تعتبر إعادة هيكلة الجيش والمؤسسات الأمنية في سوريا أحد أبرز التحديات أمام القيادة السياسية الجديدة، حيث تسعى الحكومة السورية الانتقالية لبناء جيش موحد قادر على مواجهة التحديات الأمنية الداخلية والخارجية. وبعد تعهد قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بتوحيد الفصائل المسلحة تحت لواء جيش وطني موحد، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية، بأن الفصائل المسلحة اتفقت على حل نفسها والاندماج تحت مظلة وزارة الدفاع، وذلك عقب اجتماع قادتها مع الشرع. وقالت إدارة العمليات العسكرية في سوريا، إنه سيتم البدء بسحب السلاح الثقيل من قبل الإدارة، كما سيتم تجهيز أماكن مخصصة للبدء بعملية سحب السلاح الذي كان بحوزة النظام السابق. ويوم الأحد الماضي، قال الشرع خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية التركي في دمشق، إن الفصائل ستبدأ بالإعلان عن حل نفسها والدخول تباعًا في الجيش، ولكن المراقبين يرون أن بعض الفصائل المسلحة ارتكبت انتهاكات ولديها أجندات خارجية وربما توجهات ذات "صفة إرهابية"، ناهيك عن الإيديولوجيات المختلفة والمتقاطعة لقادتها. لذلك يبقى التساؤل بشأن القدرة على الالتئام في جيش مهني وطني وموحد. ولا تقتصر هذه التحديات على دمج الفصائل المسلحة فحسب، بل تشمل أيضا التعامل مع المجموعات في شمال شرق سوريا، مثل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي يقدر عددها بنحو 80 ألف شخص وتتمتع بنفوذ قوي وتطالب بنوع من الحكم الذاتي، وهو ما قد يتعارض مع مشروع الدولة المركزية الذي تنادي به الحكومة المؤقتة.ضرورة ملحةولمناقشة هذه التطورات على الساحة السورية، قال الخبير العسكري والاستراتيجي العميد أسعد الزعبي لقناة "المشهد": "هناك ضرورة ملحة لتشكيل جيش وطني بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، جيش يدافع عن الوطن وعن أبنائه، ومن الضروري حقيقة أن تكون نواة هذا الجيش من الضباط المنشقين أصحاب الخبرة، الذين انشقوا وأعطوا للثورة الغطاء الأخضر، وحقيقة أننا لا نشهد انقلابات، بل ما يجري على الأرض هو ثورة شعبية، بالتالي ينبغي أن يكون هؤلاء الضباط على قمة أو على رأس هذا الجيش".قضية الفصائلوأشار إلى أن هناك عناصر منشقة سواء كانوا أفرادًا أو ضباطًا، يضاف إليهم مجموعة من الفصائل الأخرى، مؤكدا أن قضية الفصائل التي ينبغي أن تمر بـ3 مراحل:المرحلة الأولى: هي مرحلة تسليم السلاح وهذا السلاح ملك الدولة وليس ملك أي شخص معين.المرحلة الثانية: مرحلة حل الفصائل، التي شُكلت من أجل تحرير سوريا، وينبغي أن تحل نفسها باعتبار أنه تم تحرير غالبية المناطق في البلاد باتجاه المنطقة الشمالية الشرقية، التي ينبغي أيضًا تحريرها من العصابات المسماة بين قوسين "قسد"، وهم ليسوا سوريين في الأصل بل غرباء على المنطقة.المرحلة الثالثة: مرحلة التحديات الكبيرة التي سيواجهها الجيش الموحد، والتي ينبغي أن تتماشى مع القدرات القتالية حاليًا للجيوش، مع الحفاظ على الصفات الحالية لجيش النخبة، وينبغي أن لا يكون عدده كبيرًا وأن يكون مكانه على حدود الوطن وليس بداخل الوطن، وأن لا يكون له أي انتماء سياسي، بل انتماؤه هو حب الوطن والدفاع عنه.وعن عدم إمكانية بناء جيش موحد إلّا ضمن دولة مدنية علمانية تحترم جميع الطوائف والأعراق ومختلف الإيديولوجيات، قال الزعبي: "ما نطلبه هو دولة مدنية ديمقراطية، وأستغرب من هذه التسميات التي بدأت تنتشر، كمصطلحات علمانية وطائفية، نريد دولة ديمقراطية مدنية فقط، تشمل كل المكونات والحريات وهذا يكفي، ونتساءل لماذا لم تطالب هذه المجتمعات التي تنادي اليوم بالعلمانية، بشار أو حافظ الأسد الذي كان يدير دولة استبدادية أمنية غير ديمقراطية بتطبيق هذه المصطلحات".وأضاف: "الجيش الموحد ليس له أي مصلحة في أن يكون في القيادة، وأنا ضد الحكم العسكري ومع الحكم المدني، ومكان الجيش على حدود الوطن من الخارج، فعندما يتصادم السياسيون في الداخل، هذا شأنهم في التعبير، أما هدف الجيش هو حماية الوطن السوري وحماية المواطنين وهو الهدف الأول والنهائي لهذا الجيش، الذي سيحتاج بناؤه إلى مراحل وتحديات كبيرة لن تتحقق بين يوم وآخر".وتابع: "الجيش السوري القادم سيكون العصا التي يحميها أو يحملها المواطن السوري للدفاع عن حدود الوطن، هكذا سيكون الجيش السوري، هذه حدوده وهذه أهدافه، وسيكون عونًا للدول العربية الشقيقة، وهم سيكونون عونًا لنا، من خلال الاستعانة بخبراتهم".(االمشهد)