على وقع طبول الحرب الإسرائيلية، وتنامي الخشية من اتساع رقعة نار المواجهة الشاملة، شيّع أهالي بلدة مجدل شمس في الجولان، جثامين 12 طفلاً، لمثواهم الأخير، فيما يمكث 30 طفلاً في المستشفيات، جراح غالبيتهم بالغة.وطرد عدد من أهالي بلدة مجدل شمس وزراء في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء كنيست حضروا للتشييع، وهاجم شبان من البلدة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وصرخوا بوجهه "ارحل من هنا يا مجرم، لا نريدك في الجولان". وطالبت القيادة الدرزية في الجولان المحتل، والعائلات الثكلى، الوزراء الإسرائيليين عدم استغلال الواقعة لأهداف سياسية وأجندة إسرائيلية، وعدم الحضور للعزاء في بين الشعب. من جانبها، أوردت تقارير ميدانية رسمية بأنه "لم يتضح لماذا لم تعترض الدفاعات الجوية الإسرائيلية القذيفة الصاروخية، فلا يمكن التأكد إذا كانت الضربة لمسيرة، أو قذيفة، أو صاروخ اعتراضي من القبة الحديدية". وفي هذا السياق، لم تتخذ السلطات الإسرائيلية قراراً نهائياً لحجم الضربة المحتملة على لبنان بحجة الرد المرتقب على إطلاق صاروخ تقول أن مصدره من "حزب الله"، وتسبّب بمقتل الأطفال في ملعب بمجدل شمس، واقعة نفى الحزب مسؤوليته عنها نفياً قاطعاً. بالمقابل، أشار وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت بأن اتجاهات الرد ستتم بعيد عودة نتانياهو من الولايات المتحدة، وتوالت التصريحات الرسمية وردود الأفعال الإسرائيلية بالتهديد والوعيد بالرد المزلزل والانتقام من "حزب الله" وجعل لبنان يدفع الثمن غالياً. حرب شاملة بين "حزب الله" وإسرائيلوغداة واقعة مجدل شمس، يصل نتانياهو عائداً من الولايات المتحدة، الذي مكث فيها مطولاً في خضم الحرب، وطالته انتقادات إسرائيلية لاذعة حول مسؤوليته عن التدهور الخطير، واحتمالية التورط في جبهة حرب في الشمال من دون تحقيق أهداف الحرب في قطاع غزة، بات القلق يسيطر على الإسرائيليين من نشوب حرب مدمرة. وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن لمنصة "المشهد":هناك مطالبات حثيثة في إسرائيل لتوجيه رد إسرائيلي عسكري قاسي على "حزب الله".ليس واضحاً حتى اللحظة إن كنا سنرى الرد الإسرائيلي في الوقت الحاضر.خصوصا أن قوات الجيش الإسرائيلي استهدفت الليلة 7 مواقع تابعة لـ"الحزب". واستكمل شتيرن حديثه لـ"المشهد" قائلاً:أعتقد بأن إسرائيل لا تريد أن تنجر إلى حرب واسعة ومفتوحة مع لبنان بسبب هذه الحادثة. وعلى الأرجح تفضل اختيار التوقيت والمكان المناسب للضربة المرتقبة، لا أن تنجر وراء عمليات "حزب الله".وبالتالي سوف تبادر متى وكيف تريد وفقاً لما تراه مناسباً، الآن يتم ضبط النفس وليس فتح جبهة كاملة. وتتنافس جهات رسمية وغير رسمية، وأوساط الائتلاف والمعارضة الإسرائيلية في الدعوات للرد والانتقام من "حزب الله"، فيما دعت جهات واسعة من المراقبين في إسرائيل، الحذر من الانزلاق في حرب شاملة تفرض على الإسرائيليين وتؤذيهم. وبحسب الخبير العسكري الإسرائيلي إيال عاليما، أشار لمنصة "المشهد"، بأنه "يبدو جلياً من خلال التصريحات الرسمية، ومطالب الإسرائيليين، بضرورة تنفيذ هجوم عسكري واسع على "حزب الله" وأهداف في لبنان كعملية إلزامية، ولكن هناك ثمن سندفعه لهذا التصعيد، لأن شن حرب شاملة على لبنان ستستمر لأشهر طويلة، وستكون البلاد والجبهة الداخلية الإسرائيلية تحت مرمى النيران في كل لحظة، فيما الموارد مخصصة للحرب على "حماس" في قطاع غزة، وهذا يعكس غياب السياسات ومن يقف على رأسها". وأضاف الخبير العسكري عاليما لـ"المشهد"، بأنه "من الممكن أن تقوم قوات الجيش الإسرائيلي بحشر "حزب الله" في الزاوية عبر أيام ولحظات قتالية، من دون الانجرار لحرب شاملة، لكن هذه المهمة القتالية تبقى مقامرة ومن الصعب السيطرة على نتائجها، كما أن الفشل في التوصل لصفقة الرهائن الإسرائيليين ووقف إطلاق النار مع "حماس" في قطاع غزة، سوف يزيد تعقيد الوضع في شمال إسرائيل".الرد على هجوم مجدل شمسمن جانبه، وصف الأكاديمي والمحلل السياسي د.أحمد رفيق عوض لمنصة "المشهد" بأن السلطات الإسرائيلية تستغل واقعة مجدل شمس لمصلحتها السياسية، "إسرائيل تريد هذه الحادثة من أجل أن تحشد الرأي الدولي، وتقنع الإدارة الأميركية باتفاق صفقة مع "حماس" وفقاً لشروطها، وتسعى لتعديل الأوضاع في لبنان، لأنها باتت بالنسبة لها مزعجة". ويعتقد المحلل السياسي د.عوض بأن "ردود الأفعال الإسرائيلية تأتي في إطار حشد الرأي الداخلي للرد على "حزب الله"، لكن الرد الإسرائيلي العسكري المرتقب، سيكون محسوباً ومنضبطاً عن المألوف، لأن إسرائيل ووفقاً للمعطيات الرسمية فيها لا تحتمل رد الحزب، لهذا السبب لا تريد فتح حرب إقليمية، خصوصا وأنا ضحايا مجدل شمس ليسوا من اليهود". وختم قوله لـ"المشهد" بأن "إسرائيل ورغم لهجتها التصعيدية، ومحاولتها استغلال حادثة مجدل شمس، إلا أنها تدرك تماماً بأن أي تصعيد عسكري من قبلها، سوف يقابلة رد وتصعيد من قبل "حزب الله"، لذلك سوف يكون ردها موزون وضمن المعادلة القائمة، حيث سيصيب جبهتها الداخلة ما لا تطيق احتماله إن وسعت الحرب". (المشهد)