فورية، إلا أنّ التوترات الدبلوماسية بين البلدين كانت تتصاعد منذ شهور.وكانت السلطات الفرنسية اعتقلت مؤخرًا 3 مواطنين جزائريين، ووجهت إليهم تهمة "الاختطاف أو الاحتجاز التعسفي... في ما يتعلق بمشروع إرهابي". تتعلق القضية بأمير بوخرص، وهو مؤثر سياسي وناقد للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. بوخرص، الذي ينشر على "تيك توك" باسم أمير دي زد ويعيش في فرنسا منذ عام 2016، اختُطف من خارج منزله بالقرب من باريس في أبريل.وفقًا لصحيفة "غارديان"، تم تقييد بوخرص وخطف من قبل 4 رجال خارج منزله في فال دو مارن، جنوب باريس. وقال بوخرص إنّ الرجال الذين يرتدون شارات الشرطة قاموا بتخديره واحتجازه في "حاوية" قبل إطلاق سراحه بعد أكثر من 24 ساعة. ونقلت صحيفة غارديان عنه قوله: "وقعت في فخ". وكان من بين المشتبه بهم المعتقلين رجل يعمل في القنصلية الجزائرية في كريتاي، إحدى ضواحي باريس، وهو تفصيل زاد من تأجيج التوترات الثنائية.العلاقات الفرنسية الجزائريةوتوترت العلاقات الفرنسية الجزائرية، قبل أشهر، بعد أن اعتقلت الجزائر كاتبًا فرنسيًا من أصول جزائرية، ورفضت طلب فرنسا بإطلاق سراحه، فيما قامت بفرنسا بإلقاء القبض على 3 مؤثرين جزائريين قالت إنهم يحرضون على الإرهاب.وبالعودة إلى الأزمة الأخيرة، نفت الجزائر أيّ تورط لها في عملية الاختطاف وأدانت اعتقال موظفها القنصلي. وفي بيان لها، اتهمت وزارة الخارجية الجزائرية فرنسا بمحاولة "إهانة الجزائر، من دون مراعاة للوضع القنصلي لهذا الموظف، وتجاهل جميع الأعراف والممارسات الدبلوماسية، وفي انتهاك صارخ للاتفاقيات والمعاهدات ذات الصلة".في حين أنّ العلاقات بين فرنسا والجزائر كانت حساسة منذ فترة طويلة، إلا أنها اتخذت منعطفًا نحو الأسوأ في عام 2024 عندما دعم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقف المغرب من الجزائر في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها، حسبما ذكرت صحيفة غارديان. تفاقمت التوترات بعد سجن الجزائر بوعلام صنصال، الكاتب الفرنسي الجزائري الذي ينتقد الإسلام السياسي والقيادة الجزائرية. حُكم على صنصال، البالغ من العمر 75 عامًا، بالسجن خمس سنوات، وهي خطوة انتقدها ماكرون علنًا، وحثّ على إطلاق سراحه.وزير الخارجية الفرنسي يعلّق على الأزمةظهرت بوادر مصالحة في أواخر مارس 2025 عندما تحدث ماكرون مع الرئيس تبون عبر مكالمة هاتفية. كما زار وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الجزائر في وقت سابق من أبريل، ما يشير إلى أنّ هناك انفراجًا في العلاقات. لكنّ الطرد الجماعي للدبلوماسيين - وهو الأكبر منذ استقلال الجزائر عن فرنسا عام 1962 - يمثل تحولًا جذريًا. ويسلط الضوء على استمرار قوة المشاعر المعادية لفرنسا داخل قطاعات من القيادة الجزائرية، وفقًا لما ذكرته "بي بي سي".رفضت فرنسا مبررات الجزائر لطرد الدبلوماسيين. "الحوار دائمًا، ولكن ليس في اتجاه واحد"، هذا ما كتبه وزير الخارجية الفرنسي على حسابه على "إكس" واصفًا خطوة الجزائر بأنها "غير مبررة وغير مفهومة".وذكرت شبكة CNN أنّ الحكومة الفرنسية استدعت سفيرها لدى الجزائر للتشاور، واتهمت السلطات الجزائرية بالمسؤولية عن "تدهور حاد في علاقاتنا الثنائية".في الوقت الذي يواجه فيه البلدان موجة جديدة من انعدام الثقة، لا تزال هناك تساؤلات حول ما إذا كانت علاقتهما الطويلة والمعقدة، التي تعود إلى حقبة ما بعد الاستعمار، قادرة على إيجاد أرضية أكثر استقرارًا. (المشهد)