سارعت الحكومة الأردنية ليل الأحد لنفي وجود قاعدة التنف الأميركية داخل أراضي المملكة، وأكدت أن الأراضي الأردنية لم يتم المساس بها. ودان الأردن الأحد الهجوم الذي استهدف موقعا متقدما على الحدود مع سوريا، وأدى إلى مقتل 3 جنود أميركيين، وجرح نحو 34 من القوات الأميركية التي تتعاون مع الأردن في مواجهة "خطر الإرهاب" وتأمين الحدود. واعتبر مراقبون أن مسارعة الأردن لنفي استهداف أراضيه من قبل فصائل عسكرية عراقية مدعومة من إيران على القاعدة، تأتي في سياقات عدة، أهمها محاولة النأي بالنفس في الصراع الدائر في الإقليم والذي زادت حدّته بعد هجوم 7 أكتوبر الذي أطلقته "حماس" ضد إسرائيل وما تبعه من أحداث في قطاع غزة والمنطقة. وأكدوا أن لا مصلحة للأردن في أن تكون أراضيه منطلقا للقوات الأميركية المشاركة في الحرب، كما أنه يعي لدى إيران أذرع مسلّحة في المنطقة تهدف إلى زجّ جميع الدول في الأزمة بشتى السبل. هل الأردن مُستهدف؟ وفي هذا الصدد، أكد الخبير العسكري العميد المتقاعد حسن أبو زيد أن الأردن مستهدف وهناك جهات كثيرة قد تستغل الظرف الطارئ بعد مقتل الجنود الأميركيين الثلاثة في الهجوم على قاعد النتف للزج بالأردن في الصراع. واعتبر أبو زيد في تصريح لمنصة "المشهد" أنه من بين هذه الجهات "للأسف الشديد الولايات المتحدة والتي صرحت وعلى لسان الرئيس جو بايدن أن الحادث وقع في منطقة شمال شرق الأردن في محاولة لزج المملكة بالأحداث الجارية". وقال إن المملكة الأردنية نفت نفيا قاطعا وعبر الحكومة مساء الأحد، بأن ما حدث هو خارج الحدود الأردنية الإقليمية و"قد يكون في داخل الحد السوري على الأرجح أو العراقي وقد يكون ذلك ردا على الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل في الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة". ويرى الأردن وفق أبو زيد، أن ما حدث هو "اعتداء إرهابي من جهات تهدف إلى جرّ المنطقة إلى ما لا يُحمد عقباه وهذا تأكيد على أن الحادث لم يكن على الأراضي الأردنية". وأكد أن المملكة الأردنية مستهدفة من جهات أخرى منظمة تتبع لبعض الأنظمة في الدول المجاورة والتي تقوم بممارسة تجارة المخدرات والأسلحة والتي أعلن الأردن أنه لن يسمح ان يكون ذلك عبر حدوده وأراضيه مهما كلّف الثمن. من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الألمانية الأردنية الدكتور بدر الماضي في حديثه لمنصة "المشهد" إنه لا يمكن قراءة ما جرى على الزاوية الشمالية الشرقية للأردن مع الحدود السورية العراقية، بمعزل عن الاستهدافات الإيرانية للأمن القومي العربي وبالتالي الأمن الوطني الأردني. وأضاف الماضي: "ما زالت طهران تراهن على أن زعزعة الاستقرار في الوطن العربي هي البوابة الحقيقية لتنفيذ الاستراتيجية الإيرانية والقائمة على الاعتراف بها كقوة إقليمية يجب التعامل معها وإن كان على حساب الأمن القومي العربي والأمن القومي لكل دولة على حدى". وأشار إلى أن هناك استهدافا للأردن من خلال الهجوم الأخير، لأن المملكة تأتي كعقدة جغرافية وسياسية مهمة في قلب الوطن العربي ولاستكمال الهلال الطائفي والسياسي الإيراني".هل يُورَّط الأردن في الصراع؟ ورجّح أبو زيد وجود جهات تريد توريط الأردن في هذه الحادثة لأسباب نابعة نتيجة للمواقف الأردنية الثابتة مما يجري من اعتداء همجّي على قطاع غزة. وقال "قد تهدف واشنطن إلى الضغط على الأردن في هذا المجال لاستخدام الأجواء الأردنية بحجة مواجهة الإرهاب من جهة ومن جهة أخرى قد تطلب التوسع في التموضع في المنطقة من خلال قواعدها الموجودة أصلا في المملكة والمنطقة ككلّ، لإيجاد تبرير بدعم المزيد من القوات لهذه القواعد الأميركية". واعتبر أن "هناك الكثير من الجهات التي تسعى لتوريط الأردن من بينها عض العصابات المنظمة والجماعات المسلحة المرتبطة بإيران والتي تُعاني المملكة من وجودها منذ أحداث الأزمة السورية قبل أكثر من 11 عاما". وأكد أبو زيد أن جرّ الأردن للأزمة في المنطقة "أمر هام من قبل إيران أو الولايات المتحدة، لإضعاف المملكة وتوريطها أو لسبب آخر خفيّ". إلا أن الماضي اعتبر أن إيران والميليشيات التابعة لها في العراق واليمن وسوريا ولبنان، تضع الأردن في أولوياتها عبر محاولات إثارة الكثير من المشاكل في الداخل الأردني. وأوضح أن هنالك قراءة لدى الإيرانيين تعتقد أن المجتمع الأردني بعد أحداث 7 أكتوبر أصبح أكثر قبولا لأي تهديدات يمكن أن توجّه إلى المملكة. ما هي السيناريوهات؟ وقال أبو زيد أن فور وقوع الحادث، هدّدت الولايات المتحدة وتوعّد جو بايدن بالردّ المناسب على ما جرى انتقاما لمقتل الجنود. وأضاف: "أعتقد أنها (أميركا) ستضرب الجماعات التي اتهمتها وهي مدعومة من إيران على حد قولها". وأشار إلى أن الأردن سيأخذ ما جرى بعين الاعتبار ولن يسمح لأي جهة باستباحة أراضيه، في ظل توجيهات من أعلى المستويات لتطبيق قواعد الاشتباك بمختلف النقاط الحدودية وبأقصى درجة ممكنة من الاحترافية من أجل المحافظة على سيادة ووحدة أراضيه ضد أي اعتداء خارجي كان سواء من الجماعات الإرهابية المسلحة والمدعومة من طهران أو من استخدام أراضيه وأجوائه في حال استهدفت واشنطن دولا في المنطقة". وشدّد أبو زيد على أن هناك تنسيقا دائما بين الأردن والولايات المتحدة وحتى العراق لتحديد الجهة المستهدفة وتحديد مكان تواجدها. وقال "قد تضرب أميريكا هذه الجهات في العمق الإيراني وحتى العمق العراقي خصوصا التي تقوم باستهداف بعض المواقع الأميركية في العراق والتي تكرّرت خلال الأيام القليلة الماضية كرد منها على موقف إدارة جو بايدن من دعمها لإسرائيل في الحرب على غزة". فيما قال الماضي: "أجزم أن القراءة الإيرانية ليست صحيحة"، مشددا على أن الأردن ينطلق من عمل مؤسسي كدولة ومؤسسات تعمل بشكل احترافي على المستوى السياسي والعسكري. وأكد أن محاولة ربط الأردن من قبل إيران بالمشروع الأميركي الإسرائيلي هي محاولة فاشلة ولن يُكتب لها النجاح.(المشهد)