استهدفت موجة جديدة من الضربات الجوية الضاحية الجنوبية لبيروت في الساعات الأولى من اليوم السبت، مع تكثيف إسرائيل هجماتها على "حزب الله"، بعد ضربة ضخمة على مركز قيادة الحركة المدعومة من إيران والتي استهدفت على ما يبدو أمينها العام حسن نصر الله. وسمع شهود من رويترز أكثر من عشرين ضربة جوية منفصلة قبل فجر اليوم السبت. وتجمع آلاف اللبنانيين في الساحات والمتنزهات والأرصفة في وسط بيروت والمناطق المطلة على البحر، بعد أن تركوا منازلهم في الضاحية الجنوبية. وهزت ضربات عنيفة جنوب بيروت أمس الجمعة أيضا. ولم يتسن الحصول على تأكيد فوري بشأن مصير نصر الله، لكن مصدرا مقربا من "حزب الله" قال إن الاتصال مقطوع معه. ولم تصدر الجماعة أي بيان. ولم تقل إسرائيل حتى الآن إنها كانت تستهدف نصر الله، لكن مسؤولا إسرائيليا كبيرا قال إن كبار قادة "حزب الله" كانوا مستهدفين. وقال المسؤول الإسرائيلي للصحفيين ردا على سؤال عما إذا كان الهجوم الذي وقع أمس الجمعة قد أدى إلى مقتل نصر الله "أعتقد أنه من السابق لأوانه قول ذلك... في بعض الأحيان يخفون الحقيقة عندما ننجح". وفي وقت سابق، قال مصدر مقرب من "حزب الله" إن نصر الله على قيد الحياة، كما ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء أنه بخير. وقال مسؤول أمني إيراني كبير إن طهران تتحقق من وضعه. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه قتل قائد وحدة الصواريخ في "حزب الله" محمد علي إسماعيل ونائبه حسين أحمد إسماعيل. ارتفاع عدد القتلى جاء القصف الأخير بعد ساعات من تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الجمعة بأن لبلاده الحق في مواصلة الحملة. وأضاف "ما دام "حزب الله" اختار طريق الحرب، فلا خيار أمام إسرائيل، ولها كل الحق في إزالة هذا التهديد وإعادة مواطنينا إلى ديارهم آمنين". وغادرت عدة وفود القاعة عندما اقترب نتانياهو من المنصة بينما ردد مؤيدون هتافات، وفي وقت لاحق قطع زيارته إلى نيويورك ليعود إلى إسرائيل. ويمثل هجوم أمس الجمعة، وهو الأقوى على الإطلاق الذي تشنه إسرائيل على بيروت خلال ما يقرب من عام من الحرب مع "حزب الله"، تصعيدا حادا في الصراع الذي شهد تبادل إطلاق الصواريخ والقذائف يوميا بين الجانبين.وأكدت السلطات الصحية اللبنانية مقتل 6 أشخاص وإصابة 91 آخرين في الهجوم الذي وقع أمس الجمعة، وهو الرابع على الضاحية الجنوبية التي تسيطر عليها جماعة "حزب الله" في بيروت خلال أسبوع والأعنف منذ حرب عام 2006. لكن الحصيلة النهائية للقتلى والمصابين أعلى من ذلك بكثير على ما يبدو. ولم ترد أنباء عن سقوط قتلى ومصابين في الضربات اللاحقة. وقالت السلطات إن أكثر من 700 شخص قتلوا في ضربات خلال الأسبوع الماضي. وذكرت قناة تابعة لـ"حزب الله" أن سبعة مبان دمرت. وقالت مصادر أمنية في لبنان إن الهدف كان منطقة يتواجد فيها عادة كبار مسؤولي الحزب.وبعد ساعات، طلب الجيش الإسرائيلي من السكان في أجزاء من الضاحية الجنوبية لبيروت إخلاء مناطقهم، بينما استهدف منصات إطلاق صواريخ ومواقع تخزين أسلحة قال إنها تحت مساكن مدنية.ونفى "حزب الله" في بيان له وجود أي أسلحة أو مستودعات للأسلحة في المباني التي تعرضت للقصف في ضاحية بيروت الجنوبية. وقال علاء الدين سعيد، أحد سكان الحي الذي حددته إسرائيل كهدف، إنه فر مع زوجته وأطفاله الثلاثة. وأضاف "علمنا بالأمر من خلال التلفزيون. حدثت ضجة كبيرة في الحي". وأخذ أفراد الأسرة ملابسهم وأوراق هويتهم وبعض النقود، لكننا علقنا في حركة المرور مع آخرين يحاولون الفرار". وأضاف "سنذهب إلى الجبال. سنرى كيف سنقضي الليل وسنرى غدا ما يمكننا فعله". نزح نحو 100 ألف شخص في لبنان هذا الأسبوع، مما يرفع إجمالي عدد النازحين في البلاد إلى أكثر من 200 ألف. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية أن إعادة نحو 70 ألف إسرائيلي نزحوا من منازلهم هو أحد أهداف الحرب. مخاوف من اتساع نطاق القتال أطلقت جماعة "حزب الله" مئات الصواريخ والقذائف على أهداف في إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب. وقالت إنها أطلقت صواريخ أمس الجمعة على مدينة صفد في شمال إسرائيل، حيث عولجت امرأة من إصابات طفيفة. ونجحت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية حتى الآن في ضمان أن تكون الأضرار ضئيلة. وأدى التصعيد الأخير إلى زيادة المخاوف من احتمال خروج الصراع عن السيطرة، مما قد يؤدي إلى جذب إيران، الداعم الرئيسي لـ"حزب الله"، وكذلك الولايات المتحدة. واتهمت إيران، التي قالت إن الهجوم تجاوز "الخطوط الحمراء"، إسرائيل باستخدام صواريخ أميركية "خارقة للتحصينات" في الضربة التي وقعت أمس الجمعة. وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن واشنطن لم تكن على علم مسبق بالضربة، وإن الرئيس جو بايدن يتابع التطورات. وفي الأمم المتحدة، حيث تنعقد الاجتماعات السنوية للجمعية العامة، أثار تكثيف القتال تعبيرات عن القلق، بما في ذلك من جانب فرنسا، التي اقترحت مع الولايات المتحدة وقف إطلاق النار لمدة 21 يوما. وقال مبعوث فرنسا لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفييه في اجتماع لمجلس الأمن "يجب وضع حد لهذا الأمر على الفور". وفي مؤتمر صحفي في نيويورك، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "نعتقد أن الطريق إلى الأمام هو من خلال الدبلوماسية، وليس الصراع.. وسنواصل العمل.. مع جميع الأطراف لحثهم على اختيار هذا المسار". بدأ “حزب الله” أحدث جولة من الصراع المستمر منذ عقود بإطلاق وابل من الصواريخ على إسرائيل مباشرة بعد الهجوم الذي شنته حركة "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر.(رويترز)