تحولت أنظار اللبنانيين في اليوم السادس من عملية "طوفان الأقصى" نحو الحدود الجنوبية وحركة ميدانها، وسط سياسة إرباك الجبهة الشمالية الإسرائيلية التي يتّبعها "حزب الله" أو عبر نشر معلومات مضلّلة. النشاط الميداني هذا قابله نشاط دبلوماسي أميركي كبير على مستوى وزراء الخارجية الأميركية في مصر، والأردن والعراق ولبنان، في وقت يزور فيه وزير الخارجية الإيراني بيروت. وتردد أن "السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا نقلت أمس رسالة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري مفادها بأنه لا يكفي أن يتعهد لبنان بعدم مشاركة حزب الله في الحرب، بل عليه منع أي من الفصائل الفلسطينية التابعة لإيران من استخدام الجنوب ضدّ إسرائيل، لأن الرد سيكون قاسياً على لبنان".تحذير أميركي إلى لبنان: الرد سيكون قاسياًهذا الجو نقله أيضاً الخبير العسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب، في حديث مع قناة ومنصة "المشهد"، مشيرا إلى أن "حزب الله يعتمد أسلوب الإرباك وفي حال تعرض لقصف مباشر وذهب له ضحايا يرد بالمباشر كما شاهدنا الثلاثاء والأربعاء".وفي السياق، أكد ملاعب أن "حزب الله" يمتلك القدرة العسكرية لخفض التصعيد على جبهة غزة، وله ظهير محور مقاومة طويل لا ينتهي في سوريا والعراق وصولا إلى إيران، ولحزب الله صواريخ دقيقة الإصابة وطويلة المدى ويمكن أن يُربك بسُرعة وغزارة منصات صواريخه وأن يستنفد قدرات القبة الحديدية وأن تتفلت صواريخ منها باتجاه أهدافها، وإذا ما تمكن من قصف مطارات عسكرية، يستطيع أن يُربك كثيرا القوة الإسرائيلية الجوية التي تعتمد عليها إسرائيل. ورأى ملاعب في استحضار الـ40 قطعة عسكرية أميركية بحريّة بالإضافة إلى حاملة طائرات وحاملة أخرى، تحضير للرد على أي تطور عمليّاتي يقوم به "حزب الله". ولفت إلى أن "هناك نشاطا ديبلوماسيا أميركيا كبيرا على مستوى وزراء الخارجية الأميركية في مصر والأردن والعراق، وفي لبنان كُلفت السفيرة الأميركية دوروثي شيا أن تُوجّه رسالةً بهذا الاتجاه، معتقدا أنها مقبولة لبنانيًا لأن لبنان دفع ثمن جر حزب الله إلى حرب تموز 2006 التي أعادت لبنان 10 أعوام إلى الوراء، وما زلنا ندفع ثمن هذه الحرب ولسنا مستعدين لدفع ثمن جديد". وأضاف: "من يتكلم حاليا مع حزب الله وهو يمثل السلطة هو الرئيس نبيه بري". وعن فتح الجبهات في سوريا وتدخل الحشد الشعبي العراقي لإنقاذ غزة، قال ملاعب: "الجبهات من سوريا أو من الحشد الشعبي مماثلة لما يتصرف به حزب الله ليس أكثر، الموضوع هو انتظار جميع هذه الجبهات لما يجري في غزة وما يهدد به نتانياهو من عمل انتقامي، فإذا اعتمد خطة التهديم الممنهج لأحياء كاملة في غزة من دون غزو المنطقة، عندها يمكن أن يكون سبيل نتانياهو عبر الحصول على مشروعية من دول الغرب للرد الانتقامي على ما تعرض له شعبه في المناطق المحتلة". وتابع ملاعب: "إذا ما تطور الأمر وفق التهديد الإسرائيلي على لسان نتانياهو بأن ما تشاهدونه هو بداية مرحلة جديدة لشرق أوسط جديد يعني إذا تمكن من إنهاء قدرة المقاومة في غزة ممكن أن يقوم هو بفتح النار باتجاه لبنان وسوريا، وهنا لن يسكت لا الحشد الشعبي ولا حتى من أسس هذا المحور وسمى نفسه جيش القدس، ولن يسكت على تطوير نتانياهو للوضع مستفيدا من وجود الأميركي". تدمرت غزة ولم يتدخل "حزب الله" وفي هذا الإطار، تحدث الخبير العسكري العقيد السابق جوني خلف عن تحذيرات إلى "حزب الله" من الخارج ومن الأحزاب في لبنان والسياسيين الكبار من فتح جبهة أو ثغرة في الجنوب خصوصا وأن "القرار اليوم ليس لديه بل لدى إيران". ورأى خلف في حديث مع قناة ومنصة "المشهد" أن "الحرب اليوم نفسية أكثر، وما يحدث جنوبا يقتصر على مناوشات محدودة، لأن الحرب تحتاج إلى تمويل وليس هنالك من يمويل". وأكد أن "العملية اليوم محصورة بالكرّ والفرّ ولن يكون هناك من معركة وجود ولا مؤشر لعمليات أكبر مما يحصل، وهذا ينطبق على الجنوب والجولان"، مضيفاً: "بتنا في اليوم السادس وغزة باتت في دمار شامل، ولم يدخل حزب الله الحرب!".ولفت خلف إلى أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قام باتصالاته اللازمة في الخارج واستقبل سفراء دول كبرى وكان لديه زيارة لرئيس مجلس النواب نبيه بري بهدف تحييد لبنان عن الصراع القائم، مشددا على أن "كافة الأحزاب والكتل تعطي الحق للفلسطيني بتحقيق سلام وأرض ودولة، وفي الوقت نفسه تقول نحن في لبنان في ظل الوضع القائم والتداعيات الاقتصادية والمالية لا قدرات لنا على فتح أي جبهة في الجنوب". كما كشف خلف عن تنبيهات على الصعيد الأميركي والفرنسي لكي لا ينجرّ لبنان إلى حرب لا دخل له بها، مؤكدا أن "حرب تموز 2006 لن تتكرر اليوم". ورأى خلف أن "حزب الله" حتى اليوم يحضّر لمناوشات محصورة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا، أي المنطقة المحتلة المتاخمة للحدود، معتبرا أن "الحزب لن يدخل بمعركة برية مع الجيش الإسرائيلي لتخفيف التوتر أو حدة الاشتباك مع غزة، والإسرائيلي مستدرك للموضوع على أي حال، وهو حشد على الحدود 100 ألف عسكري مع آلياتهم تحسبا لأي طارئ في حال ضم الساحات.وشدد خلف على أن هناك ضغوطا على "حزب الله" لعدم المغامرة مع كل تطوّر قد يحصل في غزة و"فتحه للمعركة لا يعني إنقاذه لغزة"، فغزة بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي باتت مسألة حياة أو موت، فهو لم يتقبل بعد الضربة القوية التي تعرض لها، وهو يريد استرداد معنويات جيشه ولن يسكت على ما حصل وهناك نية بالقضاء على "حماس". هل تشتعل جبهة سوريا مع إسرائيل؟ وأوضح خلف أن في سوريا هناك دولة وكذلك في العراق ولبنان، وبالتالي هذه الدول لن تسمح بترك الحدود، مستبعدا فتح جبهة سوريا مع إسرائيل وانضمام الحشد الشعبي إليها، لأن لا مصلحة لأحد أن تُفتح جبهات في ظلّ الإمكانات الضئيلة.في المقابل، اعتبر الرئيس التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري "إينيغما" رياض قهوجي من جهته في حديث لقناة ومنصة "المشهد"أن "فتح الجبهة السورية لها عواقب كبيرة على النظام السوري والأخير يدرك ذلك"، ولا يعتقد قهوجي أن "روسيا ستحبذ فتح هذه الجبهة خصوصا مع الوجود الأميركي ووصول حاملة القاتلات الأميركية، فإن إسرائيل لا تقاتل وحدها، أما الحشد الشعبي إذا أراد القتال فسيكون تحركه ضمن ضبط الإيقاع ولا يمكنه فتح جبهة من دون موافقة سوريا والنظام والروس وحزب الله". ورأى قهوجي أن "الموضوع يقتصر على المناوشات ولا يمكن التكهن بمجريات الأحداث لان الحسابات تتغير مع تسارع التطورات في غزة وعلى الساحة الإقليمية". (المشهد)