توّعدت إيران إسرائيل برد "قاس ومؤلم" بعد ساعات من اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية على أراضيها.وكانت حركة "حماس" قد أعلنت اغتيال إسماعيل هنية، أثناء تواجده في العاصمة الإيرانية، طهران، وحمّلت إسرائيل المسؤولية عن الحادث، ويأتي ذلك بعد ساعات من استهداف قيادي كبير في "حزب الله" اللبناني بطائرة مسيّرة في بيروت. المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، توّعد إسرائيل بالثأر، وقبله خرج الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، ليقول إنّ إيران "ستدافع عن وحدة أراضيها وكرامتها وشرفها وكبريائها، وستجعل الإسرائيليين يندمون على فعلتهم الجبانة"، فيما قال الحرس الثوري الإيراني، إنّ اغتيال هنية سيواجه برد "قاس ومؤلم". التصريحات الإيرانية، عقب اغتيال زعيم حركة "حماس" تحدثت كلها عن "رد انتقامي"، ولكن ماذا عن القانون الدولي؟ وهل من الممكن أن يتم اللجوء إلى المسار القانوني للرد على اغتيال هنية، وكيف تعاملت المحكمة الجنائية الدولية مع قضايا مماثلة؟.وفي حديث لمنصة "المشهد" قال خبراء قانون دولي، إنّ اغتيال إسماعيل هنية، يعدّ مخالفة للمواثيق والأعراف الدولية والتي تحظر الاغتيالات السياسية من دون سند قانونيّ وهو ما ينطبق على حالة اغتيال زعيم "حماس".الاغتيال السياسي في التفاصيل، قال خبير القانون الدولي، الدكتور أيمن سلامة، إنّ القانون الدولي يحظر الاغتيالات السياسية لقادة حركات التحرر المسلحة التي تحارب الاحتلال العسكري وتكافح لنيل حق المصير للشعب والإقليم المحتلين. وأضاف في حديث لمنصة "المشهد": الاغتيالات السياسية أحد أشكال الإرهاب وفق المواثيق الدولية خصوصًا المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة.القادة العسكريون لحركات المقاومة المسلحة يجوز استهدافهم طالما شاركوا في العدائيات العسكرية بشكل مباشر.إسماعيل هنية قائد سياسيّ وليس قائدًا عسكريًا وبالتالي عملية اغتياله مخالفة لكل القوانين الدولية.وأضاف: "هنية ليس محمد الضيف ولكنه قائد سياسيّ محظور اغتياله"، لافتًا إلى أنّ هنية كان يقوم بجولات سياسية في عدد من البلدان ولم يكن قائدًا ميدانيًا في غزة.تداعيات اغتيال هنيةوأوضح سلامة أنّ عملية اغتيال هنية سيكون لها تداعيات كارثية على الوضع في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى التداعيات السلبية على حركة "حماس" نفسها بعد مقتل قائدها. وردًا على سؤال حول إمكانية قيام إيران برفع دعوى دولية بعد اغتيال هنية على أراضيها، أجاب خبير القانون الدولي بقوله: "إيران سترفع دعوى ضد من وأين؟... الأمر يتعلق بانتهاك سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة وتدخل في شؤونها الداخلية". وقال "من الممكن أن يتم رفع دعوى في دول مثل سويسرا وبلجيكا وفرنسا وهولندا، لأن هذه الدول تتبنى الاختصاص القضائي العالمي بشرط أن تكون الجريمة ضد الإنسانية". ولكن بحسب سلامة، فاغتيال هنية قد لا يعدّ جريمة ضد الإنسانية لأنه لم يقع ضحايا كُثر في هذه العملية، ولكن من الممكن أن تتقدّم إيران بشكوى إلى مجلس الأمن بخصوص الاعتداء الذي تم على أراضيها.جريمة حرب؟بدوره، قال المتخصص في القانون الدولي، الدكتور محمد مهران، إنّ اغتيال إسماعيل هنية يندرج تحت تصنيف جرائم الحرب وفقاً للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتي تعرّف القتل العمد كجريمة حرب، بالإضافة إلي أنه ينتهك المادة الـ3 المشتركة في اتفاقيات جنيف التي تحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية للأشخاص المحميين. وأشار في حديث لـ"المشهد" إلى أن هناك حالات عدة نظرت فيها المحكمة الجنائية الدولية في جرائم اغتيال وقتل خارج نطاق القضاء، على سبيل المثال في قضية المدعي العام ضد بوسكو نتاغاندا، أدانت المحكمة المتهم بارتكاب جرائم حرب تضمنت القتل العمد. وأضاف مهران أنه رغم عدم إصدار المحكمة لأحكام مباشرة في قضايا اغتيال سياسي بعينه، إلا أنّ اختصاصها يشمل بوضوح مثل هذه الجرائم تحت بند جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وحول آليات تحريك الدعوى أمام المحكمة، أوضح مهران أنه وفقاً للمادة 13 من نظام روما الأساسي، هناك 3 طرق لتحريك الدعوى: إحالة من دولة طرف في نظام روما الأساسي.إحالة من مجلس الأمن الدولي بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.مباشرة المدعي العام التحقيق من تلقاء نفسه وفقاً للمادة 15 من النظام الأساسي.في حالة اغتيال هنية يمكن للسلطة الفلسطينية باعتبارها دولة طرف في نظام روما تقديم إحالة للمحكمة، كما يمكن لأيّ دولة أخرى طرف في النظام الأساسي القيام بذلك، بحسب مهران. وبيّن المتخصص في القانون الدولي أنه وفقًا للمادة 68 من نظام روما يحقّ للضحايا وذويهم المشاركة في الإجراءات القانونية وتقديم آرائهم وشواغلهم، كما يمكنهم تقديم معلومات للمدعي العام لتحفيز بدء التحقيق، مشيرا إلى أنّ المحكمة الجنائية الدولية تكمل القضاء الوطني ولا تحلّ محله وهو ما يقتضى أولاً استنفاد سبل التقاضي الوطنية أو إثبات عدم قدرتها أو عدم رغبتها في إجراء التحقيق أو المقاضاة. ما مصير مفاوضات التهدئة؟وباغتيال إسماعيل هنية، باتت مفاوضات التهدئة بين إسرائيل و "حماس" مقابل صفقة لتبادل الأسرى على شفا الانهيار.وشكّك رئيس الوزراء القطري بجدية إسرائيل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى من قطاع غزة، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية.وفي منشور على منصة "إكس"، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني "إن نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد المقصود ضد المدنيين في غزة في كل مرحلة من مراحل التفاوض، يدفع إلى التساؤل كيف يمكن أن تجري مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه في الوقت ذاته؟".من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق، السفير محمد حجازي، أنّ اغتيال هنية ليس هجومًا ضد "حماس" وحدها ولكن مس سيادة دولة خلال حفل تنصيب رئيس محسوب على التيار المعتدل في إيران. وقال في حديث لـ"المشهد" إنّ إسرائيل تمارس سياسات باتت خطرًا على الأمن والاستقرار العالمي لأنها لا تستخف بـ"حماس" وحدها ولكن بإيران أيضا، لافتاً إلى أنّ تلك الممارسات قد تدفع إلى نشوب حرب إقليمية تدفع أثمانها الأجيال المقبلة.وحول تداعيات الاغتيال على مفاوضات تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل، قال لا شك إن اغتيال هنية سيؤثر على المفاوضات بشكل كبير لأن إسرائيل تعتمد على سياسة حافة الهاوية وقوّضت الجهود المبذولة والتي وصلت إلى مراحل متقدمة بسبب سيطرة اليمين المتطرف على الحكم في تل أبيب.(المشهد)