تنعى منصة وقناة "المشهد"، بمزيد من الأسى والحزن، زميلنا الصحفي محمد بعلوشة، مراسلنا في غزة، الذي ارتقى ضحية غارة إسرائيلية استهدفت حي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة، أثناء عودته إلى منزله.كان الزميل بعلوشة مثالا يحتذى به للصحفي المثابر، الذي يخرج يوميا من منزله، كبقية زملائه الصحفيين في غزة، مخاطرا بحياته لنقل الحقيقة.الزميل بعلوشة كشف المجزرة التي وقعت في مستشفى النصر بحق أطفال خدج، حيث وثق فظاعتها بكاميرته، ونقلها عبر قناة المشهد إلى الرأي العام العالمي. وقد تردد صدى تلك المجزرة في عشرات القنوات العالمية، من أمريكا وأوروبا إلى الدول العربية.منذ ذلك الحين، أصبح بعلوشة مستهدفا من إسرائيل. ونجا من محاولة تصفية أولى اقتصرت إصابته البالغة فيها على قدمه. ومع ذلك، رفض مغادرة غزة للعلاج في الخارج، وأصر على البقاء في أرضه ليكون صوت أهله الغزاويين وعيونهم، ينقل أنينهم ومعاناتهم إلى العالم.لكن، وبكل أسف، كانت المحاولة الثانية قاتلة. ارتقى بعد ظهر يوم السبت، الموافق 14 ديسمبر 2024، لينضم إلى عدد كبير من زملائه الإعلاميين الذين سبقوه على هذا الطريق.الوجع في المشهد كبير، ولكن الوعد لبعلوشة، ولكل الرفاق، أن يبقى الصوت عاليا، وأن تظل الحقيقة أولويتنا. سنقول لمن أصر على قتل الجسد، إن صوت الروح سيبقى ليخبر عن جرائمكم.وإذ تتوجه قناة ومنصة المشهد بالإدانة الشديدة لهذا العمل الإجرامي، فإننا نطالب بفتح تحقيق فوري ومباشر لكشف ملابسات هذه الجريمة ومعاقبة مرتكبيها، آملين ألا تلقى نفس مصير الجرائم التي سبقتها.رحم الله زميلنا محمد بعلوشة. خالص العزاء لعائلته، زوجته، وأطفاله الثلاثة، وأهله. وصية محمد بعلوشةوبعد أن استهدفه الجيش الإسرائيلي بغزة، كشف مراسل "المشهد" محمد بعلوشة للإعلامي طوني خليفة، عن وصيته.بعلوشة قال يومها: "في كل يوم كنت أفكر كثيرا في الموت وفي كل يوم كنت أحاول أن أكتب وصيتي، لم أكتبها على الموبايل بل على الورق، وبعد ذلك أمزقها وأقول لنفسي: "سأحاول وأقاتل وأبقى".ماذا كتب بعلوشة في وصيته؟ أشار مراسل "المشهد" إلى أنه كتب في وصيته قائلا: "أنا أسامح الجميع ومن كان له مظلمة عندي فإنني أوصي زوجتي وأخي الوحيد أن يردوها له".وتابع "كتبت رسالة لأصدقائي وزملائي ثم مزقت الورق ورميته، وأعود لأقول لنفسي لماذا أفكر بهذا التفكير يجب أن أعود مرة أخرى وأتشبث". وأضاف علوشة "كتبت لأمي أن تسامحني إن قصرت يوما بحقها وأن تدعو لي في مماتي وأن تزرع بأطفالي ما زرعته بي من مشوار التضحية".وكان بعلوشة قد تصدر الأخبار حول العالم، عقب كشفه مصير الأطفال الخدج بمستشفى النصر في غزة. آخر ما كتبه محمد بعلوشةوكان آخر ما كتبه محمد بعلوشة على حسابه بموقع "فيسبوك": "نحن خاسرون في كل الأحوال مهما كانت الصفقة التي تصبون إليها، خسرنا الأرواح والممتلكات والقيم والأحاسيس والمشاعر، كل يوم نخسر بقهرنا وحسرتنا والناس تغرق وتقشعر أبدانها من البرد وتقرقع بطونها من الجوع، لست انهزامياً بقدر ما أحاول أن أكون واقعياً، لذلك من الأفضل التعاطي مع كل ما يطرح لوقف الحرب حتى لو كان تحصيل المطالب بالتدريج، ولكم في لبنان خير مثال".وتابع "حفظ ما تبقى من أرواح وممتلكات مكسب، حفظ كرامة الناس التي تُهان كل ساعة مكسب، حفظ الأجيال الصاعدة من الضياع مكسب".(المشهد)