تتواتر التحقيقات من قبل المؤسسات الحقوقية، وتتابع الشهادات التي أدلى بها المعتقلون الفلسطينيون المفرج عنهم من قبل السجون الإسرائيلية، لتبرهن استمرار المعاملة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة، تجاه آلاف الفلسطينيين، الذين اعتقلتهم قوات الجيش الإسرائيلي، من قطاع غزة أو الضفة الغربية على حد سواء منذ نشوب الحرب. وتبعاً للمراقبين لشؤون الأسرى والمؤسسات الحقوقية، تشهد سجون إسرائيل برامج تعذيب عنيفة وممنهجة، من خلال أساليب مفزعة، مثل استخدام الكهرباء، والكلاب المتوحشة، والتقييد بالأصفاد بشكل دائم، والضرب والتجويع وغيرها الكثير كالحرمان من التواصل مع الأهل والأكل وتبديل الملابس والتجويع. اغتصاب أسير فلسطيني وبالتزامن مع الحديث عن الظروف النقيصة التي يعاني منها آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل وانتهاك حقوقهم، أعربت دول عدة عن قلقها إزاء هذه الممارسات المروعة، خصوصا بعد تقرير مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان (بتسيلم) "أهلا بكم في جهنم"، الذي يتضمن توثيقاً لعشرات حالات التعذيب والتنكيل بالأسرى الفلسطينيين. وحول قضية معسكر "سديه تيمان" سيئ السمعة، استأنفت المحكمة العليا الإسرائيلية يوم الأربعاء المنصرم، النظر في التماس تطالب فيه 5 مؤسسات حقوقية إسرائيلية منذ مايو الماضي بإغلاق المعسكر، بسبب الاعتداءات الجنسية، وأعمال التعذيب بحق المعتقلين من قطاع غزة، في حين ظهر المستوطن المتطرف "مائير بن شتريت" متفاخراً ومتبجحاً باغتصابه للأسير الفلسطيني وأسرى آخرين، والمستوطن معروف بعنفه ضد الفلسطينيين ودعواته المستمرة لقتلهم، ويسكن مستوطنة "كريات أربعة" المقامة على أراضي مدينة الخليل، ويرفض التحقيق معه في شبهة اغتصاب أسرى فلسطينيين. وبحسب "نادي الأسير الفلسطيني"، بلغت أعداد الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية قرابة 9900، يضاف إليهم أسرى من قطاع غزة، صنفتهم إسرائيل "مقاتلين غير شرعيين" وعددهم 1584، بالإضافة إلى عدد غير معروف في المعسكرات التابعة للجيش الإسرائيلي. أهوال "سديه تيمان" عاد معسكر "سديه تيمان" الإسرائيلي سيئ الصيت إلى الواجهة من جديد، حيث وثقت "مجلة إسرائيلية" العديد من الاعتداءات الجنسية وحالات الاغتصاب بحق أسرى فلسطينيين من قطاع غزة وقعت فيه، ووصفته بأنه أكثر فداحة من سجن "غوانتانامو" الأميركي. واحتجزت السلطات الإسرائيلية قرابة 4 آلاف فلسطيني في القاعدة العسكرية في النقب منذ السابع من أكتوبر، وأفرجت عن العشرات منهم، ومعظمهم قيد الاعتقال الإسرائيلي، ووفق تقارير إعلامية وحقوقية توفي 36 أسيرا من غزة داخل المعسكر في صحراء النقب بسبب التعذيب، وفق مؤسسات حقوقية. وتداول الإعلام الإسرائيلي، مقطع فيديو مسرباً يوثق واقعة اعتداء جنود إسرائيليين جنسياً على أسير فلسطيني من غزة، في معتقل "سديه تيمان" مما أثار ضجة واسعة بإسرائيل في 29 يوليو الماضي، بعد وصول عناصر النيابة العسكرية الإسرائيلية إلى المعتقل للتحقيق مع 9 جنود اعتدوا جنسياً على أسير فلسطيني، وأطلق سراح 5 منهم. وفي هذا الصدد، أشار رئيس نادي الأسير الفلسطيني عبد الله زغاري لمنصة "المشهد" بأن "هذه الجريمة واحدة من بين جرائم اغتصاب عدة قام بها الجيش الإسرائيلي بحق معتقلي غزة، في هذا المعسكر الشاهد الأبرز على شدة التعذيب ضد المعتقلين الفلسطينيين، استناداً لإفادات وشهادات معتقلين أفرج عنهم مؤخراً، جريمة الاغتصاب الموثقة بالكاميرات دليل دامغ على أن هناك المزيد من الوقائع المصورة التي تمتلكها إسرائيل حول الجرائم التي نفذت وتنفذ داخل المعسكر وبقية السجون الإسرائيلية". وأكد الزغاري لـ"المشهد" بأن "جرائم الاغتصاب والتعذيب وما يرافقها من تجويع حرمان طبي وفصول من القمع والشبح والضرب حتى الموت، سياسة إسرائيلية ثابتة وممنهجة، تستخدمها إسرائيل تاريخياً بحق المعتقلين، لكن الاعتداءات الجنسية برزت في هذه المرحلة، فالمتغير الحاصل كثافة هذه الجرائم وتوسيعها مقارنة مع أي فترة زمنية مضت". صاحب الصورة الشهيرة التي انتشرت عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من داخل معتقل "سديه تيمان"، حيث ظهر واقفاً مكبل اليدين ومغمض العينين، ومن خلفه قفص يعج بالأسلام الشائكة والمعتقلين، روى لـ"المشهد" هول ما رآه. فالصورة تختصر حجم التنكيل وويلات الممارسة السادية عليهم وفقاً للأسير المحرر إبراهيم سالم لمنصة "المشهد"، "قضيت 8 أشهر في السجون الإسرائيلية و58 يوماً في سجن سديه تيمان وهو عبارة عن مسلخ، تعرضت للتهديد بحياة عائلتي، والضرب والشبح لأيام متتالية، والصعق بالكهرباء والبصق والشتيمة". واستكمل حديثه "ذقت شتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي بأبشع الطرق التي لا تحتمل وعلى مدار الساعة بلا راحة، ولا أكل، ولا نوم، حتى إني أعاني من الكسور والضربات، وآلام في كليتي، المعسكر وضعه مزري والجيش مهمته الانتقام والتنكيل ، حيث وصل بهم الحال لبتر يد شاب ثلاثيني". إعدام المعتقلين الفلسطينيين وأفادت تقارير حقوقية رسمية، بأنه "منذ اندلاع الحرب، زادت حدة الاعتقالات ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وارتفعت معها عمليات التعذيب التي تسببت بموت عشرات الأسرى بصورة غير مسبوقة". وعلى الأرض، باتت السجون الإسرائيلية ساحة حرب ثانية بنظر الإسرائيليين خصوصا اليمين المتطرف، وكان التصريح الفج من قبل وزير الأمن القومي بن غفير "إعدام المعتقلين الفلسطينيين عبر إطلاق النار على رؤوسهم"، بمثابة الضوء الأخضر لمصلحة السجون لفعل ما يريدون بالسجناء من دون حسيب أو رقيب.ومن جانبه، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس لمنصة "المشهد" إن: بفعل سياسة الإخفاء القسري التي تعتمدها إسرائيل في قضية الأسرى، ومنعها للمؤسسات الحقوقية الإسرائيلية والصليب الأحمر والمؤسسات ذات العلاقة بالأمر، نعاني من عدم توفر معلومات عن الأسرى خصوصا أسرى قطاع غزة وحول حقيقة ما يجري معهم من جرائم غير مسبوقة.يقوم السجانون بتقييد الأسرى وتعصيب عيونهم، ويمكثون في وضعيات مذلة وصعبة طوال الوقت، ومعظمهم مصابون بأمراض عدة بفعل العنف الجسدي والعقاب الجماعي، والتنكيل المتواصل، وهذه كلها تعدت مفهوم الوحشية، كحال الأسير المقدسي جهاد برقان، المهدد بفقدان بصره بسبب حرمانه من علاج مرض السكري، وكسرت أسنانه بفعل الضرب الشديد.عار وخطر على إسرائيل وفي هذا الإطار، أكد الباحث والخبير الأمني الإسرائيلي روني شاكيد لمنصة "المشهد" بأن: ما حدث ويحدث ويخرج عن ما يدور في السجون الإسرائيلية يشكل وصمة عار على تاريخ إسرائيل.ما حدث في معسكر "سديه تيمان" هو مرفوض وغير مقبول ولا يمت للإسرائيليين بصلة، بل بثلة المستوطنين المتطرفين الفاشيين العنصريين الذين أقدموا على هذه الواقعة، آخذين القانون حسب مصالحهم وتطلعاتهم الشخصية.مجرمون يتبعون لسياسة بن غفير وسموتريتش، ويقومون بتشويه صورة الجيش الإسرائيلي في الداخل والخارج.وشدد الباحث والخبير على أنه يجب على إسرائيل خصوصا الجيش الإسرائيلي أن "يقدم الأمن والصحة والطعام للمعتقلين في سجونها، مهما كانت هويتهم أو جنسيتهم، تبعاّ للقانون الإسرائيلي المعمول به منذ سنوات، لكن ما يجري حالياً تطبيق لسياسة بن غفير الفاشية، بل نقطة سوداء ضدنا". (المشهد)