يشهد المشهد السياسي في السودان تطورات مفاجئة بإعلان قوى سياسية الاتفاق على تشكيل حكومة سلام تدير البلاد في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وهو ما يعتبر ضربة قوية لشرعية حكومة الجيش في مدينة بورتسودان، بحسب محللين. فقد اتفقت عدد من الأحزاب والقوى السياسية الفاعلة مع قوات الدعم السريع على توقيع ميثاق سياسي لتشكيل حكومة سلام لمناهضة حكومة الجيش. ومن المتوقع التوقيع عليه في العاصمة الكينية نيروبي الجمعة، بحضور نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو.شرعية حكومة البرهانويقول الناطق باسم "حركة تحرير السودان" فتحي محمد، إنهم قرروا المشاركة في هذه الحكومة من "مسؤوليتنا الوطنية والتزامنا بإنهاء الحرب وتحقيق سلام شامل ومستدام في السودان".وذكر محمد في تصريحات لمنصة "المشهد" أن هذه الخطوة تهدف إلى تأسيس دولة ديمقراطية قائمة على العدالة والمساواة الحقيقية، بعيدا عن الحكم العسكري والاستبداد والاقصاء السياسي.وأكد أن هذه الحكومة تنزع الشرعية من حكومة البرهان من خلال تقديم نفسها كحكومة مدنية ملتزمة بالديمقراطية والسلام ووحدة السودان، وكسب دعم القوى الإقليمية والدولية.وأوضح محمد أن حكومة بورتسودان (الإخوانية) تفتقر إلى الشرعية الشعبية وتعتمد على القوة العسكرية والخطابات العنصرية، بينما حكومة السلام تستمد شرعيتها من الشعب السوداني وقواه السياسية والاجتماعية الحية وكذلك ثورة ديسمبر المجيدة. استمرار الحرب وتفاقم الأزمة الإنسانية سيجعل المجتمع الدولي أكثر ميلا للاعتراف بحكومة تمثل مخرجا حقيقيا من الأزمة.ويتفق الكاتب الصحفي عثمان ميرغني، مع هذا الرأي، مؤكدا أن هذه الحكومة ستزعزع شرعية حكومة الجيش السوداني في بورتسودان، مشيرا إلى أنها ستصبح ورقة ضغط في مفاوضات وقف الحرب.وأكد ميرغني في حديثه مع منصة "المشهد" أن الحرب ستنتهي بالمفاوضات على الرغم من التعنت من جانب قائد الجيش بعد الانتصارات الأخيرة التي حققها في ولاية الخرطوم.أبرز المشاركينوذكرت مصادر سودانية أن هذه الحكومة ستتولى مبدئيا إدارة مناطق سيطرة الدعم السريع والتي تشمل ولايتي دارفور وكردفان، مشيرة إلى أنه سيشارك في مراسم التوقيع 500 شخص يمثلون أغلب مكونات الشعب السوداني من أبرزهم:د. سليمان صندل رئيس حركة العدل والمساواة السودانية.مبروك مبارك سليم رئيس حركة الأسود الحرة.د. الهادي إدريس رئيس حركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي ورئيس الجبهة الثورية السودانية.اللواء فضل الله برمة ناصر رئيس حزب الأمة القومي.عبد الرحيم دقلو قائد ثاني قوات الدعم السريع.عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال.إبراهيم الميرغني المسؤول السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل.الطاهر حجر رئيس تجمع قوى تحرير السودان.أسامة سعيد رئيس مؤتمر البجا المعارض.ويشهد السودان منذ أبريل 2023 نزاعا داميا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".أدّى النزاع في السودان إلى كارثة إنسانية هائلة مع مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص فيما الملايين على حافة المجاعة. وأكدت الهيئتان الأمميتان أن ما يقرب من ثلثي سكان السودان يحتاجون إلى مساعدات طارئة، في حين تواجه أجزاء واسعة من البلاد ظروف المجاعة.وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم المناطق في إقليم دارفور، وعلى مساحات واسعة من ولاية كردفان، ووسط البلاد، بعد خسارتها ولاية الجزيرة.مخرج حقيقيويقول الناطق باسم حركة "تحرير السودان" المشاركة في الميثاق أن حكومة السلام تهدف إلى:إيقاف الحرب ومعالجة أسبابها الجذرية.تقديم المساعدات الإنسانية من دون تمييز.الحفاظ على وحدة السودان ومنع تفتيته بأفعال عصابة وجيش "الإخوان" في بورتسودان.حماية المدنيين واستعادة حكم القانون.استعادة المسار الديمقراطي ونقل السلطة إلى المدنيين. وأشار فتحي محمد إلى أن هذه الخطوة تعزز موقف القوى الديمقراطية وتفرض واقعا جديدا، حيث تصبح الشرعية في يد حكومة تمثل إرادة الشعب، مما يزيد من الضغوط المحلية والدولية على البرهان للجلوس إلى طاولة التفاوض وإنهاء الحرب.وكان البرهان أعلن خلال الأيام الماضية بعد سيطرته على مناطق مختلفة في العاصمة الخرطوم عن اعتزامه تشكيل حكومة انتقالية قريبا. ورفض إجراء أي حوار أو مفاوضات مع قوات الدعم السريع، وهو ما اعتبره مراقبون تعنتا شديدا يعقد الأزمة في البلاد. ويرى محمد أن استمرار الحرب وتفاقم الأزمة الإنسانية سيجعل المجتمع الدولي أكثر ميلا للاعتراف بحكومة تمثل مخرجا حقيقيا من الأزمة.(المشهد)