عرض وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال جلسة مجلس الحرب والمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية، خطة المستوى الأمني لما بات يعرف باليوم التالي للحرب على قطاع غزة، التي تقترح حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في غزة، وإدارة محلية للقطاع وإشرافاً دولياً.وكشف غالانت في حديث للصحفيين، أجزاءً من الخطة التي بموجبها ستتولى إسرائيل المسؤولية الأمنية عن كل ما يجري غزة، كما تطمح إلى الإبقاء على حرية العمليات العسكرية على نحو كامل، وأن تتولى المسؤولية المدنية جهات فلسطينية محلية تعمل إلى جانب قوات دولية، بقيادة الولايات المتحدة، بالتعاون مع دول من أوروبا الغربية وعدد من الدول العربية التي تصفها إسرائيل بالمعتدلة. وفي إسرائيل لم يتوقف الحديث الرسمي والشعبي عن سيناريوهات الحل لما بعد انتهاء الحرب على غزة، والقلق نابع من توجس المجتمع الإسرائيلي أن يتكرر هجوم 7 أكتوبر، أو أي هجوم من قبل حركة "حماس" التي تسعى إسرائيل لاجتثاثها وشنت عليها حرباً ضارية دخلت شهرها الرابع، مبادرات عدة طرحت حول ذلك، وآخرها كان لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، فما مدى إمكانية تحقيقها وقبولها إسرائيلياً وفلسطينياً ودولياً؟ 4 نقاط مركزية في خطة غالانتستكون إسرائيل مسؤولة عن توفير المعلومات التي يكون هدفها توجيه الأعمال والنشاطات المدنية للقوة الدولية متعددة الجنسيات، التي سيتم تشكيلها خصيصاً لإعادة بناء القطاع. ونظراً للاحتياجات الأمنية، ستقوم إسرائيل بإجراء تفتيش لأي بضائع تدخل القطاع.قيادة الولايات المتحدة القوة متعددة الجنسيات بالشراكة مع دول أوروبا الغربية، ودول الخليج المعتدلة التي تربطها اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، على أن تتولى القوة مسؤولية إعمار غزة على مستوى البناء والمنظور الاقتصادي، كما ستكون العنوان الرئيسي لجميع الأطراف الدولية المهتمة بالمساعدة في إعادة إعمار القطاع جراء الدمار الذي لحق به خلال الحرب. ستكون مصر بمثابة جسر الدخول المدني إلى القطاع، وبمثابة محطة رئيسية، وذلك يعني سيطرة إسرائيلية مصرية مشتركة على المعبر الذي ستدخل عبره البضائع إلى قطاع غزة، وستعمل تل أبيب والقاهرة معًا على بنائه.تشكيل الجهة الفلسطينية التي ستحكم القطاع، على أساس الجهاز الإداري القائم في غزة، وستكون هذه اللجان عنواناً للقوة متعددة الجنسيات، وتتم الموافقة على أعضائها من قبل إسرائيل من خلال جهاز الشاباك ومنسّق العمليات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة.الفجوات الإسرائيلية عائق أمام الخطة وحول خطة غالانت، يقول الأكاديمي الخبير بالشؤون الإسرائيلية د. محمد هلسة لمنصة "المشهد" إن "هذه الخطة تأتي في إطار بازار من المزايدات الإسرائيلية في غياب رؤيا استراتيجية متفق عليها فيما يخص غزة بعد الحرب، لا في داخل كابينت الحرب، ولا الحكومة الإسرائيلية، هناك فجوات واسعة فيما بينهم وإخفاقات، والسبب وراء ذلك عدم المقدرة على حسم الوضع في داخل غزة حتى اللحظة، وحالة التنافس الشديدة بين كل الأطراف السياسية الإسرائيلية، وبالتالي لن تنجح الخطة حتى لو قبلتها بقية الأطراف المطروحة فيها، فالحالة الإسرائيلية تؤثر على بقية الأطراف". ويضيف د. هلسة "غالانت يريد أن يسبق بقية الساسة الإسرائيليين، بسحب البساط من تحت أقدامهم، والظهور بمظهر البطل وأن لديه تصورًا ورؤيا لموضوع غزة، خصوصًا في حالة التنافس المحموم بين مختلف أعضاء النظام السياسي في إسرائيل وهي واضحة للجميع". ويتابع "أما بن غفير وسموتريتيش يريدان هجرة طوعية وإعادة الاستيطان في غزة، وغانتس يريد هذه الحرب أن تتوقف لأنه يدرك تماماً بأن نتانياهو يعمل على إطالة عمرها خشية من محاسبته، فيما تعالت الأصوات الإسرائيلية من أجل حكم العشائر في غزة، أي تقسيم غزة إلى مناطق، والولايات المتحدة تطالب وجود السلطة بصورة معدلة". وتابع د. هلسة قائلاً "غالانت لم يشر إلى السلطة الفلسطينية في الخطة، لأن نتانياهو سبقه بالقول إن السلطة ليست شريكًا، فهم يخوضون مرحلة تنافس انتخابي، لأنهم يعلمون بأن الحرب ستنتهي والمجتمع الإسرائيلي ذاهب إلى انتخابات، وبالتالي هناك جملة من المواقف والفجوات الإسرائيلية الشاسعة التي ستحول دون إتمام هذه الخطة".منطقية الخطة ونجاعتها على المقلب الثاني، قال المحلل السياسي الباحث في الشؤون الفلسطينية العربية إلحنان ميلير لمنصة "المشهد" إن "الخطة التي طرحها غالانت أعتقد بأنها منطقية ومقبولة ومعقولة لكافة الأطراف، في هذه الفترة، ربما قد تكون هناك مرحلة من الفوضى مع بدء تنفيذ الخطة إلا أنها سوف تكون ناجحة". ويرجع ميلير الأسباب التي تجعلُ الخطة منطقية ومقبولة، "لأنها تتحدث عن فترة انتقالية لما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، يساعد فيها الغرب والولايات المتحدة الفلسطينيين من أجل إعادة تحمل المسؤولية على قطاع غزة، ثم إعادة السيطرة الفلسطينية على قطاع غزة، كما كان الأمر حسب اتفاقيات أوسلو، والتي نصت على أن تكون غزة والضفة الغربية منطقة واحدة، تحت سيطرة فلسطينية". ويتابع ميلير قائلاً: "لكن هذه الخطة تعارضها جهات إسرائيلية خطة غالانت لليوم التالي لما بعد الحرب على غزة، والتي تحمل العديد من الأهداف تتعارض مع سياسية ورغبات اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يسعى إلى إعادة السيطرة الإسرائيلية على غزة، وكذلك التوسع الاستيطاني وبناء مستوطنات جديدة هناك، وهذا أمر وسياسية مرفوضة من قبل المجتمع الدولي والشريك الأميركي لإسرائيل". وأضاف ميلير: "خطة غالانت عبارة عن حل جذري وهو مقبول بالنسبة للإسرائيليين، لكن يجب أخذ تدابير أمنية عالية، واحتياطات، مثل إنشاء منطقة آمنة في الفترة الأولى على الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة، ومن بعدها تحقيق الأهداف بمفاوضات وحل دائم مع حدود شريك فلسطيني مسؤول". ( المشهد)