النجاح الهائل الذي حققته "هيئة تحرير الشام" التي تتزعم فصائل المعارضة السورية، في إسقاط نظام الأسد خلال أقل من أسبوعين، فتح الباب أمام تساؤلات عن طبيعة الدعم الذي كانت تتلقاه طيلة سنوات حكمها لشمال سوريا، وهو ما أشار محللون إلى أنه قد يشي بدعم أميركي محتمل، ساعدها على تحقيق كل ما وصلت إليه من إنجازات ميدانية في الأيام الأخيرة.وتعزز ذلك بإعلان الولايات المتحدة إلى احتمالية حذف اسم الهيئة عن قوائم الإرهاب، إلا أن مراقبين أشاروا أن هذا الدعم الأميركي كان لسوريا بشكل عام، في سعي القيادة الجديدة لتحقيق الاستقرار السياسي للانصراف إلى إصلاح الأوضاع الاقتصادية، التي دأب النظام السابق على تخريبها طيلة سنوات حكمه الـ54.إلى ذلك، سارعت وزارة الخارجية الأميركية عبر المتحدث باسمها ماثيو ميلر، إلى نفي هذه التحليلات، مشيرة إلى أن "واشنطن لم تقدم الدعم لهيئة تحرير الشام خلال هجومها الذي سيطرت فيه على مقاليد الأمور في سوريا، ولم تتوقع هذا الانهيار السريع للنظام السابق".إلا أن مسؤولًا رفيعًا في البيت الأبيض، أكد عزم واشنطن على الانخراط مع "هيئة تحرير الشام" كمظلة لمجموعات معارضة متنوعة، بما يخدم مصلحة الأمن القومي الأميركي، مشيرًا إلى ضرورة دعم الولايات المتحدة لسوريا في المرحلة الانتقالية، وهو ما أكده المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية في حديثه عن حاجة الشعب السوري لرسم مستقبله، بعد أكثر من 50 عامًا من حكم عائلة الأسد، مؤكدًا أن أميركا ستعمل مع شركائها في سوريا لمساعدتهم على اغتنام الفرصة وإدارة المخاطر.أميركا ستدعم "سوريا الجديدة"وللوقوف على آخر المستجدات في هذا الصدد، قال المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية سامويل وربيرغ لقناة ومنصة "المشهد": "نحن في الولايات المتحدة، سنبقى على تواصل مع كل الأطراف في سوريا، لأن الولايات المتحدة في نهاية المطاف، تريد أن ترى مستقبلًا أفضل للشعب السوري".وتابع قائلًا: "الأولوية الأولى بالنسبة للولايات المتحدة اليوم، هي مستقبل الشعب السوري ورؤية حكومة سورية مسؤولة وشفافة لديها الإمكانية لتسيطر على كل الأراضي السورية، ولديها الإمكانية لتوفير الخدمات الأساسية للشعب السوري وحماية سيادة البلاد، ووفقًا لذلك، لن تتجنب أميركا التواصل مع أي طرف من الأطراف المسيطرة حاليًا، إذا كان هذا التواصل سيؤدي إلى مستقبل أحسن للشعب السوري".التصنيفات والعقوباتوأضاف: "أميركا لا تستخدم العقوبات على أي بلد والتصنيفات على أي هيئة أو فرد، كهدف أو كنتيجة، بل تستخدمها كوسيلة من وسائل الضغط على فرد أو مجموعة أو أطراف دولية لتغيير سلوكهم، وشهدنا مؤخرًا على كل التطورات والتغييرات العميقة والجذرية التي جرت في سوريا، وأميركا لن تحكم استنادًا إلى الأقوال بل ستحكم استنادًا إلى الإفعال".وتابع "إذن أميركا ستراقب كل التفاصيل، بدءًا من احترام الأقليات في سوريا واحترام الحريات الفردية واحترام حقوق الإنسان وغيرها من الأساسيات لبناء المجتمع السوري مجددًا، التي في النهاية سيختارها الشعب السوري بنفسه، وبعد إسقاط النظام، ستعمل أميركا مع المجتمع الدولي على ضرورة إيصال ودخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا من جهة، وعلى تشكيل حكومة تدير البلاد من جهة أخرى".وعن إمكانية حماية أكراد سوريا من جانب أميركا، قال وربيرغ: "الولايات المتحدة ليس لديها أي نية تدخل في الشأن السوري الداخلي، ووجود عدد قليل من جنود الجيش الأميركي في الأراضي السورية بالتنسيق مع قسد، هو فقط لمحاربة "داعش"، بالتالي أميركا لن تتدخل بمستقبل سوريا ولكن في الوقت نفسه سنكون على تواصل دائم مع كل الأطراف محليًا وخارجيًا".وختم قائلًا: "الولايات المتحدة كدولة لا تشارك حدودًا جغرافية مع سوريا، ولكن ندرك أن مخاطر فراغ الأمن على الحدود، قد يؤدي إلى سيطرة مجموعة إرهابية مثل "داعش" من جديد، وفي الواقع، المخاطر من عودة هذا التنظيم المتطرف وتهديداته لا تزال موجودة، بالتالي هناك حاجة للجيش الأميركي أن يبقى في سوريا بتنسيق مع الأطراف والمجموعات المحلية الأخرى لمحاربته".(المشهد)