كلما سُئل الرئيس الفلسطينيّ محمود عباس عمن يريد أن يكون خليفته، أجاب رئيس السلطة الفلسطينية البالغ من العمر 88 عامًا: لا أحد بعد، حسبما ذكرت تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.ويحكم عباس السلطة الفلسطينية كزعيم لحركة "فتح"، منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، ولم يواجه انتخابات عامة منذ عام 2006. وقد انخفضت معدلات استطلاعات الرأي الخاصة به، حيث يطالب 90% من الفلسطينيّين باستقالته، كما يُنظر إلى قادة السلطة "على نطاق واسع على أنهم غير فاعلين وفاسدين"، بحسب الصحيفة.واعتبرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، أنّ إصرار عباس على البقاء في السلطة، يعرقل الخطط الخاصة بمستقبل غزة بعد انتهاء الحرب، حيث تريد الولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن تحكم السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على أجزاء من الضفة الغربية، القطاع بدلًا من "حماس".وفي الأشهر التي سبقت هجمات "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر، وردّ الفعل الذي أثارته، كانت السلطة الفلسطينية تخوض معركة من أجل البقاء، وتتخذ إجراءات صارمة وبعنف في بعض الأحيان، ضد المنافسين السياسيّين والمسلحين من جماعات مثل "حماس" و"الجهاد الإسلامي".خليفة عباس المحتملورغم أنّ السلطة هي المرشح الوحيد الذي يملكه المسؤولون الغربيون والعرب للاضطلاع بالمهامّ الشاقة المتمثلة في إعادة بناء غزة، واستبدال "حماس"، إلا أنّ هناك تساؤلات متزايدة حول ما إذا كان عباس وقيادة الضفة الغربية مناسبين لهذا الغرض، وفق ما جاء في التقرير.وأبدى رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو، رفضًا بشكل متكرر لأيّ دور للسلطة في غزة بعد الحرب، لكنه لم يطرح بديلًا.وتقول الولايات المتحدة علنًا، إنّ السلطة الفلسطينية المعاد تنشيطها لا بدّ أن تحكم كلاً من الضفة الغربية وغزة، وأنّ مكتب عباس لديه أفكار للتغييرات تشكل "خطوة في الاتجاه الصحيح". ويقول مسؤولون غربيون وعرب في أحاديث خاصة، إنّ "التنشيط يعني عزل عباس من منصب الرئيس أو على الأقل تقليل صلاحياته".وتضمنت المحادثات بين الفصائل الفلسطينية والدول العربية والولايات المتحدة، مناقشات حول الخلفاء المحتملين، وفقًا لأشخاص شاركوا في المناقشات. ومن بين المذكورين رئيس وزراء السلطة الفلسطينية السابق سلام فياض، والقياديّ الفلسطينيّ محمد دحلان، ومروان البرغوثي، المسجون منذ عام 2002 ويقضي أحكامًا عدة بالسجن المؤبد، لتورطه المزعوم في قتل إسرائيليّين.وقال فياض إنه سمع أنّ البعض في الحكومة الأميركية سيدعمون تعيينه، ولكن لم يتم الاتصال به حتى اللحظة.وقال دحلان، الذي وصفه المسؤولون الأميركيون بأنه لاعب رئيسيّ في مستقبل غزة، إنه لا يريد القيادة في غزة، ولكنه سيسعى إلى ترشّح الحزب الذي أسسه في الانتخابات الفلسطينية المقبلة، مضيفًا خلال مقابلة: "أنا لا أبحث عن وظيفة".ورفض البرغوثي الاعتراف بالمحكمة الإسرائيلية التي حاكمته ولم يقدّم دفاعًا.وفي الوقت نفسه، يرفض عباس قبول الإصلاحات التي من شأنها أن تقلل من قوته، وتجعل سيطرة السلطة الفلسطينية على السلطة مقبولة لكل من الإسرائيليّين وسكان غزة، وفقًا لما نقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين عرب. ونفى متحدث باسم عباس، أن يكون الرئيس عائقًا أمام التقدم وألقى باللوم على "احتلال إسرائيل للضفة الغربية والدعم الأميركيّ لإسرائيل في عدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية"."عباس لا يتمتع بشخصية كاريزمية"يرى نائب وزير الخارجية الإسرائيلية السابق يوسي بيلين، الذي شارك في صياغة اتفاقيات أوسلو في التسعينيات، أنّ "محمود عباس دبلوماسيّ ولكنه لا يتمتع بشخصية كاريزمية".وباعتباره بيروقراطيًا، وقف عباس إلى جانب ياسر عرفات، زعيم منظمة التحرير الفلسطينية، عند التوقيع على اتفاقيات أوسلو. ويقول بيلين: "كان عباس نقيضًا لعرفات في نواحٍ عديدة. كان يرتدي بدلة، وعرفات كان يرتدي الزيّ العسكري؛ لقد تمسك عباس بالتزام قويّ بالطرق السلمية لإقامة الدولة، وأيد عرفات استخدام القوة إذا فشلت المحادثات".لكنّ هذه الاختلافات كانت مفيدة في تجاوز الاتفاقات، كما يقول بيلين، "لقد توازنوا مع بعضهم البعض".واليوم، يُعتبر عباس، بمثابة حمل ثقيل في نظر الدول الغربية وحلفائها. ويتم تقويضه بشكل متزايد من قبل "حماس"، التي تصنفها الولايات المتحدة، والتي تعارض بعنف سعيه لإقامة دولة فلسطينية من خلال الحوار مع الغرب، وفي بعض الأحيان، مع إسرائيل.لسنوات، شكلت هذه الديناميكية معضلة للدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، إما دعم الانتخابات مع فرصة فوز "حماس"، أو الاستمرار في دعم حاكم لا يحظى بشعبية ولم يواجه انتخابات عامة منذ 18 عامًا.ويقول محللون في شؤون الشرق الأوسط، إنّ أحداث 7 أكتوبر وما تلاها من زيادة في الدعم لـ"حماس" غيرت تلك الحسابات، ما جعل إصلاح السلطة الفلسطينية أولوية.وأحد الحلول التي ناقشها المفاوضون الأميركيون والعرب، هو الضغط على عباس لتعيين رئيس وزراء جديد يتمتع بسلطة تنفيذية أكبر، وفقًا لمسؤولين مصريّينلكنّ المسؤولين يقولون إنّ عباس يدرك هذه اللعبة، وهو الذي أصبح أول رئيس وزراء للسلطة الفلسطينية في عام 2003، وهي خطوة قادتها الولايات المتحدة، التي سعت إلى شريك أوثق مما كانت عليه في عهد عرفات.وبعد وفاة عرفات، عندما أصبح عباس رئيسًا في عام 2005 بعد مقاطعة "حماس" للانتخابات، جرّد السلطة من مكتب رئيس الوزراء، وهو المنصب الذي شغله 5 رجال خلال رئاسته حتى الآن.وقالت ديانا بوتو، مفاوضة السلام الفلسطينية السابقة التي عملت في عهد عباس: "كان ينظر دائمًا إلى منصب رئيس الوزراء بقدر كبير من الشك".وعلى الرغم من أنّ عباس يقول إنه لن يتم استبداله من خلال الانتخابات، فقد أخبر المسؤولين العرب والأميركيّين، أنه سيكون منفتحًا على تشكيل حكومة جديدة مع محمد مصطفى، وزير الاقتصاد الفلسطينيّ السابق والمدير التنفيذيّ للبنك الدولي، والذي لا يُنظر إليه على أنه تهديد لعباس، بحسب مسؤولين عرب.وعيّن عباس الأحد مسؤولين أمنيّين جددًا في إطار إصلاح شامل لحكومته، ويقول مسؤولون عرب إنه من المتوقع أن يسافر إلى قطر هذا الأسبوع لتقديم خطة لإعادة إعمار غزة بعد الحرب.(ترجمات)