منذ انتهاء الهدنة في مطلع ديسمبر الجاري، تشهد مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة خلال الأسابيع الماضية، معارك عنيفة بين الجيش الإسرائيلي و"كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، حيث تعتقد تل أبيب أنها معقل قيادات الحركة.وأفادت تقارير صحفية أن شوارع خان يونس، ثاني أكبر مدن القطاع، تشهد حرب شوارع عنيفة بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة، كما تستخدم إسرائيل المدفعية الثقيلة والنيران المكثفة في الحرب.وذكر شهود عيان أن الزوارق الحربية الإسرائيلية قصفت المدينة أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية.كما أعلنت "كتائب القسام" أنها استهدفت عددا من الجنود والآليات الإسرائيلية في مناطق متفرقة بخان يونس خلال الـ24 ساعة الأخيرة.وذكرت "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" إن مقاتليها يخوضون معارك شرسة مع الجيش الإسرائيلي في شمال وشرق مدينة خان يونس.وتعتبر مدينة خان يونس مسقط رأس زعيم حركة "حماس" السياسي يحيى السنوار، المطلوب الأول لإسرائيل، كما تعتقد إسرائيل أنه يختبئ بها. لذا يؤكد عدد من المحللين أن معركة خان يونس حاسمة في تحديد شكل الحرب خلال الأسابيع المقبلة.معركة رئيسيةويرى الخبير العسكري اللواء سمير فرج أن "خان يونس تشهد معركة عنيفة ومقاومة شديدة أكثر من التي واجهتها القوات الإسرائيلية في منطقة الشجاعية وتكبدت على إثرها خسائر كبيرة".ويقول فرج في حديثه مع منصة "المشهد" إن معركة خان يونس "محطة رئيسية في حرب غزة، لكنه لا يمكن اعتبارها الحاسمة في هذا الصراع". وأشار إلى أنه يوجد به أغلب قادة "حماس" الذين فروا من الشمال مع بدء المعارك.وأضاف أنها "تضم أكبر عدد من الأنفاق، لذلك يسعى الجيش الإسرائيلي للسيطرة عليها في أسرع وقت".ويتفق الخبير العسكري محمد عبد الواحد مع هذا الرأي، وقال إن المعركة في خان يونس "ستكون أكثر ضراوة بسبب طبيعتها الخاصة ومساحتها واكتظاظها بالسكان"، وتوقع أن تكبد حركة "حماس" الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في هذه المعركة بسبب سهولة الوصول إلى الآليات والجنود الإسرائيلية.وأكد عبد الواحد في حديثه مع منصة "المشهد" أنها معركة مهمة في الحرب لأنها معقل قيادات "حماس" ومقر قيادة العمليات، ولو استطاعت إسرائيل السيطرة عليها لنجحت في الحصول على انتصار نسبي تقدمه للجمهور الداخلي، لكنه في الوقت نفسه قال إنها ليست المعركة الحاسمة، لأن "المقاومة في غزة ستستمر في مختلف مناطق القطاع مهما كانت نتيجة هذه المعركة".وأشار إلى أن "إسرائيل حشدت في منطقة خان يونس وحدها 7 ألوية عسكرية أي أكثر من 30 ألف جندي ومقاتل لحصارها ومحاولة دخول العمق والسيطرة عليها".وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي أكدت الجمعة، بانضمام لواء سابع إلى معارك خان يونس.ويقول الجيش الإسرائيلي إن قوات اللواء المدرع السابع تقدمت أكثر في جنوب غزة، كما داهمت مقر شعبة المخابرات التابعة لحركة "حماس" في المدينة.وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أن مقر المخابرات كان مسؤولا عن جميع الأنشطة الاستخباراتية لحماس في منطقة خان يونس.وبحسب الجيش الإسرائيلي، فقد عثرت القوات على مواد استخباراتية “قيمة للغاية” من المواقع. معقل السنوارأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة، عن توسيع الوحدات الإسرائيلية لنطاق عملياتها في المنطقة المحيطة بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، من دون ذكر المزيد من التفاصيل بهذا الصدد. وقال الجيش الإسرائيلي: "خلال عمليات للجيش الخميس، قتلت القوات الإسرائيلية عشرات الأشخاص بواسطة غارات جوية ونيران القناصة والدبابات".ويقول مسؤولون إسرائيليون إن خان يونس هي موطن لواحدة من أهم الألوية العسكرية لـ"حماس"، وهي قوة مقاتلة من المرجح أن مسلحين فروا من مدينة غزة انضموا إليها، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي. وقال شالوم بن حنان، المسؤول الكبير السابق في المخابرات الإسرائيلية، إن أنفاق خان يونس "تمثل التحدي الأكبر للجيش الإسرائيلي". وأوضح أن المدينة بها الأنفاق "الأكثر تعقيدًا والأكثر حمايةً" في قطاع غزة، وأن "حماس" أعدت هذه الأماكن مسبقا قبل الهجوم على إسرائيل.وأضاف: "هناك افتراض عملي بأن مقر "حماس" موجود هناك".وذكر الخبير العسكري سمير فرج أن إسرائيل في معارك خان يونس تستخدم تقنيات جديدة للتعامل مع الأنفاق مثل الربوتات والكلاب المدربة، لتقليل الخسائر الفادحة التي تعرضت لها في معارك شمال غزة.وقال عبد الواحد إن "إسرائيل تسعى لتدمير غزة بشكل كامل وتدمير بنيتها التحتية لتجعل الحياة شبه مستحيلة في القطاع، لإذلال الحاضنة الشعبية لفكرة (المقاومة)".وأضاف أن "الهدف الثاني من معركة خان يونس هو دفع سكان المدينة والقطاع للنزوح باتجاه رفح على الحدود المصرية".وأصدر الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة، تعليماته إلى سكان مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بالتوجه نحو مدينة رفح إلى الجنوب الغربي على الحدود المصرية.وقالت وزارة الصحة في غزة إن 50 فلسطينيا قتلوا وأصيب عشرات أخرين نتيجة القصف الإسرائيلي صباح اليوم الخميس في مناطق بيت لاهيا وخان يونس والمغازي، ليرتفع عدد القتلى الفلسطينيين في القطاع منذ بداية الحرب إلى أكثر من 21600.وأكد فرج أن "الجيش الإسرائيلي لا يستطيع تحمل عقبات حرب طويلة الأمد، كما أنه لا يستطيع تحمل ارتفاع عدد الخسائر البشرية بين صفوفه قواته".وأوضح أن "خسائر الجيش الإسرائيلي من الضباط منذ بدء الحرب هي الأكبر في أي عملية عسكرية".وبحسب بيانات الجيش الإسرائيلي، بلغ عدد القتلى من الضباط والجنود منذ بدء العملية البرية في 27 أكتوبر إلى 174 و936 مصابا، كما يرتفع العدد الإجمالي المعلن لقتلاه منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر إلى 502.(المشهد)